عرض مشاركة واحدة
قديم 06 / 09 / 2021, 53 : 10 PM   رقم المشاركة : [27]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: المالكي المواطن المناضل

اقتباس
 مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد
وقلت له أخيرا أن الموت واحد لا مفر منه لذلك سأسلم نفسي وأخبرهم أني محمد العتابي الذي يبحثون عنه، لكن صديقي ثار غاضبا ثم قال: " الزوبيا حامية وأنت غادي تلوح راسك فيها بنفسك" ( النار ملتهبة حامية، وأنت ذاهب لترمي نفسك بها؟!)، إنك تشغل بالهم الآن، وكل هدفهم هو إيجادك، لن يشفقوا عليك أبدا ،لهذا اذهب يا أخي .. اذهب من أزرو إلى حيث تشاء بعيدا عن هنا، وصاحبني حتى خرجت من أزرو حيث استقلت سيارة أجرة، متجها عند أمي وإخوتي الساكنين بنواحي عين اللوح، وبقيت بعيدا حتى جن الليل ، فتقدمت إلى المنزل، وما إن رأتني والدتي في حالتي الحرجة حتى سارعت بحنانها نحوي؛ عانقتني ثم صاحت بعبارة لا أنساها ما دمت حيا :
* يا ولدي لماذا جئت؟ وماذا تريد عندنا ؟
* أمي!! أ رائحتي نتنة لهذه الدرجة حتى ما عاد أحد يقبلني؟ أ حتى أنت يا أمي؟ حسنا أمي سأغادر الآن، حضنتني بين ذراعيها وهي تبكي مرددة:
* أخوك يا ولدي منذ خمسة عشر يوما وهو معتقل يحقق معه القائد والقبطان لأجلك ، وأنا يا روحي خائفة عليك، خائفة أن يلقوا القبض عليك مرة أخرى أمام عيني، لن أتحمل يا ولدي، ماذا سأفعل أنا حينها؟
ودخلت أمي إلى المنزل المظلم، دون أن تنير شمعة ولا ضوءا وهي المسكينة حائرة ، ثم خرجت باتجاه بيت الجار الوطني الغيور على هذه البلاد، جارنا محمد منوش رحمه الله، أخبرته أني هنا قائلة:
* خويا منوش ليوم واحد العار نزل عليكم، انتوما اللي تقدرو اتحملوه!
* هو؟
* ولدي محمد ها هو في البيت وإذا علم علي السوسي بوجوده سيخبر القبطان
* دعي الأمر لي ولا تخافي.

* دعي الأمر لي ولا تخافي.
تركني الرجل في بيته حينها وخرج في طريقه إلى بيت ابن عمه " ادريس والحاج" ليعودا معا بعد برهة ، جلسنا لحظة ثم قُدم لنا العشاء، لكن كيف آكل وقلبي مملوء حزنا وأنا أعرف أن وإخواني قلقون علي، ودموعهم منهمرة لأجلي ، وهم يتألمون لألمي.
بعد منتصف الليل أخذني السيد ادريس إلى منزله الذي يبعد بحوالي ثلاث كيلومترات عن السكن في واد يكاد يخلو من البشر ، وقد مكثت ببيته خمسة أيام ثم غادرته باتجاه عين اللوح ومنها إلى أزرو لأصل إلى الحاجب حيث يوجد بعض أفراد العائلة، وما إن قضيت عندهم خمسة أيام حتى فوجئت بمقدم الحومة يقف أمامي، وأنا جالس بالطريق المؤدية إلى مدينة فاس، فسألني:
* من أنت؟ وعند من أنت؟
* عند الإخوة عبد القادر وعبد الله ومحمد أبناء عمي عمر
* قم؛ ستذهب معي الآن عند القائد ميمون بن مختار.
وما كان علي إلا أن أذهب معه ، فسألني الأسئلة نفسها التي وجهها إلي مقدم الحومة فأجبته الجواب ذاته، ثم قال إنه يعرفهم، سألني:
* من أين أنت؟
* من آيت عتاب
* عليك أن تختار إما أن تذهب ( وتخوي هاذ البلاد) أو السجن.
* سأرحل من هنا.
غادرته حينها، وذهبت عند أبناء عمي أودعهم، وكان طريقي الذي اتخذته حينها مدينة مكناس.
عندما وصلت إلى العاصمة الإسماعلية اتصلت بالسيد أحمد بن هاشم الذي كان أيضا مبعدا عن عين اللوح، وكذلك كان مولاي الهادي بن الطائع بسوق الحبوب ، الذي عرف بقضيتي عن طريق السيد أحمد..
فتح مولاي الهادي كيسه وأعطاني درهمين، ثم أخبرني أنه علي أن آتي كل يوم إليه لآخذ هذا القدر المقرر كإعانة لكل المنفيين مثلي، فأخذت هذا القدر ثلاث مرات، وبعدها للأسف ألقي القبض على مولاي الهادي، وحكم عليه بسنتين سجنا،..
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس