الموضوع: مذكرات طفولية
عرض مشاركة واحدة
قديم 14 / 08 / 2022, 57 : 07 PM   رقم المشاركة : [15]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: مذكرات طفولية

* عاشوراء مباركة*

لابد وأن كلا منا يحمل مجموعة من الذكريات خاصة تلك التي ترتبط بمناسبة معينة، وتعتبر عاشوراء من المناسبات التي تجمعنا كمغاربة بذكريات موحدة غالبا، حيث إننا نتشارك جميعا في شراء الألعاب للأطفال، وفي شراء بعض المكسرات والنقل والفواكه الجافة ..
مجموعة منا تصوم تاسوعاء وعاشوراء، مجموعة منا تجتمع مع الأهل والأحباب، وهناك من يحب أن يلتم على قصعة الكسكس أو الرفيسة ...
وكنا نحن نجتمع غالبا في بيت جدي " عبد الرحمن" نستنشق من خلاله هواء المدينة القديمة، وتعب علينا خالتي فاطمة القادمة من الدار البيضاء خصيصا لتحضر لنا بهذه المناسبة : " الكسكس بالكرداس" ، والأهم من ذلك " لمة الحباب" حتى وإن كان منا لا يحب طعم " الكرداس"..
شعور جميل حين يأخذ الطفل في مناسبة العيد من جده أوجدته أو من والديه بعض الدريهمات لكنه يكون جميلا أكثر حين يقترن بالألعاب، وهو ما يحصل أيضا بعاشوراء؛ أتذكر جيدا حين كان جدي أحمد رحمه الله تعالى يجود علينا بدريهمات أكثر من الأيام العادية في مثل هذه المناسبات ، ولكني كنت أشعر بالسعادة عندما أفتح علب اللعب مع بثينة أختي، تلك اللعب التي جلبتها لنا ماما مفاجأة، وأحيانا تختارها لنا برفقتنا، حتى إني مازلت أحتفظ مثلا ب"بيانو" صغير منذ ما يزيد عن عشرين عاما، وإن كنت أحب الاحتفاظ بلعب أخرى، لكن كان هناك من يرفسها رفسا ويكسرها كسرا ويحطمها تحطيما ، والمفاجأة أيضا حين كان يعود أبي ليلا من وليلي ولا يدخل البيت إلا وقد جلب لنا مجموعة من اللعب هو الآخر، فنفرح كثيرا أختي وأنا ونلعب كثيرا ويزيد من فرحنا حين نقف مشدوهتين أمام أمي وأبي حفظهما ربي، وهما كذلك يسترجعان ذكرياتهما بالألعاب.
أذكر أن أبي قد أحضر لنا مرة لعبة على شكل بطة صغيرة نجرها بحبل، لكنه بدأ اللعب هو أولا مع ماما، يجريان بها وسط الدار ،و أختي وأنا نضحك خاصة ونحن نسمع منهما: " اللي يبغيوها الصغار يحماقو عليها الكبار" ؛ كانت فعلا ذكريات جميلة.
اليوم أحاول إعادة تلك الحياة مع أسماء وآلاء وإن بشكل شبيه بالماضي نوعا ما فلست كأمي وليس أحد كآخر، ولم يكن الحاضر يوما هو الماضي وإن كان عليه يستقيم ...
ومن عاداتنا أيضا رش الماء على بعضنا البعض بفكرة " الزكاة"، وقد تضيف بعض الأمهات قص جزء من شعر بناتهن على أساس أنه سيطول سريعا بعد ذلك..
لكن ما رأيكم أن نتحدث عن رش الماء قليلا، هذا الذي تحول عند البعض اعلى ضرب ب بالونات مليئة بالماء بل وصل للضرب بالبيض؟! الحمد لله أني لم أصل بيتنا مبللة بذلك، ولكني كنت أرى وأشاهد ما يحدث من مواقف، ومن الطرائف التي أتذكرها بمثل هذه المناسبة، حتى قد يراني البعض أضحك _ بلا سبب كما يبدو _ .
كنت أدرس بمستوى الثالثة إعدادي،و في أول حصة مسائية بذكرى عاشوراء _ الثانية بعد منتصف النهار_ أثناء انتظار دخول أستاذ ماده الفيزياء، دخلت تلميذة معي بالصف تنظف شعرها بالماء المتواجد بالحوض الخاص بقسم الفيزياء، وما إن أوشكت أن تنهي غسل شعرها وهي تمشطه كأنها في بيتها حتى دخل الأستاذ وقد استغرب لفعلها، فلما علم أن السبب هو أن أحدهم ضربها بالبيض، طلب منا جميعا أن نضع محافظنا على طاولاتنا حتى يفتشها، وفتشنا واحدا واحدا، فلم يجد إلا عند تلميذ واحد ثلاث بيضات، كسرها على رأسه، ومزجها كأنه سيحضر " الفقاص" ولما أنهى خليطه قال لنا هكذا سيظل طيلة الحصة ، أي لساعتين، ضحكنا كثيرا حينها، ولم ينه التلاميذ ضحكهم، بل تابعوه بقوة عندما وصل لحضرتي ...
يا سلام!!
لا تستغربوا، ولا تتساءلوا كثيرا، سأخبركم حالا..
يا سادة ؛ عندما وصل إلي أخبرني أنه متأكد لن يجد عندي ما يبحث عنه عند الآخرين، وأنه فقط لا يمكنه استثنائي عنهم، شعرت بالحرارة بدأت ترتفع في جسمي النحيل ، وهو يهم بالبحث والتفتيش والتنقيب، والسكون يعم القسم، فزملائي يعرفون أني من عشاق أكل الحلويات والمكسرات وووو داخل القسم، ولكن في حياتي الدراسية كلها لم يكتشف أستاذ أمري، إني آكل بهدوء تام، حتى جيراني الذين أشاركهم ذلك لم يقل منهم أحد أني أعطيته شيئا حين ينفضح أمره، والآن؟!
هاهي قطع الشوكولاطة والمصاصة وبعض الحلويات والمكسرات والتمر...، منها ما أضعه في علبة ومنها ما رميته بمحفظتي بطريقة عشوائية ، أخذ لي الأستاذ كل ذلك، وضحكات زملائي تفرقع القسم، وأنا بابتسامة حمراء أراقب الأمر ، حين انتهت الحصة وناداني الأستاذ لأبقى حتى يخرج الجميع وآخذ مأكولاتي ، كنت أخشى منه لوما ، فقلت له: " شكرا أستاذ هي خوذهم" وخرجت مسرعة، منذ ذلك الحين وهو يحاول أن يراقبني إن كنت آكل شيئا، ولكنه يعلن في كل حصة أنه أبدا لا يعرف كيف ألتهم الحلوى دون ملاحظته ، حتى يأتي ليجلس بجانبي _ وقد صرت منذ ذلك الحدث، أجلس وحدي بآخر طاولة بالصف أتأرجح بكرسيي كما يحلو لي _ فيرى ذلك الركن الذي أخبئ فيه لفافات الحلوى الفارغة قد امتلأ ... وهكذا ( غمزة وابتسامة)

8 غشت 2022
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس