عرض مشاركة واحدة
قديم 02 / 02 / 2009, 05 : 03 AM   رقم المشاركة : [1]
هشام البرجاوي
ضيف
 


السجن الدستوري.

[align=justify]
في المغرب، يحرص الدستور و الدين على حراسة زنزانة الإسلام السياسي، فما مصير حرية الموقف السياسي الممنوحة بقوة الدستور لكل شخص فردي أو اعتباري(هيئات)؟

تطلب استيعاب علماء الدين المغاربة لحقيقة تكيف الإسلام مع الحريات الممنوحة للمرأة أكثر من نصف قرن من الزمان، فقد تجاهلوا هذه الحقيقة عندما انخرط الحسن الثاني باسم الشعب المغربي في المواثيق الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان بتحفظات مستمدة من الانتماء الديني. بادرت المجالس العلمية إلى تأييد موقف الملك الراحل من خلال ما كان يوصف وقتئذ بالأدلة الفقهية الدامغة. و بعد أن رفع الملك محمد السادس التحفظات التي أقرها والده معززا بمباركة العلماء، بادر نفس الدينيين إلى تزكية القرار الملكي و وصفه بالمستخلص من روح الإسلام التي لا تتناقض مع تحرير المرأة و مساواتها بالرجل.

مصطلح علماء السلاطين يعود بقوة إلى الواجهة في مثل هذه الوقائع المتناقضة، هذه الفئة المائعة من العلماء و التي تحظى بامتيازات مادية و سلطوية تساهم في فصل الدين عن الدولة قسرا رغم أنها تنادي تماما بالعكس، بحيث تجعل الدين تابعا مطيعا للدولة المعبرة إسلاميا عن الإمامة الدنيوية. إذا كان الإسلام يمتلك علاقة ممتازة مع حقوق المرأة طبقا للمقياس المعاصر، فلماذا دعم العلماء المغفور له الحسن الثاني لدى إقراره لمجموعة من التحفظات المستوحاة من الإسلام أثناء التوقيع على عدد من الاتفاقيات القانونية الدولية؟ يستنتج بكل سهولة من هذا الحدث أن القرار يعود و بصورة فردية إلى الملك، فمجرد إبدائه لرغبة الاستشارة يحول إلى قرار قانوني منسجم مع الدين، هكذا، أوتوماتيكيا. من السابق لأوانه أن نحشر كل تنظيم ذي مرجعية إسلامية في المغرب ضمن نفس قائمة علماء السلاطين، لكننا ننتظر بفارغ الصبر تعليق مختلف الهيئات الإسلامية عل قرار الملك من أجل هدفين أساسيين: تحديد الانتماء الفعلي للإسلام السياسي المغربي و قياس لمدى حرية التعبير.

شخصيا، أتفق مع القرار الملكي، ليس من منطلق انسجامه أو تنافره مع اقتضاءات الشريعة، و إنما من منطلق كون الشريعة منفذة جزئيا و تحديدا في مجال مدونة الأسرة، فمن المعلوم أن فعالية نظام قانوني ما رهينة بتحقق شرط شمولية التنفيذ، و حيث أن جزئية التطبيق متوفرة في الإسلام داخل المغرب، فإن العديد من التشريعات الدينية ستبدو متضادة مع المستجدات المجتمعية. على العموم، أعتقد أن إمارة المؤمنين الواجبة للملك حرمت التيار الإسلامي من خدعة الانشطار الذاتي حسب القرب أو البعد من السياسات الرسمية، فاليساريون يميزون بحماس شديد بين اليسار الحكومي و اليسار الشعبي حفاظا على الصحة التاريخية الإيديولوجية للفكر اليساري، بخلاف التيار الإسلامي الذي يرغمه الدستور على الامتثال التام للقرارات الرسمية المتماسة مع الدين و هو ما يرشحه لتلقي انتقادات حادة قد تصل إلى مستوى تجريده من الشرعية الجماهيرية
[/align]


نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
  رد مع اقتباس