عرض مشاركة واحدة
قديم 21 / 03 / 2022, 17 : 12 AM   رقم المشاركة : [1]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

في ذكرى مولد أخي طلعت سقيرق..

بين ذكرى مولدك وذكرى رحيلك مسافةُ شوق ينوس القلب بين طَرَفَيها انفعالاً يَصْخَبُ في القلب بحراً من مشاعر، يغشاه موجٌ من حنين، من فوقه موجُ حزنٍ، من فوقه موجٌ من يقين بأنَّ لا الحزنَ ولا الحنينَ بقادِرَين، مهما بَلَغَا، على إعادة ما مضى واقعاً ينبض بالحياة ولو للحظة، كما ليس بقدرة تراكمِ السنين محوَ ذكرى ذلك الذي مضى..
أخي الحبيب طلعت.. وأنا أكتب هذه الكلمات في ذكرى مولدك، أَرَانا ما زلنا نسير معاً في شوارع دمشق وبين حواري الشيخ محي الدين الضيقة، شابَّين يافعين يتدفق المستقبل من أحلامهما ممكناً، بكل الألوان الزاهية، وهما يضحكان مُنْتَعِلَين فقرهما بلا مبالاة.
وبصحبتك، في ذلك البيت العربي الذي تفوح رائحة البساطة والأنس من كل جنباته، أَرَانا ما زلنا ساهِرَين نكتب أولى مقالاتنا بحماس، وَاثِقَينِ من قدرتها على تغيير اتجاه قناعات الآخرين، ومسار الأحداث إلى حد اليقين بأنها ستساهم في إعادة الأرض إلى أصحابها..
وترتفع قامة الإبداع في قصائدك جمالاً وصدقاً في آن، فيتهاوى أمام إشراق كلماتها قول أحدهم (أعذب الشعر أكذبه) ليصير النقيض (أعذب الشعر أصْدَقُه)..
وبين الشعر والقصة والنقد والسياسة، تركنا خطواتنا ترتحل بأحلامنا وطموحاتنا، غافلة عن ارتحال سِنِيِّ العمر بتلك الخطوات نفسها..
كتبنا كثيراً عن حياة الناس وعن فلسطين وأهلها وقضيتهم..
عشنا في كلماتنا مع نبض الأبطال الذين نزفوا دماءهم على عتبات الحلم بتحرير فلسطين..
كتبنا عن أحلامنا وأحلام البسطاء وآمالهم..
فَرِحْنا وغَضِبْنا وحَزِنَّا، وكانت الكلمات مرآة تعبيرنا عن أفراحنا وأحزاننا.. عن غضبنا ورضانا..
وفي مسيرة الكلمات تلك، شَمَخَتَ شاعراً تجاوزتْ قامته الكثير من أقزام الشعر.. وظلت تلك القامة محافظة على شموخها وتفوقها، طيلة الطريق الطويل إلى محطة الرحيل المفاجئة.
وبشموخك شاعراً، كنتَ دائماً الوجه البارز للناس في قصائدك، بينما بقيت أنا غائباً في غياهب أبحاثي. لكنك لم تترك فرصة لمشاركتي تألقك إلا سارعت إلى اغتنامها..
تقف منشداً شعرك، فتلتهب أكفُّ السامعين تصفيقاً لك، ولكن ما إن تنزل عن منبر الشعر حتى تُسرع نحوي تشدني لتقدمني إلى معجبيك قائلاً: أخي الباحث والقاص والناقد.. ومع أنهم لم يعرفوني، كانت شهادتك بي كافيةً لإزالة شكهم بأنني حقاً كما وَصَفْتَني لهم..
وهكذا، عرفني الآخرون من خلالك وأنتَ على قيد الحياة، وحين رحلتَ، عرفوني في أحاديثي عن ذكرياتنا وإبداعك..
لن أرثيك أخي الحبيب، لأنني ما أزال أشعر بك حياً في ذاكرتي ومشاعري..
لن أرثيك أخي الحبيب، لأن من استطاع أن يبقى حياً في إبداعه سيبقى حياً في ذاكرة الناس وقلوبهم..
لن أرثيك أخي الحبيب، لأنني ما زلت لا أصدق أنك رحلت..
لن أرثيك، لكيلا أفقد برثائك استمرارَك قائداً لكلماتي إلى جمهور من أحبوك وقلوبهم.. فَبِكَ عرفوني، وحباً بك أحبوني..
سلام الله عليك ورحمته..

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس