رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
شريط الذكريات يأخذ يحيى ليحيا بالماضي، من الطفولة إلى هذه اللحظة التي تجعله يقبع بين أربعة جدران يعاني بعيدا عن أهله، ويفتقد الحرية كما يفتقدها وطنه، يعيش قهرا، وظلما وعذابا، شريط الذكريات يوازي شريط الآهات، فيقرر أن يكتب ويحكي بعض ما عاشه، وما يعيشه الفلسطيني بحروف جريحة تضمدها الكلمات، يرسم غزة بقلبه، لا ينسى شبرا من خريطة وطنه رغم أن الأنذال فرضوا رسما آخر للخريطة، يتذكر حيه وجيرانه، يشتاق إلى أصدقائه، ويحن إلى أمه، يفكر في حال الشيخ أحمد ياسين، وتدمع عينه حين تترقرق أمامه صورة الحاجة التي اعتاد زيارتها في طفولته، ولا يستطيع أن يختطف نفسه من هذه الذكريات، ولن يصغر أمام العدو الذي يطمح لقهره، لأجل ذلك يختلس لحظات ليختلي بالحروف حتى يكتب، وإن كان يروي رواية فلسطين دون أن يحدد نهاية، رواية لا يأس فيها، وإن ملأتها جراحات الوطن، ولأنه فكر في الكتابة، فقد صار عنده التأمل في الماضي أكبر، حيث تذكر الآن كيف كان ينتظر جديد ما سيقدمه ياسر عرفات، مستعيدا الشتات الفلسطيني، حيث غادر كثير ممن يعرفهم عن قرب غزة إلى خارجها، بل فلسطين إلى خارجها، كثيرا ما كانوا يذهبون إلى الدول العربية المجاورة، أو لدول الخليج بعد مضايقات واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي لسكان المخيمات.
يقف يحيى قليلا، وقد اشتاق لأحبابه، الذين منعوا من زيارته، يغالب دموع الرجال في قهر، ويعود ليستمد قوته من الله الخالق القوي.
|