رد: العصر الجميل
• مشروعات جديدة:
هزت الحرب قيم معاصري تلك الحقية، فكان لزاما إعادة التفكير والإتفاق على تكوين عالم جديد والاستعداد لمواجهة الاضمحلال الأوربي والإنساني وهو ما لمح له بول فاليري Paul Valéry ونحن الآخرين أرباب الحضارات نعرف الآن أننا ميتون.."
في كتاب "اضمحلال الغرب" تأليف الألماني أسفالد شبينجلر Oswald Spengler1922 أو كتاب العالم الجغرافي الفرنسي"البير ديمانجون"Albert Demangeon بعنوان Le Dévlin de l’Europe اضمحلال أوربا ـ كشف الصراع عن عيوب النزعة الفردية البورجوازية وعن عيوب المنافسة الأوربية في العالم، والرأسمالية فكان من الضروري إعادة الناحية الروحية إلى الصدارة وابتكار أشكال جديد في التنظيم السياسي والاجتماعي.
لقد كشفت الحرب عن الجوانب الضعيفة في الديمقراطيات التي وقعت ضحايا تضخم شامل، عجزت عن أن تعيد اقتصاد الحرب بسرعة إلى سابقه بعد أن أصبح فريسة تفاوت اجتماعي كان لابد من الاتفاق على إعادة التنظيم وعلى الدولة التدخل والتخطيط، كما اتجه التدبير إلى إصلاح أخلاقي بالعودة إلى القيم الروحية، لتهب نسائم التغيير وخلق"الإنسان الجديد"في الثلاثينيات.
استدعت هذه التغيرات تجديد الفكر في العالم الجامعي سعت الرؤوس المفكرة إلى تقديم الوعي في مؤلفاتها امثال "ليون برونشفيك Léon Brunschvıcg الذي بشر بنزعة عقلانية مجردة و"إميل شارتييه"émile Chartier المعروف بكنيته آلانAlain كان يرسل مقالات منتظمة في التأريخ، Propos إلى صحيفة"لا ديبيش دي روان"La Dépéche de Rouen ومجلة "لانوفيل ريفو فرانسيز"La Nouvelle Revue Francaise المجلة الفرنسية الجديدة.سعى الان إلى مثل مشبعة روحانية بقدر أعلى من ليون برونشفيك طبق نقده على مجالات منوعة من الجماليات إلى السياسة يبرز استاذا لنزعة المسالمة في وسط السنوات العشرينية التي انطبعت ببصمة "عصبة الأمم" والوفاق الفرنسي الألماني الذي اخذ يتعافى.
• قطاعات المعرفة:
هناك أعمال وعلاقات محسنة بين البحث الأساسي والمواجهة العملية تعتبر مؤشراً على حيوية بعض العلوم، تم تجديد المعرفة في المجتمعات ببيان آليات معينة تحكمها وبخاصة العطاء ومقابل العطاء ظهر ذلك في أعمال "مارسل موس Marcel Mauss الذي أسس بالاشتراك مع بول ريفيهPaul Rivet ولوسيان ـ برول Lucien Lévy-Bruhı الذي نشر في عام 1922.
كتاب La Mentalité primitive ـالعقلية البدائيةـ معهد اثنولوجيا جامعة باريس ـ وهنري والون Henri Wallon الذي أحدث تقدما في علم نفس الطفل بإظهار الارتباط بين نمو الطفل سيكولوجيا وعمره.
لقد شقت نظرية الكمات عن الطاقة والنور طريقها ـ وقام لوي دي برولييه Louis de Broglie الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء 1925 بإنجاز "الميكانيكاالموجية"التي يذهب فيها إلى أن الموجة تعمل كسند للجسيم.
ثم توالت المناقشات في العالم العلمي متمثلا بسرعة التجريب التي تولدت عن البحوث النظرية، بعد أن كشف رذروفورد Rutherford في عام 1919 عن نواة الاكسيجين، كون الباحثون اجسام صناعية حتى وصلت جوليوت كوري Joliot-curie في عام 1934إلى الأجسام المشعة.أما في عالم الطب صنع الطبيبان "كالميت Calmette وجيرانGuérin المصل المضاد للسل BCG وكانا عاكفين على متابعة التقدم الطبي لصالح الحرب هذا الرباط بين المعارف النظرية والتطبيقات العملية ساهم في مزيد من تعظيم فكرة الحداثة في القرن الماضي.
• العودة إلى النظام في عالم الفنون:
أحدث الصراع تحورا في العالم الفني في فرنسا، تبع ثورة العصر الجميل "تذكير بالنظام" ـ استمر هذا التذكير طوال سنوات العشرينيات هل هذا انكفاء على القيم القومية في الحرب أم عودة إلى الكلاسيكية أم رد إلى النظام يواكب ضروب التقدم التكنولوجية والصناعية ..
العودة إلى القيم القومية:
تمازجت المواهب القادمة من آفاق فنية مختلفة، شاركت في المجهود الحربي، العودة إلى"الصنعة الجميلة" سادت آنذاك رغم التناقض الجميل مثله الرجوع إلى الأساتذة الفرنسيينو"الذوق الجميل"القومي لفناني باريس، كان ذلك بمثابة خطة لنهاية إضمحلال العصر الجميل والعمل على إحياء الفنون.ورغم الفروق الكبيرة بين هؤلاء الذين رأوا في لاصراع فرصة نهضة وأولئك الذين يتلقفون حجج يمين قومي ويشجبون الفن الفرنسي لغزو اجنبي وبخاصة "التكعيبية" الألمانية انصب الاستهجان على الزخرفيين الميونيخيين ـ من الذين حققوا نصرا في صالون الخريف 1911 واتهم بعض الفنانين بانهم أنشأوا أعمالا جرمانية ـتحمل عواقب هذا الإتهام بول بواريه Paul Poiret كذلك الباليها Ballets الروسية تعرضت للرفض، كما وصفت الطليعة بمجافاة الوطنية واتهمت بالنزوع نزعة فردية ونزعة نخبوية.وتعرض الفن للهجوم فكان لابد من اكتشاف قيم الفن الحقيقية والأركان الكلاسيكية للجمال والانسجام والدقة والتنويه بأساتذة النهضة وب الكلاسيكيين الفرنسيين وفرنسا في مواجهة "الكولتور" أي الثقافة الألمانية ـ تمثل الوريثة الوحيدة للتراث الإنتيكي الإغريقي والروماني العريق العتيق.
• تخوفات تصويرية:
بادر "ديران"Derain بالعودة إلى البساطة ولاتوازن ليصبح جنديا خلال أيام الحرب استخدم المنظور الكلاسيكي مستندا إلى دراسات دقيقة لروائع الماضيواتهم بالنزوع نزعة أكاديمية.
أما الرسام التكعيبي تطور فنه خاصة عام 1916 تجاه تصوير أكثر تقليدية، بيكاسو الذي اهتم بشدة بالرسامين وآنجر Inrgres وكورو Corot واستلهم أعمالهم، كما مثلت ال"نوفيشينتو"Novecento في إيطاليا، وخبرات الموضوعية الجديدة La Nouvelle Objectivité في المانيا والتدقيقية Précisionnisme في أمريكا محاولات يهيمن عليها العرض المحسوس الملموس للشيء، وفي باريس ربما أكثر من أي مكان آخر استمرت العودة إلى التقاليد التصويرية والقيم القومية في اللحظة التي ألمت حمى بالفنون في المانيا والاتحاد السوفيتي وبعض بلاد اوربا الوسطى.
كانت مجموعات بيكاسو مرسومة على نحو خارق للتوازن، أما فيرنان ليجيه Fernand Léger تابع مساربحثياته التكعيبية يهتم أكثر بضروب التقدم التقني وصنوف العرض الاجتماعية.تخلى آندريه لوتAndré Lhote عن التكعيبية وعمل ناقدا فنيا في مجلة "لونوفيل ريفو فرانسيز"La Nouvelle Revue Française /المجلة الفرنسية الجديدة/ نجد في اول معرض بعد السلام ل براكBraque لوحات تقنيتها أقل جرأة..ومثله جماعة بوهيمية طليعية روبير ديلونيه Rpbert Delaunay رسم في إحدى لوحاته برج إيفل Tour Eiffel وغيرهم من فنانية كانت همزة الوصل بينهم جاليري"ليفور مودرن"L’Effort moderne ـ الجهد الحديث ـ ل "يونس روزنبرج " تفوقت هذه الجاليري على مؤسسات راسخة في نشر وبيع الأعمال الجديدة.
|