إقبال والليل.بدر شاكر السياب
[frame="2 98"]
وما وجد ثكلى مثل وجدي إذا تهاوين كالأمطار بالهم والسهد
أحن إلى دار بعيد مزارهـــــا وزغب جياع يصرخون على بعد
و أشفق من صبح سيأتي وأرتجي مجيئا له يجلو من اليأس والوجد
الليل طال وما نهاري حين يقبل بالقصير
الليل طال نباح آلاف الكلاب من الغيوم
ينهل ترفعه الرياح يرن في الليل الضرير
وهتاف حراس سهارى يجلسون على الغيوم
الليل والعشاق ينتظرون فيه على سنا النجم الأخير
ياليل ضمخك العراق
بعبير تربته وهدأة مائه بين النخيل
إني أحسك في الكويت و أنت تقل بالأغاني والهديل
أغصانك الكسلى و "يا ليل " طويل
ناحت مطوقة بباب الطاق في قلبي تذكر بالفراق
في أي نجم مطفأ الأنوار يخفق في المجره
ألقت بي الأقدار كالحجر الثقيل
فوق السرير كأنه التابوت لو لا أنةٌ ودمٌ يراق
في غرفة كالقبر في أحشاء مستشفى حوامل بالأسرة .
ياليل أين هو العراق ؟
أين الأحبة ؟ أين أطفالي ؟ وزوجي والرفاق ؟
يا أم غيلان الحبيبة صوّبي في الليل نظرة
نحو الخليج . تصورني أقطع الظلماء وحدي
لو لاك مارمت الحياة ولا حننت إلى الديار
حببت لي سدف الحياة ، مسحتها بسنا النهار
والباب أغلق فهو يسعى في الظلام بدون قصد
وخوض في الظلماء سمعى تشده بجيكور آهات تحدرن في المدّ
بكاء وفلاحون جوعى صغارهم تصبرهم عذراء تحنو على مهد
يغني أساها خافق النجم بالأسى وتروي هواها نسمة الليل بالورد
أين الهوى مما ألاقي والأسى مما ألاقي ؟
ياليتني طفل يجوع ، يئن في ليل العراق !
أنا ميت ما زال يحتضر الحياة
ويخاف من غده المهدد بالمجاعة والفراق
إقبال مدّي لي يدك من الدجى ومن الفلاه ،
جسّي جراحي وامسحيها بالمحبة والحنان
بك ما أفكر لا بنفسي : مات حبك في ضحاه
وطوى الزمان بساط عرسك والصبا في العنفوان
[/frame]
|