08 / 05 / 2021, 06 : 10 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
موظفة إدارية-قطاع التعليم العالي-حاصلة على الإجازة في الأدب العربي
|
السيدة كورونا
السيدة كورونا
تشرفت بقاع العالم بزيارة السيدة كورونا؛ فكان أن نال من اشتهت ضيافتهم نصيبه من تحياتها المختلفة، فمنهم من شدت على رأسه؛ فأصابه دوار، ومنهم من هشت على أمعائه؛ فلزم الحمام، ومنهم من جثمت على صدره فأصابه اختناق، ومنهم من زاوجت له التحية؛ فرقص من شدة الوجع؛ ومنهم من كانت معه سخية؛ فخصت له كل التحيا؛ مما أوداه إلى المستشفى.
المهم ضيفتنا كورونا؛ بجلال حضورها أرهبت مستقبليها ومخالطيهم، ومخالطي مخالطيهم، وكل من لهم أو ليس لهم الحق عليهم، وليس الذنب ذنبها، ولم تظلم أحدا.
كورونا في الواقع تحب السبات العميق؛ كانت نائمة فأيقظها الغول، فأحالت كسلها إلى نشاط دائم؛ حالها حال النملة الشغالة؛ لا تسد باب رزقها ما دام الجو يلائمها، ومع حضورها كثر القيل والقال، ووقع الناس في حيرة السؤال، واهتزت الدول كل أراد أن يفوز بأسبقية ردعها؛ لأنها تجاوزت حد الضيافة، ونشبت مخالبها تريد ضمان الإقامة، وفي دهاليز نيتها تطبخ فكرة الاستيطان؛ لتؤمن لسلالاتها دوام السكن مع الأمن والأمان، وإن أحد عارضها تخصب حشاها، وتلد من صلبها كل قاتل ومدمر، والحق كل الحق معها، ألم تكن خامدة فحركوها؟ ألم تكن جامدة فأحيوها؟ فلا لوم عليها، وليركب كل خيله لمنازلتها، ولننظر من سيضع السلاح؛ هي طبعا لها جنود متجانسة متلائمة، تساند بعضها البعض؛ إن ضعفت أولاها تستدعي تابعتها لمواصلة النزال، والمغضوب عليهم؛ لا ترابط بينهم كل في فج سحيق القرار؛ لا يستقر على رأي، دائمي التناوش فيما بينهم، هدفهم الاستباق لإيجاد الحل المستقل، لا الاتفاق على منازلة كورونا والقضاء عليها، وهي نقطة ضعف استغلتها العدوة؛ فانتشرت في الميدان، وأصابت القاصي والداني، وعرقلت حلول القضاء عليها من باب أنانية المتنافرين وعنادهم.
فكانت من نتيجة نجاح كورونا؛ أن أوصدت كل الأبواب؛ ابتداء من بيوت السكن وانتهاء بأبواب الرزق؛ فجاع من جاع، وتمرد من تمرد، وزاد الطين بلة أن خلخلت عدة نقط؛ منها الصحة والتعليم، فتكدست المستشفيات وبان ضعفها من الخصاص في كل مواردها، وهزل التعليم بالدراسة عن بعد، فكان للغول ما أراد، أدار رحاه الأزلية لإبادة العباد، وأحسن الرمية فأصابت حصاه، وضلت جياع الكراسي فارغة الأفواه.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|