رسالة إلى صديق أحيل إلى الهامش
رسالة إلى صديق أحيل إلى الهامش
قبل التحية ,
لابد أن شرارة شرٍّ إتقدت بداخلك و أنت تقرأ العنوان لذا اسمح لي بادئ ذي بدء أن أقول لك بأن المفاجآت حدثت و تحدث و ستحدث دوما وبأن أعتى و أفضل المنظرين يفشلون في توقع التسلسل المستقبلي للأحداث أحيانا.
في العلاقات الإنسانية صعود و هبوط وتوافق و نفور وإلى جانب الركائز الأخلاقية تلعب الكيمياء النفسية دورا مهما في تجاذب و فراق الآ دميين.
إسمح لي أن أتوقف قليلا هنا فقد أطلت السيدة فيروز من شاشة التلفاز بصوتها العذب تغني نحنا و القمر جيران، تقف هذه المرأة بكامل التوازن على الخشبة و تكاد لا تظهر تفاعلها مع ما تغنيه لكنها رغم ذلك تنجح في الإلقاء و الأداء بل تضفي وقفتها على كلماتها نوعا من القدسية و المهابة.
أغنية قصيرة ذكرتني بالقمر صبيحة يوم أمس ،كنت على دراجتي و الصباح يكاد يفتح شبابيكه لكن القمر كان لايزال مضيئا و مستديرا في السماء ومع أني لم أكن حالمة ولا رومانسية إلا أني سلَّمت بسحر المشهد وعظمة الإله.
تتساءل لما أدخلك في كل هذه التفاصيل و تمقتها و تمقتني ،لكني حتى في أحلك اللحظات لا أحب أن أفقد عفويتي هي جزء جميل من تركيبتي أحرص عليه وأخشى إن ضاع مني أن تهرب معه براءتي و طفولتي وأن تغادراني إلى الأبد وهذا أهم عندي طبعا من مزاجيتك وأنت تستكشف الرسالة.
قبل أن أنسى التحية :صباح الخير وأتمنى أن تكون بخير ,صدقني ليست أمنية رسمية مني لكنها أمنية نابعة من إحساس صادق و كريم .
لأختصر الطريق أتسلل إلى لب الخطاب فكما يشي لك حدسك أنت المقصود ، كنت صديقا وأنت اليوم بالنسبة لي على الهامش .
ليس في الأمر مجاملة ولا تحامل ولا تآمر ، الصداقة تقارب و تناغم و انسجام ,هي نوع من الإنصهار المانح للسعادة و الرضا ، حينما نقبل بموجبها أن يذوب جزء منا في الآخر بوعي فإننا نفعل ذلك دون ندم لأن الشعور الذي يغمرنا أثمن وأجمل من الأنا الذي نضحي به.
وأنت لم تعد صديقي الإنصهار صار استحالة و الذوبان خسارة كبرى بالنسبة لي .
هناك من الناس من نُهديهم وردا فنجد لديهم مزهرية لاحتوائه ، يذبل الورد و يرمى و يحفظون ذكراه في قلوبهم ومع كل باقة تضعها أيديهم في المزهرية ,وهناك من يبادلوننا الهدية بهدية أجمل في وقت لاحق لكنك من الفئة الثالثة التي تنظر إلى الورد بازدراء وتعال، تشكر المبادرة لتبادر إلى التجمل و التكلف و الغرور.
فالورود لاتلامس الجانب الطيب الرقيق من روحك بل تثير نزعة تعزيز إعجابك بنفسك .
لن أقول أنك كنت مخيبا للآمال دوما ولا جارحا باستمرار ولا أنك سقطت في امتحانات الصداقة النبيلة
لكنك فشلت حتما بجدارة في الحفاظ على صورك ومواقفك الإيجابية معي، دنَّستها كلها بتهور وتراجع يتبعه أذى مقصود و متعمد.
وقد يريح ضميرك, إن لامك يوما ,أنه لا خوف علي لأني مع إحالتك إلى الهامش أضع كيس أعبائك وآذاك و مرارة صداقتك على ظهرك ،ولا أطالبك بالتخلص منه ولا بالإختفاء الفوري لأن تصنيفي صدر و قناعتي به اكتملت.
'من يهمل ميزات الصداقة ينتهي بفقدان الإحساس بها ' قالها شكسبير وأستوحي من كلماته خاتمة سطوري لك فأقول : 'كل من مروا بدروب صداقتي أخذوا من قلبي لأنفسهم تميمة حب و شفافية و عفوية جميلة فخذ لنفسك واحدة أنت أيضا و تيقن أن النفوس العظيمة تودع بدون حقد وتكبر لتصغر آلامها'.
وداعا يامن كان صديقا و أحيل إلى الهامش.
Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|