عرض مشاركة واحدة
قديم 13 / 02 / 2009, 11 : 09 PM   رقم المشاركة : [1]
هشام البرجاوي
ضيف
 


الإيبقراطية السياسية في المغرب

[align=justify]يعيش الشعب المغربي السياسة فيلما متكررا بأحداث رتيبة، لا يبعث على السأم و إبراز الرغبة العملية في التغيير مثلما يفترض المنطق السياسي القويم، و إنما يواصل مزاولة الإستقطاب بواسطة البروباغاندا المستوحاة من الدين رغم أن الإستقطاب الأيديولوجي المغلف بالمعتقد خسر الكثير من بريقه السابق. خلال الإنتخابات التشريعية المنصرمة، و قبل بدء عملية التصويت، استفادت الأحزاب من دعاية ديمقراطية، و لم يتقيد نظام جلالة الملك محمد السادس بارتباطاته الدولية المختصرة في انخراطه في مشروع مكافحة الإرهاب بكل أبعاده، و لم يتقيد بالموروث السياسي الحسني أيضا، إذ أن إحياء سلوك الملك الراحل الحسن الثاني ضمن مفردات المشهد السياسي المغربي يتعارض مع عزل الوزير إدريس البصري الذي تزامن مع وصول محمد السادس إلى السلطة و يتعارض مع تأسيس هيئة الإنصاف و المصالحة، كما أن استرجاع السيرة الحسنية كان ليفضي إلى تنفيذ حصار خانق على الخطابات الإصلاحية التي تنشرها الأحزاب في حالة استهدافها لأجهزة الحكم و الكيفيات التطبيقية التي يمارس بها استراتيجيته الوجودية.

و قد لاحظ المتابعون لأطوار الإنتخابات أن المناخ السياسي العام تخلص من المدح الطاغي للملكية التي تعد أعلى مؤسسة حاكمة بمقتضى الدستور، فالسايكولوجيا الجمعية السياسية تثبت أن الكيانات السياسية المغربية تأقلمت مع الملكية و لم تعد بحاجة إلى التأكيد الدوري على هذا الإنسجام مثلما جرت به العادة زمان الحسن الثاني. و قد ازداد سؤال الصلاحيات المخولة للملك بعدا عن دائرة النقاش القانوني البحت عقب ظهور الحركة الأمازيغية التي ترغم كل مثقف مغربي في اعتقادي على مراجعة الخط الأكاديمي و العادي الذي يؤمن به إزاء الملكية المغربية. الهدف واضح، ملكية تتلاءم مع الانتظارات الحديثة، لكن الغموض ما يزال سادلا خطورته على استفهامين مفصليين : الوسيلة و المدة الزمنية اللازمتين لتحقيق الهدف. أعتقد أن المثقف المغربي يلتحف صمت القبور عندما يواجه هذا التساؤل و أغلب المغاربة يتنصلون من إقتراح فرضيات تقارب العناصر الثلاثة : الهدف، الوسيلة و الزمن، داخل نسق الملكية الضامنة للوحدة السياسية و الإنتماء التكتلي و الثقافي بالنسبة إلى العالم بأسره. الإقتضاب أو الإسهاب في تحليل العمق الإستراتيجي للمطالب الأمازيغية يثبت أن العروبة في المغرب ( التضامن مع الشرقيين في قضايا فلسطين و العراق و لبنان و ...) تتعايش بفضل الملك المنحدر من العائلة النبوية مع تهديد شعوبي أمازيغي لا تتردد قاماته في الإشادة باتصاله العضوي مع القوى العالمية الكبرى و في مقدمتها اسرائيل و فرنسا.

لا يتوقف العمق الإستراتيجي للفكر الأمازيغي عند مستوى إزالة الإلتباس عن نظرية استهداف الأمازيغ للوحدة و الإنتماء المغربيين، فالموضوعية تتطلب استخدام هاجس الديمومة الذي يساور كل نظام سياسي لإفتراض أن انفجار العصبية الأمازيغية من مخلفات سياسات المغفور له الحسن الثاني التي قدمت توطيد أركان النظام على الحقوق السوسيو-اقتصادية للمغاربة، و قد سبق للملك محمد السادس في خطاب وجهه إلى المواطنين المغاربة أن حذر من محاولات بلقنة شمال إفريقيا و هو تحذير يطرح ثلاث نظريات متناحرة بحيث أن وجود احداها يعني حرفيا زوال الإثنتين المتبقيتين :
1/ الملك محمد السادس وجه رسالة واضحة إلى الأمازيغ تؤكد على ضرورة نبذ التطرف و الإقتصار على العمل مع مؤسسات الدولة و المجتمع المدني من أجل نقل مكونات الثقافة الأمازيغية الثرية من الذاكرة الشفهية إلى الذاكرة المكتوبة.
2/ النظام المغربي يمهد الطريق مستقبلا لتبرير سلوكات غير ديمقراطية بداعي ترسيخ السلطة، و أحداث سيدي إيفني و منطقة الريف قد تساعد على منح انعكاس واقعي لهذه النظرية.
3/ الملك محمد السادس يعرض على المواطنين منهجا جديدا يتأسس على الإيبقراطية السياسية التي تعي جيدا أن بناء الكل لا يتسنى بغير تجميع الأجزاء، تماما مثلما قال المفكر الإيطالي ماكيافللي مخاطبا الحاكم السياسي :"عليك أيها الأمير، أن تسعى إلى كسب صداقة شعبك". و ما أفضل تسميته "إيبقراطية سياسية" يسميه ماكيافللي "كسب صداقة الشعب"، و البادي أن المصطلح الماكيافللي إنشائي و ذلك نظرا إلى أن كتاب :"الأمير" هو الذي دشن ميلاد علم السياسة و استقلاله بعد علم النفس عن جذع الفلسفة كما يقول ديكارت أو علم الأخلاق طبقا للمنظور اليوناني.

لا أحد منا يشكك في التطرف الذي يرافق الفكر التأسيسي للمشاريع القومية، غير أن حياة الفكر القومي الأمازيغي رهينة بمدى تكييف مفردات خطابه الإستقطابي (الجماهيري) مع مبادىء ديونتولوجية كحسن النية، و التركيز على الإنجازات المادية و الإنضمام إلى الخط العالمي الذي ينادي بدمقرطة الأنساق السياسية العالمثالثية و احترام الممكن الموضوعي للمواطنين المغاربة.[/align]


نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)

التعديل الأخير تم بواسطة هشام البرجاوي ; 22 / 03 / 2009 الساعة 14 : 04 AM.
  رد مع اقتباس