[حسن الحاجبي]

بالكاد اجد لنفسي كرسيا شاغرا على رصيف مقهاي المعتاد ,في ساحة مدينتي العربية .
...رائحة التاريخ تعبق من جنبات الساحة, تختلط بدخان الوجبات السريعة المنتشرة دكاكينها في كل مكان . مرقص الافاعي يسدل شعره الكث على كتفيه, و يزغرد لثعبان اسود . قارئة الكف تتطلع في يد فتاة تنتظر عريسا لم يصل بعد ...طفلة صغيرة تبكي بعد ان طيرت الريح بالونتها في الهواء . الحكواتي لا يمل من ترديد سيرة سيف بن ذي يزن ...صراخ الباعة يتعالى وهم ينادون على بضاعتهم الرخيصة ...عجوز متصابي يحدق في المؤخرات من وراء نظارته السوداء .شاشة التلفازفي المقهى تعرض صور الدمار و تحصي اعداد الشهداء في غزة ...لا احد يرفع راسه ليرى ما يحدث . فجاة تصطبغ السماء بلون الحمرة القاني, ...وهي رائحة بطانا نحو اعشاشها, تلقي اسراب الطيور بفضلاتها على رؤوس اللاهين و المتجولين . ارفع راسي فاراها غاضبة من فرط الصمت المطبق رغم الصراخ و الضجيج . كانت الطيور تتكلم و نحن صموت , الخزي و العار لكل من في الساحة , الخزي و العار لكل الجالسين , لكل الواقفين, لكل المتحلقين حول مرقص الافاعي ,,,حول قارئة الكف ,,,حول الحكواتي ,,,وحدها الطفلة التي استرجعت بالونتها كانت تردد في مرح طفولي : بالروح بالدم نفديك يا غزة .
ارشف من قهوتي السوداء, فاكتشف انها باردة و بلا طعم . الخزي و العار لي و انا غارق في خجلي ,الخزي و العار لكل من يشاركني شناري, الخزي و العار لاقلامي و ريشتي و اشعاري,..انا عربي مهزوم و في ذلك لست اماري


حسن الحاجبي