[طلعت سقيرق]

[align=justify]

غزة الدمار والنار ...والنصر

· طلعت سقيرق

إنهم يصرون على ذبح وقتل وتدمير كل شيء .. لم يتوقف زحف الدم عند حد .. شهداء غزة بالمئات والجرحى بالآلاف ، والآلة الفاشية الإسرائيلية لا تعرف ، مترافقة مع صمت عربي وعالمي ، غير فتح صنابير النار كي تقتل كل شيء ، كي تدمر كل شيء ، كي تقتل كل معنى من معاني الحياة .. والغريب العجيب أنّ هذه المذبحة أو المحرقة تحدث على مرأى ومسمع من العالم الذي يدعي الحضارة والحرية والإنسانية دون أن يحرك ساكنا .. !!..
أهل غزة ينامون إن ناموا على مخدة وفرشة من دم وجوع ودمار ، ويصحون إن صحا الواحد منهم على نهار من نار ودم ..ولا شيء غير مظاهرات واحتجاجات وشجب وندب ولوم هذا إن قام أحدهم بإصدار ما يشبه البيان ، حتى أننا نشعر بالغرابة ونحن نرى إلى أهل ليسوا كالأهل وعالم ليس كالعالم وإنسانية ليست كالإنسانية .. ناس تموت كل دقيقة ألف مرة ، وناس يتفرجون على شاشة التلفاز ولا شيء آخر غير الفرجة ، فهل تحول دم أهل غزة إلى مجرد فيلم طويل للفرجة ؟؟!!..
نحن أمام محرقة إسرائيلية نازية بتوقيع أمريكي والشهود عالم أعمى أصمّ أخرس ..لننظر إلى الأمر بعينين مفتوحتين جيدا ، ما يحدث ليس سهلا على الإطلاق غزة تذبح على مرأى من هذا العالم المغمض العينين عن سابق إصرار وتصميم وترصد ، الطائرات التي تقصف كل شيء في غزة تقصف أيضا كل معنى للحرية والعدالة والإنسانية ، وكما يستشهد الأهل في غزة تستشهد كل معاني العدالة والحرية وتموت ..
لكن إذا نظرنا بعين أخرى يمكن أن نرى أيضا أن ملحمة الدم ستنتصر رغم كل شيء ، نعم الدم سينتصر على الجلاد ، الدم سيبدع مقولته في الانتصار ، انتصار الشعوب صاحبة الحق ، الدم سيهزم الجلاد وسيقف شامخا ليقول كلمته .. هكذا علمتنا دروس التاريخ حين قالت بحروف كبيرة مضيئة : إن الدم لا بدّ سينتصر ما دام دم أصحاب الحق ضد الجلادين وسارقي وناهبي حق الشعوب .. لذلك أتفاءل رغم كل هذه المذابح وهذا الجريان غير المسبوق لدم الشهداء ، أتفاءل بأن الفلسطيني صاحب الحق لا بد منتصر ، لا بد واصل إلى تحقيق حلمه في الحرية ونيل الخلاص من كل احتلال .. أتفاءل رغم خرس العالم الأحمق وحول في عينيه حتى بات يرى الحقائق مقلوبة .. أتفاءل لأن شعبي شعب حي ، شعب يعرف كيف يصل إلى خلاصه من كل قهر ، هو قانون الشعوب الحية المصرة على ألا تنحني إلا لرب العباد .. أتفاءل لأن البندقية والقذائف والصواريخ وما شئت من آلات الدمار لا تستطيع مهما فعلت أن تقهر الشعب الفلسطيني وأن تجرده من إرادته ورأسه المرفوع ..
إنها غزة هاشم قاهرة الغزاة .. نعم أرى ما يسيل من دماء ... أرى ما يحدث من دمار .. أرى كل هذه الحرائق .. أرى صمت العالم الأحمق .. أرى تخلف الأخ عن نصرة أخيه ..أرى الكثير والكثير .. لكن لا أستطيع إلا أن أرى النصر للدم على الجلاد .. لا أستطيع إلا أن أرى غزة تنهض من حمام الدم لتقول لا للجلاد ولا للعتمة ولا لكل ألوان الاحتلال .. لا أستطيع إلا أن أرى غزة المنتصرة بإذن الله وهي ترفع هامتها ورأسها عاليا معلنة أن الصباح ، صباح غزة هاشم لا بد أن يكون مليئا بشمس الحرية والخلاص والوقوف الرائع الثابت ..
[/align]