عرض مشاركة واحدة
قديم 28 / 05 / 2009, 25 : 01 AM   رقم المشاركة : [1]
د. ناصر شافعي
كاتب نور أدبي مشرق ومشرف سابق رئيس قسم العيادة الطبية في نور الأدب (انتقل إلى رحمة الله)

 الصورة الرمزية د. ناصر شافعي
 





د. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

عم عاشور ( قصة قصيرة – من الأدب الساخر )

عم عاشور ( قصة قصيرة – من الأدب الساخر )
د. ناصر شافعي

عم عاشور , رجل شعبي كهل ضرير , خفيف الظل , سليط اللسان , صريح , جرئ و تلقائي , صديق لجميع أهل الحارة .. عاشق للشمس و الظل .. مكانه في الحارة دائم و معروف للجميع . يجلس على كرسي خشبي متهالك , أمام قهوة البشوات , التي لا يجلس عليها سوى العمال الغلابة ,وشباب البطالة , وأفقر فقراء الحارة الضيقة. يتناسوا هموم اليوم بدخان المعسل أو خبطات الدومينو أو ضربات حظ النرد , أو وسط نكات و قفشات فجة صارخة , مع حكايات و نوادر أهل الحارة البائسة .

في تمام السابعة صباحاً , يأتي عم عاشور من أحد أزقة الحارة الشعبية الفقيرة, يضع صينية البسبوسة فوق الحامل الخشبي . و يبدأ تجمع الأطفال و الشباب و الذباب حوله في سعادة و مرح . يغطي صينية الحلوى بغطاء من الشاش الأبيض الرمادي القذر . وعند الضرورة يضرب بفوطته الصفراء الهواء , ليصيب في مقتل ذباب يلهو .. أو يد طفل صغير يتظاهر بسرقة قطعة حلوى , فيجري في فزع !.

يصيح عم عاشور في بهجة ومرح و تفاخر , وكأنه يرى الحارة بكل مافيها من أشخاص و أحداث :
- أنا شايفك ياواد ياحسن .. حتطلع حرامي زي أبوك !
- ياأسطى حسين .. صباحك فل .. ربنا يفرجها إن شاء الله وتخلص من مراتك النكدية .. قول يارب !
- يا واد يا بلية .. المعسّل .. وواحد شاي في الخمسينة .. وسكر على قد ما تقدر .. جتك نيلة فيك و في اللي مشغلك !


صبي صغير يلقي عليه تحية الصباح قبل الذهاب للمدرسة : صباح الخير يا عم عاشور . يرد عليه عاشور في طيبة و حنان وأدب مصطنع :
- صباحك قشطة ياسيد .. خد حتة البسبوسة دي إفطر بيها .. والحساب عندي .. حأخده لما تبقى راجل و تكسب من عرق جبينك .. سلم لي على جدتك .
- أدعي لها يا عم عاشور .
- ربنا يديها الصحة , وياخدها منها تاني ! .. طول ماهى شغالة في الربا و الفايظ ربنا مش حيبارك لها أبداً .
- يا واد ياجمال .. أبوك الصرماتي مش ناوي يتجوز الرابعة ؟ .. حاكم ده لازم يتجوز جوزين !


وتهمس فتاة صغيرة :
- العسل قليل النهارده يا عم عاشور .
- كفاية العسل اللي عندك ياعسل !
- يا أسطى فتحي .. ربنا يسترها معاك و ما تتسرقش زي كل يوم .. ما أنت خايب زي جوز أمك !
- ربنا يفتحها عليك يافؤاد يابني .. بس لما تبطل تعاكس البنات والستات !

لا يكف عم عاشور عن تعليقاته الساخرة اللاذعة .. ولا تنقطع ضحكات و إبتسامات أهل الحارة . في خلال ساعة واحدة ينهي عم عاشور بيع البسبوسة . يحمل على كتفه الأيمن الحامل الخشبي .. ويحمل على رأسه الصينية الفارغة , يسندها بيده اليسرى .. و يختفي في أزقة الحارة الضيقة .

تمر الأيام و الشهور و السنوات .. ويبقى الحال على ما هو عليه . صباح الضحك والبهجة والسخرية من وعلى عم عاشور . يختفي عم عاشور أيا م قليلة متتالية .. ويبقى أهل الحارة في حيرة و قلق , يتسآلون : أين عم عاشور ؟
فجأة .. يظهر الرجل الكهل الضرير , يجر أمامه عربة يد خشبية , فوقها صندوق زجاجي مزركش , يضع بداخله أنواع مختلفة من الحلوى . ينطلق أهل الحارة في التصفيق و التهليل , ويتحد الصبية في التشجيع .. زغاريد النسوة تملأ الحارة في سعادة و فرح .. عاد عم عاشور ! . يرد الرجل التحية بإمتنان وتواضع .. واضعاً يديه فوق رأسه تارة .. و رافعاً كفيه إلى السماء تارة أخرى .. تصمت الحارة لحظات يتكلم فيها عم عاشور , ويقول : " هى دي التكنولوجيا والعولمة " .
انتهى .
د. ناصر شافعي

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع د. ناصر شافعي
 [SIGPIC][/SIGPIC]
فقيد نور الأدب رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
د. ناصر شافعي غير متصل   رد مع اقتباس