المسرحية الشعرية
سأشتكي الاجداد فيكم
رحلة عبر العصور
بقلم :خالد حجار
كلمة المؤلف :-
إنه لمن دواعي سروري أنْ أضع هذا العمل لأهلنا في هذا الوطن الموجَّع والمثخن
بالجراح، كي أرحل بهم إلى أولئك العظماء ، فيتعرفوا على عظمتهم، ويسيروا على
نهجهم، فيعيدوا أمجاد الأمة بهذا النهج العظيم، حيث الأبطال الذين حملوها على
رماحهم إلى العلياء، فجعلوها تتعانق مع ذُرا المجد فإذا به يخرُّ ساجداً أمام هذه
العظمة، التي بُنيت على العدل، والإخاء، ونبذ الفرقة ،والارتقاء بالعلم، حتى أوصلوها
إلى عَنان السماء، فلهؤلاء ولائي وطاعتي وشكراً.
أجزاء المسرحية
1 -الفصل الأول
أ. التمهيد للرحلة
ب. بداية الرحلة إلى العصر العباسي والدخول فيه والحوار مع أمير المؤمنين والانتهاء منه 0
ت. الرحيل إلى العصر الأموي بدمشق واللقاء بالخليفة عمر بن عبد العزيز ،ومن ثم متابعة الرحلة
ث. الرحيل إلى العصر الجاهلي والالتقاء بالشيبانيين عقب ذي قار ومحاورة الأعشى .
2: الفصل الثاني :المحكمة: وهي محاكمه للعصور التالية:
أ- العصر الجاهلي
ب- العصر الأموي ل
ت- العصر العباسي و العصر الحالي
3 - الفصل الثالث وهو فصل الثورة0
4 الفصل الرابع توقعات عن حال الأمة العربية بعد الوحدة0
شخصيات المسرحية :_
1) خالد - من العصر الحالي
2) سلوى - من العصر الحالي
3) حاجب - الخليفة العباسي
4) الرشيد - أمير المؤمنين
5) فارس أموي
6) حاجب أموي
7) الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز
8) جريح –بين مجموعة من القتلى –
9) شيبان ( أحد أفراد قبيلة بني شيبان)
10) هاني بن مسعود الشيباني
11) الأعشى "صناجة العرب"
12) القاضي "وهو يمثل ضمير الأمة"
13) المدعي العام "وهو يمثل التاريخ
14) المأمون
15) المعتصم
16) مستشاران للقاضي
17) فرقة استعراضية
18) إمبراطور عربي
19) أربعة وزراء للدولة العربية "وزير النفط، وزير الدفاع، مستشاران،
20) سفراء لأمريكا وأوروبا والصين
نبذة عن المسرحية:
إنها عمل يحاول ربط واقع الأمة الراهن بجذورها عبر تذكيرها بأنها كانت
رائدة الأمم, وأنها تعيش اليوم حالاَ بائسةً سببها التشرذم والأنظمة اللقيطة، وتسرب
الأفكار والمفاهيم الغريبة إليها، وخلعها من جذورها لكي
لا تكون لها قيمة بين الأمم، وتحت شعارات براقة، كالتقدم تارة أو الحريات تارة أخرى،
أو العولمة و الانفتاح وغيرها, لهذا رحلت بواقع امتنا
المتشرذم، الذي سببته الأنظمة وتبعيتها للغرب وخذلانها لأمتها بل والمتاجرة بأوطانها،
وبدماء أبنائها، وإعطاء الغرب وعلى رأسه أمريكا،
خيرات الأمة ومد يد أمريكا والغرب إلى أوطاننا؛ لكي يتسنى لها حماية تلك الأنظمة
من شعوبها، ومن ثم تقوم هذه الأنظمة على مصالح الغرب,
لهذا قمت بطرح واقع الأمة على الخليفة العباسي والخليفة الأموي وحتى على العصر
الجاهلي حيث التقيت هانئ بن مسعود الشيباني وأعشى
قيس و كانت لهم ردود فعل سترونها من خلال المسرحية.
أما الفصل الثاني فقد شكل محكمة لكل العصور التي ذُكرت في الفصل الأول،
فالقاضي يمثل الأمة، والمدعي العام تمثَّل بالتاريخ، وقد ضمت المحكمة معظم الأطياف
التي لعبت دورا في صياغة تاريخ المرحلة التي كانوا
فيها. وتم استخلاص عبر هامة تخدم الواقع الحالي الذي نحياه.
وجاء الفصل الثالث بناءً على ما سبقه من مهيئات، وإذ بالثورة العارمة
التي تتوجت بوحدة الوطن العربي الكبير في دولة واحدة على رأسها القائد الأعلى الذي سمي أمير الأمة.
وفي الفصل الأخير الذي حاكى مستقبل الأمة بعد الثورة، كانت صولات
وجولات ومؤامرات، انتصرت فيها الأمة العربية بوحدتها وإرادتها على كل أعدائها.
وفي نهاية هذا الملخص، أرجو أن أكون قد رسمتُ نهجاً بقلمٍ عربي يساعد
في السير نحو الوحدة؛ فبدونها لا يمكن للأمة أن تكون.
والله ولي التوفيق
الفصل الأول
المشهد الأول :-
تفتح الستارة :- على خشبة المسرح.
سلوى تجلس على الأريكة بثوبها المطرز وشعرها الطويل وبيدها ديوان شعري، وتبدأ بالقراءة بصوت منخفض
يدخل خالد ببزته عائدا من عمله كالمعتاد ويقوم بتشغيل المذياع.
المذياع : نواصل تقديم هذه الأخبار من صوت العرب:
بغداد: قصفت الطائرات الأمريكية المنطلقة من أرض نجد والحجاز، مناطق الحظر الجوي
في جنوب العراق مما أدى إلى إصابة العديد من المواطنين وهدم بعض المنازل.
فلسطين المحتلة:- القوات الصهيونية تقتحم بعض المدن الفلسطينية وتعيث فيها فساداً .
بيروت: الطائرات الإسرائيلية تقصف جنوب لبنان والبقاع فتوقع عشرات والشهداء والجرحى
الخرطوم : قامت البوارج الأمريكية بقصف مصنع للدواء في السودان مما أدى إلى تدميره.
الصومال : ما زالت الاشتباكات مستمرة بين الفصائل المتصارعة هناك
واشنطن: كشف وزير الخارجية الأمريكية عن قائمة الدول التي ترعى الإرهاب حيث كان
ضمنها العراق وسوريا وليبيا والسودان ولبنان والصومال و أكد أن أمريكا ستواصل حربها على الإرهاب.
الخبر الأخير في هذه النشرة:
وزراء الخارجية العرب اجتمعوا في إحدى العواصم العربية، وأعلنوا أنهم لا يستطيعون
عمل أي شيء للفلسطينيين سوى التوسل لأمريكا لفك الحصار وإيقاف القمع الإسرائيلي عن
الفلسطينيين.-وأخير شكرا لإصغائكم والسلام عليكم.
يقوم خالد بإغلاق المذياع وهو يتأوه ويضرب كفيه بعضها ببعض
خالد ببطء:
وطني أمـا يبُكيك يا نجمٌ علا
أنت العريق ودون أرضك ذي فلا
والنور في طيات مجدك ما خبا
إنْ كنـتَ ترقد في الظما مُتألـِّمَا
فدماؤنا ما يوم هيجاءٍ خَبــت
إن أنت تطـلب مُهجتي لن أَبخلا
والروح ذي ثمن رخيص ماغلت
لا لـن تهون وكـنْ علي مُدللا
منْ ثُـلَّـةٍ جوفـاءَ أنت مُكبَّلٌ
فـالصبر يا وطني على هذا البلا
سلوى:
أوَتَشتكي للغير؟
خالد صارخا :ً
تلــك مذلةٌ بل أشتكي للغابرين من الملا
سلوى أعدي للرحيل تزودي فالصبر طال وحالنا قد أُثقِلا
****
سلوى:
قد حزَّ في نفسي تفرق أمـة
حكامها والت عدواً مُجرما
هل قِلَّةُ الفرسانِ هزت أمتي
أو نقص أعتادٍ لكي تستسلما
خالد:
أرض العروبة وُليت لمهاترٍ
فاحتلَّ أقصاها العدو وَأتُخما
وأهان لبنان الأشم بغــزوه
حكامنا أضحت أصم وأبكما
سلوى:
دخل الغزاة بأرض مكة دارنا
وغدا العراق محاصرا متألما
وأقيم للمُورِتان دولة معرض
أنَّى لها أن تزدهي كي تَحلُما
فالصبر طال وحالنا قد أُثقِلا
سلوى تتجه إلى أحد الأبواب على خشبة المسرح وتفتحه وتشير بيدها داخله قائلة:
سلوى:
أعـلُ الجواد فأي قطرٍ تقصدُ
الكل مغموم وأين المقعــدُ
لا تنتظر من أمة صرعى بدت
هُزمت وحطمها عدوٌ حاقـدُ
وتشتت أجزاؤها وتـقزمـت
والكـل للأعداء صار يـودِّدُ
خالد :
صبرا أيا سلوى فليست وجهتي
أبغي بترحالي ملوكاً قد مضوا
صنعوا لنا المجد العريق بعزهم
قد سطروا نهجا عظيما يُنهضُ
فتحوا البلاد ودان كـل معانـدٍ
لِحسامهم يـا ليتنا ممن قضوا
سلوى تهز رأسها موافقة ويتجهان من نفس الباب وتسدل الستارة ويعلو صوت حوافر الخيول مغادرة متباعدة "
أي أنهم رحلوا0"وتخرج الفرقة الاستعراضية لتغني النشيد التالي :
وطني أما يبكيك يا نجم العلا
أنت العريق ودون أرضك ذي فلا
المشهد الثاني
خالد وسلوى وخيولهم على المسرح متعبين يُطلِّون على منطقة خلف المسرح :
سلوى:
أَنظر ويا للعين ما هذا تـُرى
أَفوارِسٌ وعلى الجِياد تزمجروا
ارجعْ بنا قد يقتلونك إن رأو
كَ وأنت لست مقاتلا فتشـاجرُ
خالد:
سلوى أما من نظرة قد أُخْليتْ
من أي ظن إنهم جند الـعَرَبْ
تلك القصور بأرض بغدادَ انظري
وإلى أمير المؤمنيـن سَنقْتربْ
ويخرجان من أحد الأبواب وتسمع الموسيقى ثانية , "الموسيقى التي تحوي صوت أقدام الخيل" وتسدل الستارة0
المشهد الثالث:-
يقسَّم المسرح بالإضاءة إلى قسمين وتسلط الإضاءة على الحاجب حسب تنقله بين
باب القصر ودخوله على الخليفة 0
هناك على باب القصر جنديان بلباسهما العباسي الأسود و يحملان رمحين متقاطعين والحاجب بجانبهما من داخل
القصر ؛ يأتي خالد وسلوى بحيث يظهر خالد بلباسه العادي مضافا إليه عباءة وسلوى كما هي بلباسها العصري
وبشعرها الطويل :- يخرج الحاجب أمام الجنديين فيقتربان منه : –
سلوى :
طاب اللقاء بحاجب وخلافةٍ
العدل فيها قد نمَا وترعرعــا
إنَّـا نُـريد الملتقى بخليفةِ
نشكو ا له ظلما طغى وتفرعا
الحاجب:
سأبلِّغ الملك المفدى أمركمْ
فعسى يُكرِّمَكُم بأن يأذنْ... لكمْ
يذهب الحاجب إلى الخليفة وتنتقل الإضاءة مع الحاجب ، يظهر الخليفة هارون الرشيد بلباسه العباسي المعروف
وبهيئته المشرفة بلحية قصيرة وبعمامة سوداء جميلة على عرش الخلافة وبجانبه اثنان من معاونيه و أمامه
مساحة كافية بحيث يكون كرسيه مرتفعا عن الأرض بعدة درجات ويكون جميع من حوله دونه ارتفاعا , تعلق
بعض السيوف والأشياء التي توحي بأنه مجلس الخليفة ,تنتقل الإضاءة مع الحاجب إلى الخليفة ويقف الحاجب
بين يدي الخليفة قائلا بعد أن ينحني إجلالا للرشيد.
الحاجب :
شاهدت مالا يُرتأى في عصرنا
حسناءَ جاءت تلتقيك أميرنـا
تشكو المصاب وما ألمَّ بحالهـا
لا بد من ظلمٍ طغى فأتت لنا
لبست ثيابـا كالجـواري حرةٌ
وعلى يقيٍن ليس ذا بزماننا
الرشيد:
ودَّدْتني للقائهـا وجَـذبـتني
هـلا تعجَّلت اللقاء فننصفا
مظلومـةٌ مـن ظـالمٍ متجبرٍ
ندعو لرب الكون ألا نُخسَفا
الحاجب:
السمع يـا مـولاي هـذا دأبنا
كي يستمر العدل فوق ربوعِنا
ويعم في الأمصارِ عصرٌ لامعٌ
ما في البسيطة ما يُشاكه حكمَنا
يذهب الحاجب ومعه الإضاءة إلى باب القصر ويمد يده إلى خالد وسلوى بإشارة للسماح لهما بالدخول ويدخل
أمامهم حتى مجلس الخليفة وينحني ويخرج، و تبقى الإضاءة كاملة على الخليفة وضيوفه,ينحني خالد وسلوى
للخليفة الرشيد قليلا ثم يتقدم خالد خطوتين ويقول:
خالد :
طاب النهار عليك يا شمس الهُدَى
بين النجوم وأنت مَن صَنـع العـُلا
والحـق أنك قـد صدقت لأُمـّةٍ
وَبنَيتَ مجداً باهِرا مــُتأَصـِّـلا
تـأبى الفوارس أنْ تنالك خشيةً
ويَخـر كُـلٌ سـاجـدا متـذلـلا
سلوى:
نحن الذين تلو عهود المجد مـن
قِـدمٍ وقـد مالت بنا سبل الـبـلا
قد شتت الأعداء شمل عروبتـي
وتمـزَّقـت والجـرم بات محلـلا
وتـوالم الأعداء والويلات قـد
هزت بـنا والحال لـن يــُتحمَّلا
الخليفة غاضبا:
تباً لكـم كيف الغـزاة توالموا
وتقصفت رايـاتنا وتـدنَّسَتْ
أرض علا صرح بها وتوسمت
يـا للمهانةِ كيفَ بعد تـقزمتْ
أقسمْ بـأنَّكمُ خـذلتم سـالـفـا
وتمرغت فينا الفوارس وانحنتْ
عـودوا لِـرشدكمُ لتحيوا أمـة
وتوحدوا وادعوا إلى لمِّ الشَتتْ
اعلـوا لكم عـلما وحيدا يجمعُ
لا ترحموا فيكم دعيَّاً إن ثبَتْ
سلوى :
لـكننا أسرى لحكـامٍ غـدوا
ألعـوبة بيد الأعاجم أتقنوا
فـن النفاق على دماء شعوبنا
وتجارة الأوطان فيها أمعنوا
الرشيد :
جـَمـْعُ القُوى نهج مهم أوَّلُ
والعلـم والأيمان نبع فانهلُـوا
بهما تُعزُّوا عن أولئكَ كلـّهم
ولّـوا عليكـم بينكم من يَعقلُ
ادعـو الشعوب تهبُّ هبة واحدٍ
ارموا عـروش الظلم لا تتذللوا
بـالعلم تـرقـوا دونه فجهالةٌ
والجهل قد يرمي الفتى بل يَقتلُ
خالد لسلوى هامسا:
لا تفرطي بحديـثـك
فمن الرجولة تنقصينْ
وأنا هنا الرجـل الذي
يروي لـه ما تبتغينْ
سلوى بغضب :
أتغار مني يـا فتى
والله لا أستغـربُ
ليس الرجولة شكوة
إن الرجولة مضربُ
أين الرجولة والفداءْ
لما الغـزاة تغلبوا
إنَّ الرجولة أصبحت
نغمات رقص تطرب
الرشيد مبتسماً:
واللهِ إنك صادقـة
إن كان قـولك بالِغاً
والحق أنْ تتمردي
ليس الرجولة منظراً
والخيل تبغي فارسا
حتى يشد لها الرسن
الرشيد لخالد:
بغداد أين رجالها
فهي المهابة للعربْ
منها تُشَدُّ رحالكم
وتفرجون بها الكُرَبْ
وتوَحدوا أقطاركم
وتكون بغداد العربْ
خالد متألما:
كل الغزاة تزاحموا
حتى الرعاة توالموا
يغزوننا من أرضنا
وولاتنـا تترنـم
والحر بات مقيدا
ومحاصراً يتألمُ
الرشيد يصاب بوعكة صحية ودوار ويكاد أن يسقط من شدة ما سمع عن أحفاده ويأتي اثنان من حراسه ويحملانه
ويدخلانه إلى أحد الأبواب ويأتي الحاجب مسرعا فيستأذن خالد وسلوى ويخرجان وتغلق الستارة تخرج الفرقة
الاستعراضية لتغني المقطع:
والعلم والإيمانُ نبعٌ يــُنهـلُ
المشهد الرابع
تفتح الستارة وعلى خشبة المسرح تظهر لافتة كتب عليها دمشق في العصر الأموي ويظهر جنود باللباس
الأموي يتنقلون ويدخل خالد وسلوى على فرسيهما سائرين على المسرح 0في حين يبدو على الجانب الآخر
من المسرح أحد الفرسان ممن يحرسون الخليفة، خالد ينظر على منطقة خارج المسرح قائلا :
خالد:
أشرقت يا فيحاء نورا ساطعا
سحر الروابي فتنة مستعـذبَه
بردى يطوف مفاخراً مـتـألقاً
ملك تعالى والجيوش بمقر بَه
وسيوفهم غصن يلـوح برأسه
ثمر تطيب له النفوس فتطلبَه
بك يا دمشق وقد أُسِرْتُ بنسمة
هاجت بكل مشاعري المتلهبة
سلوى للفارس:
طاب اللقاء بفارس مترجلٍ
من جند يعرب والحسام يدلِّلُ
أكرم ضيوفك إننا نبغي اللقا
بخليفة الرحمن هل نتوصّلُ؟
الفارس:
سهلا نزلتم مرحبا بكما هنا
دار الضيافة أينما شئتم قمـرْ
هيا اتبعاني إنما هي جولةٌ
وأنا من الحراس أعمل للسحرْ
فيسيران معه إلى قصر الخليفة وإذا بهم يلتقون بتاجر ثري تظهر عليه ملامح الثراء فينظر إلى سلوى
بإعجاب وهو مندهش
الحارس:
أهلا بيونس تاجر الشام الأغر
يونس مشيرا إلى سلوى : أهلا بحارسنا وأهلا بالقمر
حسناء من خير الحسان قوامها
سلبت فؤادي إذ رمتني بالنظر
إني اشتريت بألف درهم يا أخي
وعلى يقينٍ أنني منها أُسر
خالد منفعلا:
مهلا لقد أسرفت ويحك إنها
عربية من نسل يعرب من مضر
الحارس:
عربية؟ عربية ؟ أ ومن مضر
حرات يعرب قد غدت ملك البشر؟
يونس متهكما:
وهل العروبة قد بدت في سترها
أم أنّ روما من فُخيذٍ من مضر؟
سلوى غضبى:
يا للسماء ويا لناقوس الخطر
أُشرى أُبـاع كقينة لا تستشر
سلوى لخالد:
هيا نعـود لأرضنا فكـرامتي
أضحت مسخرة لمن منها سخر
الحارس:
عربية حقا وإني مقسمٌ
أن أحمينّهُما وإن رأسي بُتر
يونس:
عار علينا أنْ ننالَ من الذي
يأتي حمانا أو نُذل من استجارْ
امضوا لشأنكمُ فإني نـادمٌ
هلا رأيتم أن أُقدم اعتذار؟
خالد:
هيهـات ينجـي الاعتذار
أو أنْ يـؤثـرَ في قـرار
ويسلمان على بعضهم ويمضيان في حال سبيلهما، ويمضي التاجر وهو يسال نفسه،
ويصلان قصر أمير المؤمنين
خالد لحاجب الخليفة:
بتحية عربيةٍ وأصـــيلةٍ
أبـدأ حديثي والســلام المطلعُ
عربٌ أرادوا الملتقى بخليفة
هلا وصلت بنا إليه فـتــجمعُ
نجلاً بجَـدٍ فارسٍ ومكافحٍ
أنى لنا أن نستوي أو نتـــبعُ
الحاجب:
إني أرى بالافتراء بـلاغـة
سأذيقكمْ شـراً إذا لم تـوصِلا
لـُبِّي بما فُهتم به بـقرابـة
لخليفة الـرحمن هـذا أوَّلا
كيف الخليفة يلتقي نسبٌ له
بكما، بجـاريـةٍ مبرجةٍ طـلا
مع فارسٍ والله ليس بفارسٍ
ما استلَّ سيفاً في الحياة وأرسَلا
خالد :
صبراً أخي فلقد أسأت مرامنا
إنا تلوناكم عصوراً قـد خلتْ
جئنا وقد ضاقت بلادٌ أُتخمت
بشرور نَزعاتٍ نمت وتمددتْ
هذي هي سلوى وليست قينة ً
في عصرنا ما من قيان أُبقيتْ
الحاجب :
إني سأذهب للخليفة مبلغاً
ولتبقيا حتى يرى في أمركمْ
الحاجب ينحني للخليفة قائلاً:
اثنان فروا من ظلام دامسِ
رجل على فرس وليس بفارسِ
ورأيت حسناءً تشاكه قينة
يستأذنـانِ ليدخـلا للمجلسِ
الخليفة:
أدعـوهمـا فليدخلا
والسمع حتى يكمِلا
إني أرى في أمرهم
بغرابـة إذ يرحَلا
فيذهب الحاجب لإحضارهما ويمد يده للسماح لهم بالدخول , فيسيران خلفه حتى يصلا
للخليفة عمر بن عبد العزيز,ينحنون جميعا إجلالا له ويذهب الحاجب إلى عمله ويتقدم خالد عدة خطوات ثم يبدأ قائلا:
خالد:
نور الخليفة أشرقا
والعـدل بـات محقَّقَا
ولقـد أتيناكمْ هنا
نشكو المصاب المُحْرِقَا
أنظـرْ إلى حكامنا
عربٌ ولست مصدِّقـا
للغرب أولوا شأنهم
لولاهم مـا احـرِقـَا
مسرى النبي محمدٍ
والظلم عـمَّ المشرِقـا
الخليفة:
ما الخطب تباً يا فتى
فالقول ليس مُصدَّقا
أين الزحوف وأهلها
وسيوفنا كي تُطلَقا
مسرى النبي محمدٍ
وتعيد مجداً مُشرِقا
يصمت الخليفة قليلا ثم يكمل:
قسماً بـربِ الكعبة
أنَّ الدهـور تفـرقُ
ما الخطب يا أحفادنا
فالأمر بـات يؤرِّقُ
هل ترتدون العار يا
أهـلَ العلا أو يُسرقُ
مجـدٌ وعـزٌ باهرٌ
جَعَلَ الأعاجِمَ تُسْحَقُ
سلوى:
إنَّ الحياةَ غـدت لنا
عبداً تسيَّره العجمْ
شـر الهـزيمة أننا
نستبدل السيف القلم
فالحرب لا ندعو لها
بـل نشتكيها للأمم
حكامنا خرُّوا سجـو
داً للغـزاة بلا همم
خالد:
إنَّ التشـرذم سادنا
هيهات أن نتوحدا
قد جُـزئت أوطاننا
والأمن بات مُهدَّدا
والروم أضحوا إخوة
لولاتـنا والمرشدا
الخليفة:
إني أرى في أمركم
أن تدعوا للصالحا
فالله قـد أهدى لكم
ديناً يُعـزُّ الفالحــا
ومن الكتاب ووحيه
ستخرجون مسالحـا
بهما تـُدكُّ ولاتكـم
والعدل يصبح واضحا
للروم شدُّوا عزمكم
فستدخلون فواتحـا
خالد :
الشعب مُـزِّق بالفتنْ
وَتَـقلَّبت فيه المِحَـنْ
بِـتَـشتت وتشـيع
صاروا يكنون الضغنْ
وتقلدوا بـعـدوهم
قد أنكروا كـل السننْ
قـد أُبْهروا بحضارةٍ
الحـر صار له ثمنْ
الخليفة تظهر عليه علامات الغضب الشديد فيقف يائسا يقول : بئس الحياة وأهلها
إن سيطرت فيها الفتنْ
ماذا دهى أحفادنا
عصفت بهم سوء المحنْ
ويكرر آخر بيت وهو لا يستطيع حمل نفسه من شدة الفاجعة، ثم يأتي اثنان من حراسه فيحملانه ويدخلان أحد الأبواب ويأتي الحاجب فيستأذن خالد وسلوى يخرجان وتسدل الستارة مع الفرقة الاستعراضية لتنشد المقطع التالي :
يتبع