عرض مشاركة واحدة
قديم 30 / 12 / 2008, 09 : 02 PM   رقم المشاركة : [1]
احمد رجب شلتوت
كاتب نور أدبي

 الصورة الرمزية احمد رجب شلتوت
 




احمد رجب شلتوت is on a distinguished road

الشبكة الطائرة

الشبكة الطائرة
كان قدر الإرهاق الذى لحق بطيور السمان كبيراً . فالرحلة الطويلة إلى الجنوب قاربت على الإنتهاء .
هرب من جليد أوربا وبردها القارس إلى الشواطئ الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط .
وعند أحد شواطئ الإسكندرية حط سرب من طيور السمان .
الطيور المجهدة من طول الطيران اختبأت حتى وقت الغروب . ولما غابت الشمس قررت أن تستريح أولاً قبل أن تفكر فيما يجب أن تفعله لتضمن الحصول على الغذاء الكافى لتعيش به فصل الشتاء وتدخر منه فى جسمها ما يمنحها الطاقة اللازمة لرحلة العودة إلى الشمال .
شعر السمان الأكبر قائد السرب بأن النوم على عيون الطيور .
خشى أن يكونوا قد نسوا ما تعلموه فى الوطن . لذا جمع الطيور حوله وأوجز لهم نصائحه .
إياكم وأن تسلموا العينين معاً للنوم فلتنم واحدة وتبقى الأخرى مستيقظة .
ولاتناموا متفرقين .
قالوا أن الرحلة الطويلة لم تنسهم ما تعلموه . أكدوا على أنهم سينامون فى جماعات وليس فرادى . كل جماعة تنام فى حلقة . أجسام السمان تشكل محيط الحلقة . الرؤوس متجهة إلى الخارج فإذا أحست الجماعة بالخطر إنطلق أفرادها طائرين معاً ضامنين ألا يؤدى الخطر المفاجئ إلى إرتباك أو مشاكل .
لما تأكد من إستيعابهم لما تعلموه خصوصاً من يشارك فى الرحلة للمرة الأولى أذن لهم بالنوم .
وفى الصباح قامت طيور السمان مستريحة تشعر بالنشاط يدب فى أوصالها . حمدوا الله على أن الليلة الأولى مرت بلا مشاكل أو خطر كما يحدث عادة . تجمعوا حول السمان الأكبر ليسألوه ؟ .
الآن بعدما وصلنا واسترحنا ماذا ستفعل ؟
در عليهم
:
لقد جئت هنا العام الماضى وأعرف مكاناً آمناً يمكن أن نحصل منه على الغذاء.
قادهم السمان الأكبر إلى مكان الغذاء . الجوع وثقتهم فى العائد أنسياهم الحذر .
وكان الصياد يتوقع أن يحط سرب سمان فى هذا المكان فنشر فيه الفخاخ والشبك .
وهكذا وجدت طيور السرب نفسها حبيسة شبكة الصياد . المفاجأة جعلت أحد الطيور الصغيرة ينسى أداب المخاطبة خصوصاً مع من هو أكبر سناً . لام القائد صارخاً فيه :
مشورتك أهلكتنا جميعاً . جئت بنا لنحصل على الغذاء أم لنقع فى شبكة الصياد .
لم يغضب القائد ولم يفقد هدوءه . خاطب طير السمان الصغير بحنو :
أى طيرى الصغير . كنت أعرف أن فى هذا المكان غذائنا . ولم أعرف أن الصياد كامن لنا فيه . الصياد لجأ إلى الحيلة فأوقع بنا ونحن إن لم نلجأ للحيلة سنضيع .
سألوه كيف ؟ فأجاب :
أول ما نفعله هو ألا ندع التفرق يبدد جهودنا ثم نقف صفوفاً داخل الشبكة وليس حلقات كما إعتدنا أن ننام .
أمرهم بأن يسرعوا بالتنفيذ قبل أن يحضر الصياد ويأخذ الشبكة بما فيها . نبه عليهم أن تكون الرؤوس جميعها متجهة لنفس الجهة . عندئذ صاح بهم ليرفعوا
أجنحتهم ويطيروا طيرة سمان واحد
.
نفذت طيور السمان أمر القائد .
إرتفعت بهم الشبكة قليلاً . زاد أملهم فى النجاة فواصلوا محاولة الطيران .
إرتفعوا بالشبكة . علوا بها .
لمح القائد الصياد . طالبهم بالإسراع . زادوا من سرعة طيرانهم . رأى الصياد شبكته تطير بالصيد الوفير . حاول أن يلحق بها لكن السمان إرتفع بالشبكة . أصبح بعيداً .
وعلو الشبكة أتاح للطيور أن تخرج من الشبكة طيراً فى أثر آخر . حينئذ سقطت الشبكة على الأرض . أمسك بها الصياد وهو حزين لضياع الصيد . بينما كانت طيور السمان سعيدة بنجاتها وبفطنة قائدها .


نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع احمد رجب شلتوت
 http/shaltout62.maktoobblog.com
shaltout_62@yahoo.com
احمد رجب شلتوت غير متصل   رد مع اقتباس