عرض مشاركة واحدة
قديم 11 / 03 / 2009, 44 : 10 PM   رقم المشاركة : [625]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: بوح خريفي

أختي ميساء ..
إن لكلماتك عبقا .. ولحروفك توهجا .. ولتعابيرك سحرا .. ولبوحك همسا يدفئ القلب و ينعش النفس .. نصوصك تفتح شهية الكتابة .. وهاأنذا استجيب لهذه الرغبة الجامحة في نفسي لأبوح بشيء ما ...
كان جو الأمس لطيفا بعد يوم مشمس زاه .. وبدا المساء كحلم وردي يزيده الشفق توردا وكأنما يتبادلان الغزل فتتورد وجنتاهما .. وضعت مرفقي على النافذة أنظر إلى الدرب الطويل .. ثم امتد بصري إلى الأفق حيث اللجبل الجاثم بكل حنو على المدينة الموغلة شيئا فشيئا في الظلام .. كانت أصوات المؤذنين تتعالى في نداء مسترسل يذيب وحشة النفس كعادتها عقب كل إدبار للنهار .. بعد الصلاة عدت إلى النافذة أتابع النظر إلى ما يحيط بي ..
كان الخريف و ولى ... وأقبل الشتاء ثم ادبر فلم يبق منه إلا أياما معدودة يلفظ فيها أنفاسه الأخيرة .. برك الماء وخضرة الحقول وبعض المباني المنهارة لا زالت شاهدة على أمطاره الطوفانية التي لم تشهد لها البلاد مثيلا منذ عقود من الزمن .. لكن الأرض تهتز و تربو .. والينابيع تشدو .. فترقص النفس طربا على إيقاع هذه السمفونية الساحرة ..
لا أدري هل لبثت في مكاني مدة طويلة أم أنني نمت و استيقظت في السحر .. أفضل وقت لدي للتأمل ... أحس بأنفاس المدينة رتيبة وهي تغط في نوم عميق و لا يشي بالحياة فيها إلا تلألؤ أنوارها .. تبدو الأشجار في الجبل كأنها أشباح .. لكن منظرها يبعث في النفس ألفة .. أنحني على وجه ابنتي وهي في سباتها العميق فيرتجف الفؤاد حبا و لهفة .. أقبل جبينها وأتذكر أنها رجت مني أن أحكي لها جزءا من طفولتي كما عودتها .. ابنتي لا تسأم من أن أعيد لها الحكاية مرات و مرات .. وتتلذذ حين اضفي على الحكاية جو الشتاء و هبوب الرياح بصوتي أو بصفيري فتنكمش وتحيط رقبتي بذراعيها وكأنها حقا تعيش الفصل ببرده و مطره و رياحه و برقه و رعده ..
ما أجملك أيها الليل .. وأنت تجعلني أحس بأنين وآلام كل من يئن ويتالم .. وما أبهاك أيها السحر وأنت تضفي على نفسي كل هذه الطمانينة و أنا اعلم أن الخالق ينزل محفوفا بملائكته إلى السماء الدنيا مستجيبا لكل من يدعوه ..
ولى الخريف وما كان أروعه ..
وأدبر الشتاء وما كان ابهاه .
وأقبل الربيع .. وما أشد لهفتي لمعانقة أريجه وشذاه ..
رشيد الميموني غير متصل