[ناهد شما]

بسم الله الرحمن الرحيم

( من دعا إلى هدى كان له من الآجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ) كما في صحيح مسلم ( إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها ليصلون على معلم الناس الخير ) , كما في الترمذي قال صلى الله عليه وسلم : ( من تعلم علماً يبتغي به وجه الله عز وجل لا يتعلم إلا ليصيبه غرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة قاله النووي في رياض الصالحين

مشكلتك عزيزتي فيها شيء من الغرابة قليلاً حيث تقولين بأن الأطفال قذفوك بالخضرالفاسدة وعندما تنظرين للخلف لم تجدي أحد ثم تمضين في طريقك ويعودون الى قذفك فتنظرين للخلف ولم يوجد أحد , فكيف ذلك هنا عزيزتي أصبح الشخص يشعر بأن هناك شياطين لا سمح الله وفي نهاية المشكلة تطلبين من الله أن ينتقم لك منهم وتتسائلين بماذا يخرج من مدارسنا جيل ناقم حانق لا يدري أن يسير وتتسائلين ؟ غلطة مَنْ أهي غلطتك ؟

عزيزتي أنت إنسانة رائعة بصفاتك التي وصفتيها بنفسك .....

كما هو ظاهر في سيرتيالذاتية،أعمل مدرٌسة تعليم ابتدائي، حساسة لأبعد حد، أعامل أطفالي بكل حب و حنان وأفعل كل ما في طاقتي لتعليمهم و تثقيفهم،إرضاءا لنفسي،بما أنني محبة لمهنتي،وإبراءا لذمتي أمام الله كما قال رسوله الكريم"رحم الله امرءا عمل عملافأتقنه".

لنعود قليلاً إلى هؤلاء الأطفال الذين يسيؤون السلوك بشكل عام هناك سببين لذلك إما لأنهم غير مشجعين أولأن سلوكهم السلبي معزز من الناس الذين حولهم , فالطفل الذي يبحث عن الإنتقام هو طفل يشعر بالألم ويريد الإنتقام هناك أسباب كثيرة تجعل الطفل يهوى الإنتقام منها التفكك الأسري والخلافات المستمرة بين الوالدين يتولد بذلك عند الطفل الإحساس بالظلم والإنتقام من أي شخص يراه وأحياناً تفضيل المعلم لتلميذ عن غيره وإيذاءه وغضب المعلم يجعل من التلميذ يضطرب إنفعالياً , فالعنف لا يولد إلا العنف وأحياناً الدروس الخصوصية تجعل الطالب يتمرد على المدرس حيث يعتبر أن هذا المدرس في حاجة إلى المال الذي يدفعه مقابل الدرس الخصوصي مما أفقد المدرس الهيبة والإحترام , فالتلميذ الذي يفكر بإهانة مدرسّه أو ضربه لا يصعب عليه ضرب وإهانة والديه والسبب أن الأسرة هذه غير مهتمة بتربية أولادها وتعليمهم القيم والأخلاق لذلك من الممكن أن يوجه هدف سلوك الإنتقام إلى توجه أكثر فائدة , إذ غالباً ما يكون لدى الباحثين عن الإنتقام رغبة في العدالة والإنصاف .

إن توجيه الأطفال إلى اللعب والمشاركة بشكل متساوي للجميع يشجع هذا التوجه

ولو عدنا عزيزتي إلى هؤلاء الذين حاولوا شتمك وقذفك بالخضرة !!!! سنضع افتراضات ربما لا تعرفيهم ولا يعرفوك بل بالصدفة تحملين بيدك شنطة المدرسين أوكتب بيدك فاستنتجوا أنك معلمة وهم يحملون الألم من مدرسيهم فأرادوا الإنتقام منهم وبك .....

وإذا افترضنا أنهم من تلاميذك حاولي أن تنسي ذلك فأنت مربية قبل أن تكوني معلمة وإن ما يخفف على المعلم من وقع الأذى الذي يلاقيه في طريق التعليم أن يتذكر أنه يسير على طريق الأنبياء والمرسلين الذين كانوا جميعاً معلمين إنما بعثت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . عزيزتي دعوتِ عليهم بأن ينتقم الله لك منهم لا لا عزيزتي لا يجوز ذلك أنت بنفسك قلتِ أنهم أطفال فكيف تدعين على أطفال لا حول لهم ولاقوة أرجوكِ قولي هداهم الله

فما عليكِ إلا التقرب من تلاميذك ومعرفة مشاكلهم وأمالهم وألامهم وتقديم النصائح لهم بذلك تقوى الصلة بينك وبينهم وتزيد المحبة فتلميذ المرحلة الابتدائية مازال طفلاً جاء من المدرسة الصغيرة هي الأسرة إلى مدرسة أكبر منها قليلاً وهي المدرسة التربوية , جاء من حضن والدته إلى حضنك فاجعليه يتعلق بك كما تعلق بأمه لقد عملتُ عشرين عاماً في السلك التعليمي ووجدت أن الطفل في المرحلة الإبتدائية كان يثق بالمعلمة أكثر من والدته وما تقوله المعلمة هو الصحيح فقط . أنشئي حواراً ونقاشاً بينك وبين تلاميذك وحببيهم بمادتك ولا تميزي بين واحد وأخر ولا تكوني شديدة معهم خاصة هم أطفال المرحلة الإبتدائية لأن الشدة تجعلهم يحضرون درسك بأجسادهم غائبين بعقولهم وقلوبهم وحافظي على ابتسامتك وهدوءك أمامهم فابتسامتك هي أرق وأجمل وأقوى وسيلة اتصال بينك وبينهم وإذا أخطأ تلميذ لا تغضبي منه وخذي بيده في رفق واتركي له الفرصة للإحساس بذنبه وتأنيب ضميره وهذا خير أنواع العقاب لأنه ينبع من نفسه ومن شعوره ’وهناك كتاب أرجو الإطلاع عليه بعنوان ( الإعجاب , أسبابه , أضراره , مظاهره , وعلاجه ) .

نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علماً

والله من وراء القصد

دمت بخير