كيف ننسى ؟؟..
[align=justify]
بجرة قلم ، أو ربما بأقل من ذلك ، علينا كفلسطينيين أن ننسى أعمارنا وملامحنا ومشاعرنا وأحاسيسنا وربما عدد أصابعنا في اليد الواحدة أو اليدين حين نضع كل شيء في سلة السلام المزعوم ، وكأن هذا السلام سيعيد لنا جزءا من حياتنا التي ضاعت في متاهات الانتظار الطويل الذي أكل وشرب بل أقام في شرايين الدم ليكون مثل جرس الساعة الذي ينبهنا كل حين إلى أنّ زمننا الفلسطيني زمن مغموس بالدم والوجع والألم والتصميم على الرجوع العريض الطويل وليس الرجوع الذي يصدرونه لنا بالقطارة وكأنه منحة أو هبة من اللص لصاحب الحق !!..
تعالوا نتفاهم أو نحاول أن نفرد أوراقنا ورقة ورقة أمام الجميع ونسأل بكثير من الهدوء :ماذا علينا أن ننسى كي نرضى بعدها بالسلام أو الصلح أو التعايش مع العدو؟؟.. نقول بشيء من التركيز البسيط علينا أن ننسى أننا موجودون ، لأن وجودنا مرتبط دون ريب بما نعانيه من تسلط سيئة الذكر " إسرائيل " ومن قيامها صباح مساء بقضم حقوقنا على الملأ مؤمنة وموقنة وعارفة أنّ الضدين لا يجتمعان ..هذا يعني بأن الفلسطيني والصهيوني لا يمكن أن يجتمعا بأي شكل من الأشكال ،فوجود الواحد منهما ينفي بالضرورة وجود الآخر ..ولأن سيئة الذكر "إسرائيل" مستوعبة تماما لهذا الأمر تريد تذويب وجودنا ومحوه ..فكيف ننسى وماذا ننسى؟؟.. أولا نحن أصحاب الحق ، ثانيا نحن المعتدى علينا ،ثالثا نحن من يذوق العذاب بألف لون ولون..وقبل كل ذلك- وكما أسلفنا - الأمر واضح بين ، وجودنا ووجودهم لا يجتمعان ، ومن باب أولى أن يكون إصرارنا لا نقاش حوله بأنّ وجود الاحتلال محال !!..
لنترك مسألة هذا النفي الأكيد للتعايش ، ولننظر إلى الأمر من باب الحق ليس إلا .. ففي أي زمن أو تاريخ أو مكان حدث أو يمكن أن يحدث سقوط صاحب الحق في شرك القبول ببقاء السارق من جهة ، وقيام هذا السارق بإعطاء صاحب الحق جزءا من حقه ضمن شروط مضحكة تصل في كثير من أجزائها إلى حد المهزلة !!.. فصاحب الحق الذي سيأخذ جزءا بسيطا من حقه محروم من كل شيء ، ومقيد في كل شيء ، ومحكوم عليه بما يشبه الإقامة الجبرية في بيته ومكانه وشارعه وربما في مساحة الهواء التي يتنفسها .. فهو يأخذ حقا بسيطا وأقل من بسيط ، ويقع في سجن داخل سجن ، أي انه سجن مركب ، فلا هو ينال حقا ، ولا هو يتخلص من عدو ، ولا هو يجد حلا ، أي انه يقع في دروب مغلقة يفترض أنها نهائية ، وحتى هذه هدفها الواضح الجليّ الخلاص شيئا فشيئا من الفلسطيني ووجوده ..
صعب أن ننسى،لأن النسيان مسح للذاكرة والوجود معا .. صعب أن ننسى لأن كل دقيقة نسيان تعني ابتعادا عن حق هو لنا دون جدال .. وإذا كان لنا من أمر نقوم به بكل تأكيد ، فهو أن نتذكر ونتذكر دون لحظة نسيان ، دون تراخ أو قبول بالتراخي .. على حياتنا أن تتحول إلى ذاكرة نابضة حية مشتعلة إطارها العام والخاص تلك المقولة التي كتبها شعرا الشاعر الراحل عبد الرحيم محمود " سأحمل روحي على راحتي / وألقي بها في مهاوي الردى .... فإما حياة تسر الصديق / وإما ممات يغيظ العدى " .. وتذكرنا هذا المرتبط بهذا الإصرار ليس حبا بالموت بل إصرارا على الحياة ، وتعلقا بالحياة ..لأن الحياة الكريمة هي الحياة التي يقاس عليها ويمكن أن نعيشها ، وغير هذه لا تسمى حياة..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|