عيد الشهداء
حكاية السادس من ايار
اربعة قرون مكث الاحتلال العثماني في وطننا العربي ،شهدت سنواته الاخيرة الكثير من الظلم والارهاب تزامن مع بدء الحرب العالمية الاولى ودخول تركيا طرفا فيها لجانب دول المحور ألمانيا وايطاليا
استلم الاتحاديين الحكم جمعية الاتحاد والترقي جمعية تركية اتبعت مبادئ علمانية
1913تألفت وزارة اتحادية ضمت عددا من اعضاء جمعية الاتحاد والترقي
المتطرفين ابعد عنها العنصر العربي سعت هذه الوزارة الى تطبيق برامج التتريك
مشيعة جوا من الارهاب والظلم بشكل لا يطاق ،انتشرت الأوبئة و المجاعة والفقر انتشارا واسعا ،طبقت الاحكام العرفية صادرت الدولة المنتجات الزراعية والاقتصادية
سيق كل القادرين على حمل السلاح للقتال تحت اسم الجهاد المقدس
الى جبهات القتال
اذاء هذه الاوضاع انتشرت الجمعيات العربية السرية المناوئة للاحتلال
جمعية العربية الفتاة جمعية العهد الجمعية القحطانية
أكثر هذه الجمعيات في مدن دمشق وبيروت و العراق
وبعضها خارج الوطن العربي رابطة الوطن العربي في باريس
وانتشرت الخلايا السرية الثورية بين ضباط الجيش الذين هم من أصل عربي وهذه الجمعيات جميعها بشرت بالحرية والعدالة والمساواة
تؤكد انفراد الامة العربية عن غيرها بتاريخها و حضارتها ومركزها وانه لا فرق بين مسلم او مسيحي عربي
وان الدين لله والوطن للجميع
وان روح الوطنية هي التي تميز العربي عن غيره عن بقية قوميات الدولة ،ومن هذه القوميات العنصر التركي
ساهم المفكرون والادياء و الشعراء بإذكاء اليقظة العربية فكانت
اقلامهم نارا وثورة على الاستعمار
مؤتمر باريس 1913
ونظرا للأحكام العرفية ساهمت اكثر الجمعيات السرية العاملة في دمشق وبيروت والاستانة و باريس وبلاد المهجر الامريكي
عقد في باريس
اهم مقرراته
وجوب تنفيذ الإصلاحات الدستورية والاقتصادية والاجتماعية بسرعة
2- تطبيق الإدارة المركزية في الولايات العربية
3- اعتبار اللغة العربية لغة رسمية في مجلس المبعوثان العثماني ومجالس الولايات العربية .
4- إقامة الخدمة العسكرية في الولايات العربية إلا في ظروف استثنائية
تعيين الشريف الحسين ابن علي أميراً لمكة والتحضير للثورة العربية الكبرى
كان الشريف حسين منفيا الى استنبول لعدم سكوته عن الظلم شديد الغيرة على العروبة شديد التدين والتقوى
اعاده السلطان عبد الحميد لمكة استلم الاتحاديين الحكم بدأت الحرب غير المعلنة بينه و بينهم قرر الشريف حسين الثورة على الاتراك بالتنسيق مع احرار بلاد الشام و العراق و بمساعدة الحلفاء اعداء تركيا لتزويد الثوار بالسلاح و اتفق على اعلا ن الثورة على ان يعترف الحلفاء بعد الحرب باسقلال البلاد العربية في دولة واحدة مستقلة الشريف حسين ملكا عليها
تعيين جمال باشا قائدا للجيش الرابع في سورية 1915 فرض سلطته على بلاد الشام اصبح الحاكم المطلق ، واشترك في الانقلاب على السلطان عبد الحميد حاول كسب العرب بصف تركيا محاولا الاستفادة منهم في الحرب
جهز جيشه الرابع لعبور قناة السويس و احتلال مصر بدأ هجومه مخترقا صحراء سيناء التي افتقرت لطرق المواصلات فوصلت قواته منهوكة جائعة لتحصدها بوارج بريطانية الموجودة في القناة
فشل هجومه لسوء تقديره للموقف العسكري عاد من جبهة سيناء وهو يشعر بالذلة والانكسار اصبح عصبي المزاج وجاءته التقارير التي تنبئه بالخلايا الثورية العربية المدنية والعسكرية تولدت في نفسه بواعث الانتقام استبدل الكتائب العربية في بلا د الشام بكتائب غالبية جنودها اتراك واخذ باعتقال الزعماء الوطنيين و المفكرين العرب والتنكيل بهم وتعذيبهم حتى الموت
لقب بالسفاح لما سفكه من دماء القى القبض على طائفة اخرى من الزعماء العرب و اوسعهم نفوذا في بلاد الشام احالهم الى محكمة عالية في لبنان التي كانت قاسية اشد القساوة ،تدخل الحسين ابن علي ارسل البرقيات الى جمال باشا و الى السلطان والى الصدر الاعظم ولكن دون جدوى
تدخل الامير فيصل ابن الحسين محاولا انقاذهم لكن السفاح اصر على المضي بمخططه الاجرامي حتى النهاية
واصدر احكام الاعدام بعد شهر واحد بتهمة الخيانة العظمى بحق واحد وعشرين من الزعماء الوطنيين شنق سبعة منهم في ساحة المرجة بدمشق وأربعة عشر في ساحة الحرية ببيروت وكان بينهم
الشيخ عبد الحميد الزهراوي
- ثلاثة مبعوثين من ممثلي دمشق هم : شفيق المؤيد العظم وشكري العسلي ورشدي الشمعة .
- سليم الجزائري وهو ضابط عربي قدير وشجاع في الجيش التركي .
- سيف الدين الخطيب ( من حيفا ) وكان قاضياً كبيراً
- الأمير عارف الشهابي من ( حاصبيا ) وكان محامياً لامعاً شاباً
أحمد طبارة من بيروت ) وكان صاحباً جريدة وأحد المندوبين في المؤتمر العربي
- علي عمر النشاشيبي ( من القدس ) - محمد الشنطي ( من يافا )
- الأمير عمر الجزائري ( من دمشق ) حفيد الأمير عبد القادر الجزائري الشهير
- جورج حداد ( من جبل لبنان ) - عبد الغني العريسي
- أمين لطفي الحافظ ( من طرابلس ) - عبد الوهاب الإنكليزي
ولم تعلن الاحكام قبل تنفيذ الشنق بل دخل السجان في ليلة التنفيذ قاعة السجن وقرأ أسماء هؤلاء الابطال وأمرهم أن يرتدوا ملابسهم ويتبعوه ونقل الذين تقرر إعدامهم في دمشق إليها بالقطار وحينما وصلوا إلى ساحة المرجة كانت سبع مشانق بانتظارهم منصوبة واقتيد الاخرون على مركبات إلى بيروت وحينما وافى الفجر كان الموكب قد وصل إلى ميدان الحرية حيث نصبت أربع عشرة مشنقة لقد خمن هؤلاء الابطال مصيرهم فكانوا ينشدون أثناء الطريق الاهازيج العربية عن حرية العرب وكان النشيد الاكثر ترديدا هو :
نحن أبناء الالى شادوا مجدا وعلا
نسل قحطان الابي جد كل العرب
وحين وصلوا إلى المشانق أحسنوا استقبال الموت وكانوا رجالا وأبطالا وقالوا كلمات ظلت تتردد طويلة مثل :
مرحبا بأرجوحة الشرف مرحبا بأرجوحة الابطال
-إن الاستقلال يبنى على الجماجم وإن جاجمنا ستكون أساسا لاستقلال بلادنا
-نموت لتحيا بلادنا حرة عزيزة
الساعة السادسة من صباح السادس من ايار 1916 انتهت المجزرة البشرية التي ارتكبها جمال السفاح
اصبح الموت ضيفا دائم الاقامة ببلاد الشام المجاعة،الجوع،الأوبئة،الحرب،الا ان هذه المجزرة غطت كل ما ألفه الناس زرعت في نفوسهم الرغبة العارمة في الانتقام ،فكانت جثث الابطال الشهداء افضل دعاية للثورة واعلانها
ما ان وصل النبأ للأمير فيصل الذي كان في دمشق حتى انتزع الكوفية من رأسه وقذف بها إلى الأرض وداس بعنف وصاح طاب الموت يا عرب و بعدها عاد فيصل إلى الحجازمسرعا وارسل بشكل سري برقيته الشهيرة أرسلوا الفرس الشقراء أي أعلنوا الثورة و بدأت الثورة العربية الكبرى
هذه هي حكاية السادس من ايار حكاية وطني ،بالغالي جاد أبناؤه فخلدهم في ذاكرته
وهاهو ياسمين دمشق الذي روي بدمائهم يتفتح مطلع كل ربيع نكلل به جماجمهم
وهاهي دمشق تهدي ياسمينها لشهداء غزة
ياسمين دمشق غال ياغزة والغالي يهدى للغوالي
ارض الشام مهرها دماؤنا أيها التاريخ أمانة نصونها،وارث لأبنائنا سماؤك يا وطننا