رد: ماذا عنك؟
ذكرتني ،، في السابق ، وتحديدا في المرحلة الثانوية ، كانت لي صديقة أعتبرها أنا نفسي ، وهي كذلك تعتبرني ، وكان الجميع يدعوننا بالتؤام ، لما بنا من شبه كبير في الملامح وقصات الشعر ، وحتى الملابس كنا نختار معا نفس الذوق من الألوان والموديلات ، دائما كنا متماثلتان في كل شيء ، لا أعلم هل كان ذلك صحيحا تلقائيا ؟ أم تعمدت إحدانا أن تذوب في الأخرى إلى أن بدا التشابه للعيان شكلا ومضمونا !! المهم أن تؤامتي كان لها بعض التصرفات التي ما أحببتها ، فيها وما كانت تتوافق ومبادئي ،وربما كانت عادية لتلك المرحلة ، فكنت في بعض الأحيان أفضل الإبتعاد عنها ، وألوح بإنهاء صداقتنا ، ودون تفسير للسبب ، وكنت أكلفها عناء التحايل والإلحاح علي ، لأفصح عما بداخلي من أسباب غضبي منها ، وأسباب القرار ، ويبدو أنني وقتئذ ، كانت لديا تشنجات عصبية ضد بعض التصرفات الغير لائقة ، أو التي تخيلت عنها ذلك ، وذلك بسبب شدة والدي ، واتخاذه للحزم والربط والشدة أسلوبا للتربية ، فيبدو لصغر عقلي الذي تخيلته وقتها كبيرا ، أنني تأثرت ، ومن الطبيعي أن أتاثر ودون شك ، وكنت أبتعد عنها أياما وأياما ، وهي تحاول معرفة ماذا بي ؟ ! ولماذا أنا أتصرف معها هكذا تصرفات دون أي تفسير ؟! وفي يوم جاءت إلى بيتي ومعها هدية تحاول بها مصالحتي ، وبكت كثيرا لأنها لا تريد إنهاء صداقتنا ، وبالحقيقة أنا كنت أحبها بشدة ، ولا أنوي ذلك أبدا ، فقط كنت أريد أن تكتشف أخطائها وتصلحها دون أن أشير إليها !! أذكر ما قالته لي ، عن ظلمي وتعسفي ، وكيف أفصل منها فجأة ، ولا أذكر لها الأسباب وأتركها حائرة بين نارين !! كانت منطقية جدا ، جعلتني أفكر بشيء من المرونة وألم نفسي ، فرجعت عما بدأته ، وأفرغت لها ما بصدري ، وما كان منها إلا أن عانقتني ، ووعدتني أنها سشتري بقاء صداقتنا وأخوتنا ، على أن تلغي تماما كل التصرفات التي تزعجني ، وبذلك عدنا وبقوة ،أكثر حبا وفهما .. وتعلمت من ذلك أن الصمت جيد ، ولكن ليس في كل الأحوال ، فلكل مقام صمتا، كما لكل مقام مقال ، وخسارة الناس ليست سهلة ، وأن تلك الطريقة التى تعاملت بها معها ، جعلتها تفكر في أنني لا أريدها في حياتي ، وأقوم باختراع حجج فقط لأدعم قراري وما أنا عليه ، وتعلمت أن رب كلمة ما أو نصح ما صادقا مباشرا من القلب إلى القلب ، قد يفعل أكثر مما يفعله السحر بقلوب الناس ونظرتهم للحياة ، وأننا جميعا لنا أخطاءا وآثاما ، فلا ننصب أنفسنا محاسبين ، قضاة وجلادين ، ونحن في أمس الحاجة لأن يغفر لنا الله ، ويعطنا الآف الفرص ، وان الإنسان لابد وأن يفعل في نفسه تلك الخواص ، التي اختصه بها الله على سائر الكائنات ، حيث منحه من جميع صفاته ، وأسماؤه الحسنى ما يؤهله لاستخلافه في أرضه ، فلن يقوم ملك بالتنحي قليلا عن مهامه حتى يختار من بين وزرائه من هو بحكمته وفطنته وكياسته وذكائه ومن هو أهلا للمكوث المؤقت في تلك المكانة وذلك المكان ، ولله المثل الأعلى .. فالأمر يحتاج مرونة عالية وفهم وسعة صدر وتفكير عميق ، فلئن يهدي الله بك قلبا واحد !! ، فقطيعة الخلق وتبديد عشرتهم ليست بتلك السهولة .. وقد مررت ببعض القصص الواقعية التي حدثت لي شخصيا في كبري ، من نفس الجنس ، وكان الأثر عظيما جدا ، ولولا شعوري بالإطالة لقصصتها عليكم ..
وأختم بأن أقول كلنا بشر ليس منا ملائكة يمشون على الأرض ، ولا آلهة ! كلنا يحتاج العفو والمغفرة من الله تعالى ..
شكرا لسعة صدركم .. ومعذرة على الإطالة ..
محبتي ومودتي ..
|