عرض مشاركة واحدة
قديم 25 / 08 / 2021, 55 : 02 PM   رقم المشاركة : [8]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: المالكي المواطن المناضل

اقتباس
 مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد
كان عبد الحميد يتحدث ومدرسته تسمعه، وإن كانت قد شردت قليلا وهي تفكر كيف أنها لم تحصل من جديها على معلومات حول ما أسدوه من خدمة للوطن، وكيف عايشوا تلك الفترات العصيبة، ما الذي يحتفظون به من ذكريات المسيرة الخضراء، حتى إن من يتحدث عن خديجة أغربي جدة أمها، لا يذكر إلا أنها كانت مقاومة، وكان كل أهل المدينة حين يرغبون في إخفاء السلاح، يخفونه ببيتها، ولطالما تنكرت وخرجت من بيتها والسلاح مخبأ بجلبابها أو تحت خمارها، وكذلك بعض الأوراق السرية، لتوصل كل ذلك إلى خلايا الشباب الذين اتخذوا من مكان خفي ما مخبأ سريا لهم يجتمعون فيه للاتفاق عما سيقومون به ضد العدو المستعمر. ثم فكرت المدرسة في جديها أيضا وما قيل عنهما ، لكنها لا تملك دلائل على ما تعرفه عن أجدادها، بينما تلميذها الآن، يقول لها:
‌_ جدي كتب سيرته الذاتية، وأنا أريد أن تشتهر هذه السيرة، وأن يصبح جدي مشهورا.
‌_ جميل! فكرة جيدة بل رائعة، أشجعك على تحقيقها..
‌_ لكن! كيف سأكتبها؟
_‌ أ لم تقل إنها مكتوبة؟ أعتقد قد تحتاج لتنقيح وتدقيق لغوي فقط ثم تنشر.
‌_ بل يجب إعادة كتابتها بشكل جيد ، وأنا لا أعرف كيف؟!
_‌ إذن لن تنشر السيرة باسم جدك، قد تنشر باسمك مثلا إن كتبتها، وستجعلها سيرة غيرية، وهكذا ستكون أنت وجدك مشهورين ، أنت الكاتب، وجدك البطل.
وهنا أشارت خولة مدرسته إلى رواية " جئت لا أعلم" للكاتب المغربي " أحمد كمال العلمي" الذي يبدو أنه لم يكتب غير هذه الرواية المشوقة التي وعد بجزء ثان لها فما تحقق هذا الوعد على الأغلب، ذلك لأن الكاتب كان يكتب بلسان أنثى،وكانت الرواية تظهر حقيقية واقعية، خاصة أنه جعل لها مقدمة يقول فيها إن صاحبة القصة كتبت سيرتها الذاتية، وجاءت إليه تطلب منه أن يعدلها ويصحح أخطاءها ثم ينشرها عسى أن تنفع تجاربها القراء ويتخذوها عبرة، ومع أنه أستاذ إنجليزية إلا أنه وافق على طلبها وقد اتفقا أن يستبدل اسمها وأسماء جل الشخصيات بأسماء مستعارة،بينما عبد الحميد طبعا يمكنه فعل ذلك مع الاحتفاظ بالأسماء الحقيقية، هنا قال عبد الحميد :
_ أتسمحين يا أستاذة أن تخلدي أنت اسم جدي؟
_ أنا؟! ولكني لست كاتبة، حتى إن كتبت بعض الأحرف فلم يسبق لي أن نشرت كتابا ورقيا يوما ..
ولكني لا يمكن أن أثق في شخص غيرك، ولا أريد أن يخلد اسم جدي إلا بأسلوبك.. أنت من ستفعلين ذلك...
_ صحيح أني أكتب بموقع أدبي ، ولكنها كلمات بسيطة جدا، وأنا . ...
كانت خولة كأنها تتهرب من هذه المهمة رغم أنها أحبتها، وتسائل نفسها، كيف ستنشر سيرة جد تلميذها، وهي التي لا تعرف عن دور النشر شيئا، ولم يسبق لها أن حاولت أن تصل لدار نشر، لكن تلميذها رد سريعا:
_ يمكنك نشرها بذاك الموقع الذي تكتبين فيه، أو بأي مكان أحببته أنت، المهم عندي أن تصل سيرة جدي لقراء آخرين.
ابتسمت موافقة وأحضر لها الأوراق التي كتبها جده، كانت مرقونة بآلة الطباعة القديمة (dactilo)، وعرفت منه أنه كان يملي على شخص آخر ما يكتبه.
وقالت لتلميذها إنها منشغلة في هذه الآونة، لذلك ستتأخر بكتابة ما طلبه منها، رد عبد الحميد، بأن كل الوقت معها، ويمكن أن تكتب متى شاءت.
أخذت الأوراق إلى بيتها، اطلعت عليها، بدأت بقراءة بعضها،أدركت مجريات الأحداث، وخبأت الأوراق حتى تعود إليها عندما تنهي أشغالها الأساس.
لكنها، عندما رغبت في كتابة تلك السيرة، ظلت تبحث عن الأوراق أياما ولم تجدها، نسيت أين وضعتها، فكرت أن تتصل بتلميذها أو بوالده الذي كان سعيدا وهو يقول لها لقد أخبرني ابني عن كتابتك لسيرة والدي،مفتخرا ببطولات أبيه..لكنها كانت تتراجع حتى لا يفقدا ثقتهما بها، ولم تفقد الأمل في إيجاد أوراق السيرة، ما كان يجعل أمر إيجادها صعبا هو عدم استقرارها ببيتها ، بحثت بين الكتب، بين أوراق الكتب، تحت ملابسها بالدولاب، في محافظها وحقائبها دون جدوى، كيف ستفعل إذن؟ هاهي تجدها اليوم وكأنها تعرف مكانها، تتحسسها بين مجموعة من الأوراق لطالما نقبت هناك ولم تجد شيئا، لكنها أخيرا تعانقها في هذه اللحظة، نعم . إنها هي هي

وتأخذ المدرسة الأوراق، تنقل ما جاء فيها بلسان الجد وكاتبه؛ محاولة الحفاظ على كلمات السيرة كما هي إلا ما وجب تصويبه وتعديله، يقول :
" باسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من مالكي محمد بن صالح العتابي المسمى آنذاك محمد بن محمد العتابي.
هذه نبذة عن حياتي وما قاسيته من آلام ومحن إبان الاستعمار الغاشم، إن هذه الحياة لا أمل بها إلا الحصول على الاستقلال، لنأمل حينها ونحقق الآمال بعد ذلك،وها أنا اليوم، إذ أكتب عن أيامي أو حياتي تلك بمداد الفخر والاعتزاز، متمتعا بنعمة الحرية والاستقلال تحت ظل العرش العلوي المجيد بحكم جلالة الملك الحسن الثاني أدام الله نصره وأيده، سعيدا بما من الله تعالى علي فجعلني أشارك في تحرير وطني مجموعة من الوطنيين والمقاومين، لأبدأ سيرتي هذه أولا من " عين اللوح"¹:
لقد انخرطت في حزب الاستقلال منذ سنة 1949، وفي أواخر السنة المذكورة أصبحت مسيرا لجمعية تتكون من ثلاثين شخصا بقبيلة " آيات واحي" بعين اللوح.

______________________________
¹. عين اللوح قرية مغربية شبه حضرية، سميت بهذا الاسم لكونها منبعاً للخشب، حيث كان سكان المنطقة يبنون منازلهم بالخشب، الذي كان يسمى عندهم باللوح وهكذا اتفق على تسميتها بمنبع اللوح أو عين اللوح.[4] تنتمي عين اللوح لإقليم إيفران قلب جبال الأطلس المتوسط وتنتمي المدينة إلى جهة فاس مكناس.
( نقلا عن ويكيبيديا)
خولة السعيد متصل الآن   رد مع اقتباس