عرض مشاركة واحدة
قديم 17 / 05 / 2025, 46 : 02 AM   رقم المشاركة : [4]
د. رجاء بنحيدا
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام

 





د. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: أزمة نقد الشّعر العربي في ضوء النّقد المعاصر

يمثل المقال الموسوم بـ "أزمة نقد الشعر العربي في ضوء النقد المعاصر " للكاتب د . حسين الأقرع محاولة جادة ومستفيضة لتشخيص العلل والأسباب الكامنة وراء تراجع فاعلية النقد الشعري العربي المعاصر وتأثيره المتضائل على المتلقي والمنتج الأدبي على حد سواء. ينطلق الكاتب من ملاحظة دقيقة لتفشي مظاهر الاستسهال والادعاء في الساحة النقدية، وما نتج عن ذلك من أزمة معرفية وفكرية انعكست سلبا على الشعر والثقافة العربية عمومًا. تسعى هذه المقالة إلى تقديم قراءة تحليلية لأهم الأطروحات التي يطرحها المقال، مع التوقف عند نقاط الاتفاق والاختلاف، وتقديم رؤى تكميلية تساهم في تعميق النقاش حول سبل نهضة النقد الشعري العربي.
وعلى هذا الأساس سأنطلق مركزة على تحليل الأطروحات المركزية وإظهار بعد ذلك نقاط الاتفاق والاختلاف لأختم برؤى تكميلية ومقترحات إضافية ومهمة للغاية وتساؤلات تحتاج إجابات لتعميق البحث أكثر.
أولا ، يُعدّ تشخيص الكاتب لـ "الثغرات النقدية" بمثابة حجر الزاوية في مقالته، وقد أحسن في تتبع جذور هذه الثغرات وتجلياتها المختلفة،فمن "وهم الادعاء النقدي" الذي يمارسه غير المؤهلين، مرورا بـ "خلل المناهج النقدية" الناتج عن إسقاط النماذج الغربية دون مراعاة الخصوصية العربية، وصولًا إلى "النفاق النقدي" الذي يُفسد معايير التقييم في المسابقات والدراسات الأكاديمية، يرسم الكاتب صورة قاتمة ولكنها واقعية للوضع الراهن.
يُحسب للمقال تركيزه على تأثير "قصيدة النثر" كأحد العوامل التي عمقت أزمة النقد، من خلال ما يراه الكاتب من "شعريّة وهميّة" و"تشويهات لفظيّة ومعنويّة". وعلى الرغم من أن هذا الطرح قد يثير نقاشا حول طبيعة الشعرية الحديثة وحدود التجريب، إلا أنه يفتح نافذة مهمة على التحديات التي تواجه النقد في التعامل مع الأشكال الشعرية الجديدة.
كما يُولي المقال اهتماما بالغا بدور "المتطفّلين على الشعر" و"جهل البلاغة العربية" لدى بعض النقاد، مما يؤدي إلى قراءات سطحية وغير مستنيرة للنصوص الشعرية، ويُعدّ التركيز على "الفراغ من الزاد الأدبي" لدى بعض الدارسين والمنتسبين إلى الحقل النقدي نقطة محورية تستدعي إعادة النظر في مناهج التعليم وأولوياته.
لا يغفل المقال الإشارة إلى المؤثرات الخارجية كـ "المال والإعلام" و"عبثية الترجمة" كعوامل مساهمة في تدهور المشهد النقدي. ويعدّ التنبيه إلى خطورة "الحكم الآني" وضرورة القراءة المتأنية والمتعددة للقصيدة من الملاحظات المنهجية الهامة.
أتفق مع الطرح العام للمقال في تشخيص أزمة النقد الشعري العربي وتحديد العديد من الثغرات التي أشار إليها الكاتب. فمسألة غياب التأهيل الكافي لدى بعض المنتسبين إلى النقد، وسطحية بعض القراءات النقدية، وتأثير الاعتبارات غير الأدبية في التقييم، هي مظاهر لا يمكن إنكارها.
إلا أن بعض النقاط قد تستدعي مزيدا من التمحيص والنقاش. فعلى سبيل المثال، قد ينظر إلى موقف المقال من قصيدة النثر على أنه متحفظا بعض الشيء، ويستدعي نقاشا أعمق حول معايير الشعرية في الحداثة وما بعدها،كما أن تحميل المناهج النقدية الغربية مسؤولية تامة عن أزمة النقد العربي قد يكون فيه تبسيط للواقع، إذ أن المشكلة قد تكمن في آليات التفعيل والتطبيق لهذه المناهج أكثر من جوهرها.
وبالإضافة إلى ما قدمه الكاتب المهتم ، يمكن اقتراح بعض الرؤى التكميلية التي قد تساهم في بلورة تصور شامل لنهضة النقد الشعري العربي:
• تفعيل دور المؤسسات الأكاديمية واللغوية: من خلال تطوير مناهج نقدية أكثر تخصصًا وعمقًا، وتشجيع البحث العلمي الرصين في مجال النقد الأدبي، وتنظيم دورات تدريبية متخصصة لتأهيل النقاد.
• إعادة الاعتبار لقيمة التكوين النقدي الذاتي: من خلال تشجيع القراءة المعمقة للتراث النقدي العربي والغربي، والممارسة النقدية المستمرة، والانفتاح على مختلف التيارات والمدارس النقدية مع الحفاظ على الخصوصية الثقافية.
• تعزيز الحوار النقدي الجاد والبنّاء: من خلال إتاحة مساحات للنقاش الحر وتبادل الآراء بين النقاد والشعراء، بعيدًا عن التعصب والتجريح.
• تطوير آليات تقييم شفافة وعادلة: في المسابقات الشعرية والجوائز الأدبية والدراسات الأكاديمية، بما يضمن تكريم الأعمال الجادة والمتميزة.
• الاستثمار في تعليم اللغة العربية وآدابها في المراحل المبكرة: لتهيئة جيل قادر على تذوق الشعر وفهمه ونقده بشكل سليم.
• الاستفادة النقدية الواعية من المنجز الشعري الحديث: بما في ذلك قصيدة النثر، مع وضع معايير نقدية واضحة لتقييمها دون إقصاء أو تهميش.

بالإضافة إلى هذه الرؤى التي تفضلت بذكرها، أود أن أضيف بعض الجوانب الأخرى التي أرى أنها تساهم في تعميق أزمة نقد الشعر العربي المعاصر:
غياب التنظير النقدي الأصيل: على الرغم من وجود محاولات جادة، لا يزال النقد العربي يعاني من نقص في التنظيرات النقدية المنبثقة من صميم تجربته الأدبية وخصوصية نصوصه. غالبًا ما نجد استعارة أو تطبيقًا باهتًا لنظريات غربية قد لا تتناسب بالضرورة مع طبيعة الشعرية العربية. هذا الغياب يترك فراغًا منهجيًا ويجعل النقد عرضة للتأثرات الخارجية غير المدروسة.
تهميش الدراسات التاريخية والتراثية: يلاحظ ضعف الاهتمام بالجذور التاريخية للنقد العربي وبمدونته النقدية الثرية. إن إهمال هذه الخلفية المعرفية يحرم الناقد المعاصر من أدوات تحليلية أصيلة ورؤى عميقة يمكن أن تثري ممارسته النقدية وتمنحها استقلالية أكبر.
فجوة بين النظرية والتطبيق: في كثير من الأحيان، تبقى المفاهيم النقدية حبيسة التنظير الأكاديمي دون أن تجد طريقها إلى التطبيق العملي على النصوص الشعرية. هذا الانفصال يخلق حالة من عدم الفاعلية ويجعل النقد يبدو مجرد ترف فكري بعيدًا عن معالجة قضايا الشعر الحية.
تأثير الأيديولوجيات والتحزبات: قد يؤثر الانتماء الأيديولوجي أو التحزب الأدبي على الأحكام النقدية، مما يفقدها الموضوعية والنزاهة. هذا الأمر يخلق بيئة غير صحية للنقد ويحول النقاش إلى ساحة لتصفية الحسابات بدلًا من كونه مساحة للتقويم والتطوير.
ضعف التواصل بين النقاد والشعراء: في كثير من الأحيان، تسود حالة من القطيعة أو عدم الثقة بين النقاد والشعراء. هذا الحاجز يحرم الطرفين من فرصة الحوار البناء وتبادل الرؤى، مما يؤثر سلبًا على جودة النقد وعلى تطور الشعر نفسه.
إن هذه الإشكاليات المتداخلة تجعل مهمة النهوض بنقد الشعر العربي أكثر تعقيدا وتستدعي تضافر جهود النقاد والأكاديميين والشعراء والمؤسسات الثقافية.
وفي ختام هذا ، أجدني مدفوعة لطرح مجموعة من الأسئلة الكبرى التي أرى أنها مهمة لتعميق البحث والتفكير:
• كيف يمكن للنقد العربي المعاصر أن يطور أدواته المنهجية الخاصة المستمدة من تراثه وخصوصية نصوصه الشعرية؟
• ما هي الآليات العملية لتفعيل الحوار البناء بين النقاد والشعراء بما يخدم تطور الحركة الشعرية والنقدية على حد سواء؟
• كيف يمكن تجاوز تأثير الأيديولوجيات والتحزبات في الممارسة النقدية لضمان الموضوعية والنزاهة في تقويم الأعمال الشعرية؟
• ما هي السبل الكفيلة بإعادة الاعتبار للدراسات التاريخية والتراثية في تكوين الناقد المعاصر وإثراء أدواته التحليلية؟
• كيف يمكن تضييق الفجوة بين التنظير النقدي والتطبيق العملي على النصوص الشعرية لجعل النقد أكثر فاعلية وتأثيرًا؟
• ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الأكاديمية والثقافية في دعم حركة نقدية عربية أصيلة ومستنيرة؟
• كيف يمكن مواجهة تأثير العوامل الخارجية كالإعلام والمال على توجهات النقد وقيمه؟
• ما هي المسؤولية الملقاة على عاتق الناقد في مواجهة "النفاق النقدي" وتكريس معايير الجودة الحقيقية في تقويم الشعر؟
• كيف يمكن غرس الوعي بأهمية الشعر ودوره في المجتمع لدى الأجيال الناشئة لمواجهة حالة التهميش التي يعاني منها؟
إن الإجابة على هذه الأسئلة، وغيرها مما لم يُطرح، هي مفتاح الانطلاق نحو بناء مستقبل أكثر إشراقًا لنقد الشعر العربي، مستقبل يليق بعراقة هذا الفن وثرائه. وأتفق معك تمامًا في أن الشعر العربي سيظل شامخًا ينتظر "أهل الوفاء" القادرين على كشف كنوزه وتقدير جمالياته.
د. رجاء بنحيدا غير متصل   رد مع اقتباس