المهرة والريح - كلمات
أجراس الأمل
المهرة والريح
************
المهرة الجموح المشاكسة أعتلت صهوة الريح - كعادتها - غير مبالية بعنادي ، راكضاً خلفها . . تجر غباري وصهيلي ، حتى مواسم الأفول من صهيل لصهيل ،
مهرتي وأنا عاشقها ، لم يفرد الخوف جناحية بينتا ، كانت لنا الشطآن وحرقة الشموس ، ووحدنا النقيضين في جسد الرماد !
مرة أخشى عليها . .
ومرة أخاف منها
ومرة توسدني الحنين وترمح في الجيال ،
فأدور في زوابع الدخان أغالب المدى
كأنها النهار يكذب مرتين
مرة حين يجيئ . .
ومرة حين يقرر بأنه انتهى
ولا أرى غير بدايات بلا سدى !
ومهرتي تطوف من باب الخريطة حتى آخر المدى ، وتعود جامحة تنشر شعرها بيني وبين شموخها :
- أتعبتني من الأحزان والأخبار ، فابتعد عني لأصهل فيك . .
أبتكرك قافلة تدلها الواحات لأول نخلة ، فترتديك أو تهرب فيك .
أنت الذي أضعت غابات النخيل ، وبيدراً من برتقال وجئت تبكي غدر الأحبة فيك ، يفترشون جفونك المدماة ويرقصون ، هنا ظلال الياسمين ، هنا رياح الصمت تفرخ حولنا أغاني هاجرت منذ سنين ، فتظل مرتعشاً تلتحف الحنين مرافئ بلا سفن ، ولا منارات من بين السنين ، أنا الذي نظرت إليه عيون الخلق فأنفطرت ،
أراجع ما تجود به ذاكرة المهر الجموح ، لتظل مورقة تلك البقايا في الرميم !
- شهادة أولى :
تشهد المهرة أنها ركضت من قاع الخليج إلى قاع المحيطَ فما رأت على الخرائط إلا قافلة من السبايا أضاعتها الرياح ، وحينما تعلقت بذيلها جمحت فانفطر
الخليج وعامت فوقه السحب :
- شهادة ثانية :
من الماء إلى الماء تعودت عيوننا على منظر واحد فقط : مشنقة تصافح أختها وتوصيها علينا !
- شهادة ثالثة :
خرجنا من التاريخ ودخلنا في الجغرافيا من أوسع أبوابها !
* * * *
كلما توقفت تلك المهرة تلتقط أنفاسها تكاثر عشاقها ، وحينما تنطلق يتبعشر " العاشقون " بين غاضب وخائف . . ووحدي الذي تعلقت بها على طوال السنين
وجوعها وبردها ، ووحدي الذي رفع الصدر ترساً لها . . وحتى عندما ضاعت كنت هناك ، وكانت تنتظرني السيول من تفصدت من قدها الممشوق فحسبت أنني
المعشوق . . لكن ! !
من يفتح باب الصمت ، لا يحصد هجس الصحو ، يطل عليه صهيل البحر أوراقاً تسأل عن قائل !
لا تفتحي الأبواب أيتها المهرة العجول . . احتشمي من تعبي فإني موغل في حفيف رياحك حتى آخر الشعاع كلما رشقت كأساً من الغياب عنك بادرتني شوارد
صمتك بكأس مثلها ، حتى كأنني نذرت لكؤوس من عرقك ، أحتسيها واحدة فواحدة وبعد كل مشهد أعيدها مليئة لآخر الزمان !
* * * *
هذه المهرة وحدها ظلت عصية على الموت كما يقال !
-----------------------------------------------------------------------------
احمد الشملان
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|