04 / 04 / 2009, 02 : 08 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
كاتب نور أدبي مشرق ومشرف سابق رئيس قسم العيادة الطبية في نور الأدب (انتقل إلى رحمة الله)
|
غرائز المولود و تطورها
غرائز المولود و تطورها بقلم د. ناصر شافعي منذ لحظة ولادة الطفل الأولى يمنح الله المولود بعض الغرائز التي يمكن بواسطتها أن يبحث عن الغذاء . لقد انتهت فترة الإكتمال و النمو داخل رحم الأم ووصول الغذاء كاملاً و جاهزاً إلى جسده عن طريق دم الأم بواسطة المشيمة . و الأن إنتقل إلى حياه جديدة .. حياة الجوع و البحث عن الطعام .. ولابد له أن يواجه متاعب الحياة الدنيا بعد شهور الراحة و الإستجمام التسعة .
منذ اللحظات الأولى لحياة المولود و خروجه إلى الحياة يبدأ في الشعور بالبرد و العطش و الجوع و الألم . تبدأ بعض الحواس الخمسة في العمل مبكراً.. فتبدأ حاسة الشم في العمل أولاً , و عن طريقها يبحث المولود الجديد عن ثدي الأم . و في خلال الأيام الأولى يستطيع أن يميز أمه عن طريق رائحتها و رائحة عرقها !. و حاسة السمع تعمل أيضاً مبكراً .. يصل إلى سمع الطفل أصوات من حوله بدرجات متفاوتة .. و قد يفزع الطفل إذا أغلق الباب بشدة ، أو إذا صدر صوتٌ مفاجئٌ بجانبه .. وينصح بنوم الطفل حديث الولادة في جو هادئ و على أنغام موسيقى هادئة , حالمة . و الأطفال الذين يتعرضوا في طفولتهم المبكرة للأصوات المزعجة و الموسيقى الصخبة , فإنهم يصبحون عصبيون .. ذوي مزاج حاد و أفعال وردود فعل عنيفة !
أما حاسة اللمس و إحساس الجلد سريعاً ما تتطور .. و يحس الطفل بحرارة جسم أمه .. و يشعر بالطمأنينة و الهدوء عند ملامسة أصابعها لأطرافه .. وضمه إلى حضنها.. و حاسة التذوق تزداد بالتدريج مع مرور الأيام .. وخلال أسابيع قليلة من حياة الطفل الرضيع يمكنه أن يميز المشروبات وأن يتذوقها .. فهذا يعجبني و هذا لا يعجبني !
وحاسة الرؤية و الإبصار تتطور بالتدريج ..و الطفل المولود لا يستطيع أن يميز ما يراه بأشكاله و ألوانه الحقيقية و لكنه يراه في صور و أشكال و ألوان مختلفة .. و عند بلوغه الشهر الثاني أو الثالث يمكن أن يميز الأشكال و الأشخاص من حوله بوضوح و أن يتفاعل معهم اجتماعيأً و أن يبادلهم الإبتسامات و الضحكات ونسمي ذلك ( التفاعل و التأقلم الإجتماعي ) .. لذلك ننصح الأم و الأب بالتحدث للطفل الرضيع والإبتسام له و اللعب معه حتى نسرع بتفاعله الإجتماعي و إستجابته لنا .
منذ الدقائق الأولى من عمر الطفل يمنحه الله غريزة البحث عن ثدي الأم .. فإذا وضع الطفل بجوار ثدي الأم , فهو يحرك فمه بحثاً عن حلمة ثديها في لهفة و شوق وكأنه يقول " أين الطعام ..أين الطعام ؟ " . و إذا لمسنا باصبعنا جانب فم الطفل فإنه يحركه تجاه الإصبع بحثاً عن الطعام .. و لا شك أن الطفل يبدأ في معرفة لذة الرضاعة و يتمتع بأحاسيس و مشاعر جميلة و عظيمة مع بداية عمره . فهو يعرف معنى الجوع و يتمتع بإحساس الشبع ..و يعرف معنى الإحتياج.. و يتمتع بإحساس الحب و العطف , و يعرف احساس البرودة و الألم و يتمتع بالدفء و الطمأنينة . واجب على كل أم أن لا تحرم طفلها من هذه الأحاسيس و المشاعر النبيلة .. و أن تمنح طفلها كل حنان و عطف ممكن .
متى يتم وضع الطفل حديث الولادة على ثدي الأم للرضاعة ؟
يفضل أن نترك الطفل بعض ساعات قليلة بعد ولادته مباشرة لكي يستريح من رحلته الشاقة في طريق خروجه للحياة .. كما نمنح الأم بضع ساعات لكي تستريح وتنام من عناء عملية الولادة الشاقة .. وبعد تلك الساعات يمكن وضع المولود على ثدي الأم .
و يبدأ الثدي في إفراز " اللبأ " أو " الكولوسترم " أو " السرسوب " أو " الصمغ " .. وهو سائل أصفر لزج , ليس له شكل أو لون أو قوام حليب الأم العادي . وقد تعتقد بعض الأمهات أن هذا السائل ليس له فائدة غذائية للطفل .. وأن الطفل لابد له وأن يرضع حليباً صناعياً , حيث أن هذا السائل لا يكفيه و لا يشبعه !
ونوضح للأمهات أن الرضاعة المبكرة للمولود من ثدي الأم تنبه الغدة النخامية في الأم لإفراز هرمون البرولاكتين , الذي يبدأ و يزيد من غزارة عملية الرضاعة . كما تنبه الرضاعة الطبيعية الغدة النخامية في الأم لإفراز هرمون أخر يسمى "هرمون الإوكسيتوسين " الذي يساعد الغدد والقنوات الحليبية في الإنقباض و إخراج الحليب من ثدي الأم . ونفس هذا الهرمون- الأخير - يسري في دم الأم ويصل إلى رحمها ويؤدي إلى إنقباضه وتخليصه من أي فضلات تكون عالقه في جداره الداخلي كنتيجة ثانوية وطبيعية لعملية الولادة .
أما " اللبأ " نفسه فله فوائد كثيرة . . فله مفعول ملين على الجهاز الهضمي للمولود .. فيساعده على التخلص من مادة " الميكونيم " التي تملأ جهازه الهضمي , لكي يبدأ الجهاز الهضمي في إستقبال الحليب من ثدي الأم ! .. و" اللبأ " يحتوي على نسبة عالية من البروتينات اللازمة لبناء جسم الطفل .. وبه أيضا كمية كبيرة من الأجسام المناعية التي تساعد على حماية الطفل من الإصابة بأمراض عديدة ومختلفة .
إنها قدرة إلاهية عظيمة .. و منظومة ربانية بديعة .. تصنعها يد الله لبقاء و نمو الإنسان .
المزيد عن فوائد الرضاعة الطبيعية في مقال قادم بإذن الله .
تحياتي .. د. ناصر شافعي
مقال للمؤلف نشر في كتاب حياة صغيري 1999-القاهرة
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|