رد: كل عام وأنتم بألف خير في ذكرى خير يوم طلعت عليه الشمس
تحية للأخت الغالية الأديبة هدى ..
وكل عام و أنت و جميع أعضاء منتديات نور الأدب بخير و بصحة جيدة ..
مقال يشفي الغليل و يفتح الشهية للمزيد ..
هو عيد و لا ريب .. عيد الحب .. عيد الوفاء .. عيد المحبة والإخلاص و الاعتراف بالجميل ..
ربما أكون متفقا مع من يعارض هذا الاحتفال في نقطة واحدة ألا وهي المبالغة في الاحتفال المادي وما يصاحبه من إسراف و تبذير بحيث يضيع من خلالهما جوهر هذا الاحتفال .. و أنا أقول إنه احتفاء قبل أن يكون احتفالا ..
من ينكر روعة اجتماع الأهل من كل حدب وصوب بعد أن تكون ملاهي الحياة و السعي الدؤوب وراء الرزق و الانشغالات الأخرى قد فرقت الجميع و أنستهم أهمية صلة الرحم ؟ .. من يناقش سمو هدف الاحتفاء المتمثل في استحضار شخصية نبينا عليه الصلاة و السلام و خصاله من أجل الاقتداء بها ؟
الجيل الجديد يكبر .. وتواجهه الحياة بكل المغريات .. قنوات الاتصال .. من قنوات التلفزة و أنترنيت و ما يحوي من ألعاب وغيرها من صالح و طالح .. وربما لا يسمع عن نبيه الكريم إلا ما يدرسه في لحظات قليلة في المدرسة .. في كتب لا تسمن و لا تغني من جوع .. فماذا لو تشبع بتلك الأجواء الروحانية أثناء الاحتفاء بمولد النبي الكريم وما تتخللها من قراءات لكتاب الله العزيز و دروس يتطوع البعض بإلقائها مع سرد سيرة محمد صلى الله عليه و سلم ؟
مسؤولية الآباء والمدرسين جسيمة .. ولن يفلح جيل في النهوض بأمته و هو يجهل كل شيء عن نبيه ، بل ولا يكن له عاطفة ولا يذكره إلا كما تذكر شخصيات أخرى مشهورة ..
حقا أختي الكريمة هدى .. الكثيرون اعترفوا بمكانة الرسول عليه الصلاة و السلام وسمو رسالته و اتصالها بالسماء .. وهذا هو المهم ..
كنا المرحلة الثانوية حين سأل أحد زملائي أستاذا :"هل اطلعت ، أستاذ ، على كتاب يضع اسم نبينا محمد على رأس قائمة العظماء العباقرة ؟"
أجابه الأستاذ وهو يتوجه إلينا جميعا بالكلام :"جميل هذا الاعتراف .. لكن انتبهوا .. فهناك من يعطيه صفة العبقرية لينفي عنه النبوة .."
ولا زلت أتذكر هذا التنبيه في كل مرة أقرأ عن تمجيد بالرسول من طرف كتاب أجانب .
وقبل أن أختم مقالي هذا أود أن اشير إلى شيء هام يتعلق بجوهر الصراع بين أصحاب الديانات الثلاث .. فمن ناحية هناك التعصب والحقد الدفين تجاه الإسلام والجهل أو تجاهل تعاليمه السمحاء ، ومن ناحية أخرى هناك الجهل في كيفية التعامل مع هذا الوضع وكيفية تبليغ رسالة الإسلام المنادية بالتعامل باللين و بالتي هي أحسن .. بحيث نرى التنفير بدل التبشير .. وهذا ما نلمسه عند الجاليات الإسلامية في البلدان الغربية وما يرافق تصرفاتهم من تعصب للرأي وإخلال بالتعاليم الإسلامية السمحاء .
الحفاظ على الهوية العربية و الإسلامية وعدم الذوبان في ثقافات أخرى واجب مقدس ، لكن علينا أيضا مراعاة قوانين الدول التي نتواجد بها باحترامها .
والنقطة الأساسية التي يغفل عنها الكثيرون و يتغافل عنها من يعرف بحقائق الأمور هي أن الأمر يتعلق بدين واحد و بديانات ثلاث .. فالأصل هو الإسلام .. سواء كان يهوية أو مسيحية .. وقد جاء هذا اللفظ -أي الإسلام - على كثير من الأنبياء و الرسل ومنهم إبراهيم و يعقوب عليهما السلام كما رود في القرآن الكريم :"أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي . قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل و إسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون ."(البقرة /133).. قد يقول البعض إن كلمة "مسلمون" هنا تعني فقط الانصياع والطاعة .. لكن أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام حدد الإسم بكل وضوح كما ورد في الذكر الحكيم :"وجاهدوا في الله حق جهاده. هو اجتباكم . وما جعل عليكم في الدين من حرج . ملة أبيكم إبراهيم . هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم و تكونوا شهداء على الناس ..."(الحج / 78 )
وما جاء به نبينا عليه الصلاة والسلام إن هو إلا تتمة لهذه الرسالة .
ومن هنا نرى حرص الإسلام على جعل الإيمان بالرسل كلهم شرطا لصحة الإيمان بصفة عامة .
تحية لكم أحبتي في نور الأدب .. وكل عيد مولد وأنتم بخير .
|