المقامة الخروفية
[align=justify]المقامة الخروفية
حدثني صاحبي فقال :
حين ولى الليل بالإدبار ، وبزغ بالنورالنهار وأصبحنا وأصبح الملك للواحد القهار ، نهضت أستعين بالعزيز الجبار متوجها إلى سوق الغنم محوقلا مبسملا ، مكبرا مهللا .. فكرت مليا في الأمر والوقت يميل للعصر والمكان شبه قفر .. هل أرتدي جلبابا متواضعا حتى لا ألفت الأنظار ؟ .. أم ألبس بذلتي رغم الأمطار ؟
توكلت على الله وولجت السوق .. والكل لبهيمته يسوق .. جاحظ العينين .. بارز العروق .. تقدمت ببذلتي أتفحص .. ومن الغلاء أتملص .. فراعتني قلة الخرفان .. لكني نظرت إلى جيبي بعرفان والأوراق تكاد تفيض كالطوفان .
تقدمت إلى صاحب كبش وحيد .. ذي منظرفريد .. كلمت صاحبه ونظره عني لا يحيد .. ناقشت الثمن فشكى الزمن والغربة في الوطن والكبش يحدق في سترتي التي بللها المطر ، ساخرا من سحنتي التي طالها الوحل والوبر إلى أن قضيت الوطر .. غانم الجيب سالما من العيب ., وسرني ما وفرته من مال أصلح به الأحوال في أقرب الآجال .
جررت الكبش جرا فكر للوراء كرا وأذاقني علقما مرا فلم أشعر إلا وأنا في الوحل ملقى .. في محنتي أشقى .. والكبش وحيدا على التل يرقى .
قمت على الله أتوكل وباسمه أتبتل .. و إلى بقية من الناس أتوسل ، فتفرقوا للخطى حاثين .. عن الكبش باحثين .. حتى عادوا غانمين وللوحش جارين ، ثم أقبلوا مهنئين معانقين .. ثم انصرفوا مودعين ..
وصلت الدار ألهث .. عن الصغار أبحث .. فما راعني إلا والصبية تنظرإلي بارتياب في الذهاب والإياب .. و الزوجة في الكبش تتفحص وتتأمل و تتمحص .. وضعت يدي على الجيب لأظهرشطارتي وأبين عن مهارتي وأبرهن عن جدارتي فلم أجد للمال أثرا .[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|