رد: أيها الفتى الأندلسي - في ميزان النقد للأستاذة نصيرة تختوخ
[align=justify]
الغالية أ . نصيرة تختوخ
تحياتي
بداية أحبّ أن أشير إلى هذا التقديم الساحر للأديبة هدى الخطيب ، فهو تقديم رغم انه يحمل الكثير من الموحيات التي قد توجه القارئ لنص " الفتى الأندلسي " لكنه بشاعرية جميلة ينسج إطارا حرا للخيال كي يحلق مع نص مفتوح على احتمالات شديدة الحساسية .. والغريب أن تتقاسمي وإياها ، مساحتين متساويتين ، فكل واحدة منكما دارت حول مائتي مفردة أو أكثر بقليل ..
أضع في زاوية الافتتاح زاويتي النص ، المبتدأ والخبر ، أو البداية والنهاية ،" لست فتى أندلسيا ،أعلم ،لكنكتشبه ذاك الفتى الأندلسي الذي عبر البحر ومضى يجوب بلدانا وصحارى باحثا عنغده".و"الأسرار تفتح شهية الخيالوأنا أحب أن يظل خيالك معي حيا وصاحيا."أول الملاحظ هنا خاصة في البداية ، هو السرد ، والسرد متعلق بالحكاية أو القص ، وهناك تدخل للوصف داخل السرد ، كما أنّ الخاتمة التي تأتي على شكل وصية وتنبيه ولفت انتباه ، يمكن أن تدخل في باب الحوار ، الذي فصلوه في النقد عن السرد وسماه بعضهم العرض ، أي ما يخرج عن السرد وهو الروي والحكاية إلى الحوار .. آسف لاستعمالي المصطلحات ، لكن أحببت أن أشير إلى إحاطة المحتوى بما هو خارج تماما عن فن الخاطرة ، اتجاها نحو القص .. إذ قد يضطر المرء في الحكم السريع إلى وضع نص " الفتى الأندلسي " ضمن السرديات ، وهو حتى لا ندخل بمصطلحات أجدها أحيانا ثقيلة الدم ، القص والروي ..وببساطة الحكاية..
هل نسير من هذه الزاوية إلى الأمام ؟؟.. طبعا سأبقى ضمن تسمية نص لأنني أجد أنّ الخاطرة ابسط من هذا النص بكثير .. فهنا محمول أو إشارات لا تستطيع الخاطرة أحيانا حملها.. ومن الزاويتين اللتين اخترتهما يتبين أن الكاتبة لا تسير سير متئدا قد تتصف به الخاطرة ، بل تدخل مباشرة إلى العمق لتزحزح يقين القارئ ، ولتبقيه في منطقة معلقة بين الشك واليقين .. وبما يشبه الضغط على مفتاح سري سحري يتنهي بزاوية حادة حملت الوصية أو التنبيه الذي أوردت ..وهو تنبيه قد يحرف نظر القارئ مرات ، عما استنتج للمرة الأولى أو الثانية .. فهناك إصرار على أن /يبقى خيالك معي صاحيا ..
هو إذن ليس فتى أندلسيا ، فالعنوان استعارة أو تشبيه أو تقريب ، لأنه ، أي الفتى الذي يتحرك في النص / كبطل يشبه هذا الفتى في الترحال الذي يبحث فيه عن مفقوده الموجود كما يقول النص في الأنثى / البطلة التي تأخذ مكان الراوي هنا .. والأرض / المغرب التي يعيشان فيها.. والتزاوج أو المزاوجة بين الأنثى والأرض ، ليس جديدا في الأدب ، ونعرف أنّ كثيرين استعملوه ، خاصة أدباء المقاومة .. ونصيرة في هذا النص تنحو منحى شاعريا بامتياز ، إذ تبقى في المنطقة الوسطى فلا تقترب أبدا من افتضاح نصها ، أو تقديمه لذاته دون حاجة إلى الكثير من التخيل الذي أوصت بطلها به ..حتى البطل في نصها مفتوح على المطلق ليكون بطلا / نموذجا ومثالا .. ومن يريد أن يفتت أو يرى مفردات البطل والبطلة والمكان والحالة ، في مفردات قريبة ، سيجد نفسه في حالة دوران دون جدوى ، لأن الكاتبة تلعب لعبتها بإتقان شديد تاركة لخيالها أن يسرح إلى ابعد مدى ممكن .. وهي في هذا الامتداد الشديد التخيل والتحليق ، تفرد الكثير من الجماليات المغرية أنثويا لفتاها .لكن فتاها المسجون برحيله أو بحثه عن كنزه المفقود ، ينوس بينها وبين هذا الكنز ..وإذا هو استجاب لوصيتها ، أو الخاتمة ، لعرف فورا أنّ الخيال الذي تريده منه يبقيه قربها ، وفي أرضه .. "الأسرار تفتح شهية الخيالوأنا أحب أن يظل خيالك معي حيا وصاحيا." لكن ما هي الأسرار التي تريد الكاتبة نصيرة ، في إدخالنا اللعبة الفنية مع فتاها للبحث عنها؟؟..
الفتى لم يسمع من الوصية إلا أولها " إنّ الأسرار تفتح شهية الخيال " كان هذا جوابا / ربما لم تقله لكنه المؤدى .. وكل ما مرّ من غزل ونسج وتحريك للأحداث والصفات هو موغل في الأسرار .. حتى السكن في الراحتين هو قمة الأسرار .. ببساطة على الفتى أن يفكك كما شاء ، أن يزاوج بين رياح الغربة والوحدة الموحشة ، و"نسائم الخزامى البنفسجية التي سألتني منأين أتت لتسكن راحتيَّ " ؟؟..
التوصيفات أو الصفات التي تطلقها نصيرة على الأنثى / ربما الوطن ، مدهشة في بنية نص مغاير لبنية أي نص عادي .. هل تقترب في جزء منه من الطموح العربي في بناء نص مفتوح ؟؟..أظن أنّ نصيرة تحاول ، لكن هذا التقيد بمائتي كلمة يمنعها من الاسترسال ..
لي أمنية شديدة هنا عند أ. نصيرة تتمثل في الاتجاه إلى القصة بالأسلوب نفسه ، أي بالمحافظة على الشاعرية .. بالتوهج والابتعاد عن إيراد الجملة العادية المستهلكة ..والنموذج إن أرادت نموذجا ، هو ما كتبته هنا، لكن بقصدية تبتعد عن تسميات الخاطرة وغيرها ..
سلمت
13/5/2009
[/align]
|