الموضوع: مذكرات طفولية
عرض مشاركة واحدة
قديم 26 / 07 / 2022, 37 : 11 PM   رقم المشاركة : [11]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: مذكرات طفولية

اقتباس
 مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد
قبل أيام كنت عند طبيب..
سؤال جواب.. أخذ ورَدّ...
لا تنزلي الكمامة..
أنا لا أسمعك جيدا وأنت تتحدث كالهامس بكمامتك...
سألني سؤالا ، ولأني أتريث قبل الرد محاولة التأكد من سماعي أو اختيار جواب أنسب لطريقة سؤاله، أجابته بدلا عني بثينة أختي وكانت قد رافقتني ، فطلب منها الصمت بشكل أغضبني، ولعله لاحظ غضبنا معا ، فاعتذر وقال إنه يمزح فقط وتلك طريقته بالكلام..
يرفع صوته ثم يخفضه .. ثم فاجأني بسؤال " ما أصلكم أنتم؟" لم أتوقع أن يسألني سؤالا كهذا.. ما دخل السؤال بما أتيت لأجله؟ أهذا طبيب أم مؤرخ؟.. أجابته بسرعة " مغربية" قال : لا . أقصد أصلكم، كنت سأرد مسلمة، ثم عدلت عن ذلك، فشخص اسمه محمد لابد أنه مسلم وقصده من سؤالي طبعا ليس الإسلام وإنما تعصب لشيء آخر، أكدت مغربيتي، فأبدى الرجل غضبه مدعيا أني أتهرب من الجواب..
لا بالعكس، أنا لا أتهرب من الجواب ، أنا فعلا مغربية.. لم أكن أنو إخباره بأصلي " قد أكون عنيدة في مثل هذه المواقف" ظل الرجل يحرك شفتيه من تحت تلك الكمامة حرف أفهمه وثلاثة أحرف لا أسمع منها نقطة ...
وإذا بأختي تشفي غليله فتجيبه لكنها تؤكد أننا ولدنا بمكناس نحن وآباؤنا فيرد ردا غريبا .
‌في الحقيقه دائما أقول لنفسي إن بعروقي يجري كل تراب من تراب هذا الوطن، حتى من كل بلاد العالم فلا ندري من أي بلاد قدم أجدادنا السابقون؟ وأين حطوا ثم رحلوا بعد ذلك؟! أو لسنا جميعا نسعى للعودة إلى الجنة؟ أو ليس آدم خلق لها في البدايه وعلينا أن نعود إليها إن عملنا صالحا؟ أو ليس هدفنا جميعا هو الرجوع إلى ذلك الأصل " الجنة"؟ إليها.. نعم .. إنه أصلنا ، فلم نفرق هكذا بيننا بسبب هذه الأصول الدنيوية الزائفة في وهم؟! ....
بدا من كلامه تشدد وعصبية شديدين، حافظت على صمتي، محاولة الهدوء ومتخيلة أني أرد عليه، وأنتظر فحصه ليتم أخيرا، ( ولايني وحلا هذي... منين تسلط عليا هاذ اخينا؟!) في طبعي أحب التعرف على أشخاص كثر من مناطق مختلفة.. أتعلم لهجاتهم؛ أصاحبهم وأشاكس عاداتهم وكلمات لهجاتهم ولكناتهم.. أعشق تقاليدنا المغربية كلها وأحب اللهجات والعادات... كل شيء في وطني أنا أحبه.
أتذكر مرة أستاذا درسني بفاس كيف كان متأثرا للموضوع نفسه وهو يقول بحرقة لنا ( فيما معناه) : "كيف يعقل أن نتنازع عن هذه الأصول وكلنا من بلد واحد ، من جنس واحد، و تحت راية واحدة نعيش ؟!حتى إن الأنساب اختلطت وامتزجت، والأسماء العائلية نفسها تزاوجت، وتلاقحت الأرواح في مدن أو قرى لم تعش فيها من قبل فتجد اسما عائليا مثلا اختار لهذا المكان أو ذاك أصلا له ولخَلفه.
ومرة حدثنا أستاذ آخر في محفل وسط جمع كبير من الناس عن الموضوع نفسه فقال لنا ونظرة حب منه تبسم في وهج الروح لكل الحاضرين.. بل لكل الغائبين أيضا، لكل من فيه عرق عربي لكل من فيه عرق مسلم .. قال " لا إسلام لمن لا عربية له ولا عربية لمن لا إسلام له " حين سمعت هذا الكلام شعرت بقشعريرة، شعرت بحبي الكبير لكل ذرة تراب على هذه الأرض..سكنت هذه العبارة أذني وقلبي منذ ذلك الحين، لكن وأنا أمام هذا الرجل اليوم...
أوه! ما أتفهني وانا لا أستطيع الرد ، خاصة أنه ادعى أن طريقه كلامي هي التي جعلته يسأل عن أصلي وقال إنه سيخبرني عما جعله يقول إن طريقه كلامي مختلفة ، ولكنه لم يفعل، وفي الحقيقة نسيت تذكيره أيضا ،ولم أتذكر إلا بعد خروجي من عيادته .. وأعطاني موعد العودة إليه بعد أيام قليلة... هيههيههيههي أتذكر أن زميلة لي بالعمل في عامي الأول، وبلقاءاتنا الأولى قالت لي: إن كلامي بالعامية، _وكانت لا تسمعني أتحدث إلا بالعامية _ يوحي بأني أمازيغية تتعلم للتو الدارجة المغربية هاهاهاهاها... ضحكت حينها ولم أعرف صراحة كيف أرد على كلماتها ( شبعت ضحك الحمد لله) إيوا لكم واسع النظر
طامة أخرى كانت في لقائي الثاني بالطبيب، وقد ذهبت هذه المرة وحدي دون بثينة.. قبل أن أطرق بابه لأدخل مكتبه ذكرتني الطبيبة بتعديل الكمامة فهو يحب أن يراها قريبة من عيني، يعني أن جزءا منها يكون تحت النظارة ( الله يدوز الساعة على خير)
( يتبع)

24 أكتوبر 2021

هذه المرة تطور الحديث نوعا ما حيث استهله بسؤالي إن كنا نستحق الحياة على هذه الأرض، تذكرت حينها محمود درويش وهو يردد:
" على هذه الأرض ما يستحق الحياة" .، عندما أجبته ولا أذكر كلمتي كما قلتها، لكني أذكر كلمته وهو كالثائر: " ما تجاوبينيش الجواب د الأدبيين" لهذه الدرجة بدا علي تخصصي!؟ وقح هذا الطبيب؛ أف ..!
بعدها لم أعد أجيبه عن أي سؤال خارج إطار مرضي ، إما أظل صامتة أو كما قال المثل المغربي " استخدم الميم ترتاح" _ الميم هنا دالة على " ما النافية" في اللهجة العامية، تستعمل أكثر من " لا"_
وأمر آخر زاده هذه المرة، فبعد أن كان يسب في جنس بشري سابقا، ها هو اليوم بكل لباقة وقحة خبيثة يذكر بعض علماء الدين بسوء، وليته ظل كذلك بل إنه انتقل إلى الصحابة أيضا رضوان الله عليهم، وذكر بعضهم باحتقار، وددت لو أخنقه حينها .. وددت الخروج لكن طاقتي كانت لا تحتمل بعد أن أخرج ، وأنا ما زلت أشعر بضيق واختناق كلما انزعجت من شيء ، وأضاف أن الكتب التي نقرأها كلها كاذبة فما لا تعرفونه أن فلانا قتل علانا وعلانا وآخر وآخر ليكون خليفة وكذلك فعل فلان آخر وآخر، وكذلك استمرت الحياة...
ظللت أتساءل؛ أيعيش بخير هذا السيد؟ أ يعيش حياة عادية؟ ..
عدت إلى البيت وأوقفت كل تلك الأدوية التي كان سجل لي هو ولم يمض على اتباعها أكثر من عشرة أيام، مع أنه كان قد أخبرني بأعراض جانبية صعبة ، وقرأت أكثر مما قال لي بورقة الإرشادات، لكني تحملت في سبيل الشفاء..
هذه المرة طلب أن أعود إليه بعد اتباع الدواء ثلاثة أشهر ، لكني شعرت أني أوافق مجنونا إن فعلت، رميت الأدوية، وما عدت طبعا ...
ضحكت وكنت بخير بحمد الله وفضله..
نسيت إخباركم أنه طلب مني هذه المرة أن أزيل الكمامة، وقال شيئا أضحكني ، فقال : إن كلامه جميل وإن كان جديا ما دمت قد ضحكت ( ابتسامة)


26 يوليوز 2022
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس