عرض مشاركة واحدة
قديم 03 / 06 / 2009, 58 : 12 AM   رقم المشاركة : [1]
د. ناصر شافعي
كاتب نور أدبي مشرق ومشرف سابق رئيس قسم العيادة الطبية في نور الأدب (انتقل إلى رحمة الله)

 الصورة الرمزية د. ناصر شافعي
 





د. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

سرقات واجبة (من الأدب الساخر )

سرقات واجبة (من الأدب الساخر )


د. ناصر شافعي


منذ سنوات عديدة .. عندما كنت صبياً صغيراً ألعب و أمرح في شوارع القاهرة الواسعة الهادئة الجميلة .. كان يستوقفني و يستهويني الحاوي , الذي يقدم عروضه المتواضعة الساذجة في الطريق .. ومعه مجموعة من المهرجين الغلابة, بملابسهم الرثة القذرة , التي تدعو للشفقة و الإحسان , لا للإعجاب و الإستحسان . وفي نهاية العرض أكتشف سرقة نقودي القليلة . ينظر إلىّ صديقي في إستهزاء و شماته ويقول : " أنا قلت لك .. إبعد أحسن .. حتتسرق حتتسرق !"


وتمر السنوات .. ويجري قطار العمر مسرعاً , حتى بدون أن أشعر بمحطات التوقف . وفي رحلة لليونان , وأثناء قضاء وقت ممتع على متن الباخرة السياحية الفخمة , طُلب منا تسليم أموالنا والغالي الثمين من ممتلكاتنا للأمانات , همس صديقي في إذني قائلاً :" حذاري .. حاميها حراميها !! " . تجاهلت تنبيهاته و تحذيراته .. وعند عودتنا من جزيرة الأحلام , لم أجد نقودي و كاميرا الفيديو التي أودعتها في الحفظ و الصون في الأمانات . ضحك صديقي متألماً , مشفقاً , ومتعجباً . قال " ده مصيرك و قدرك .. تتسرق .. تتسرق !!" .


وبعد سنوات قليلة و أثناء حضوري لمؤتمر طبي في بيروت , في فندق خمس نجوم, إبتسم لي مدير الفندق وهمس قائلاً :" ما تخاف .. أهم شئ يكون مفتاح الغرفة معك " .. وأثناء تواجدي في قاعة المحاضرات , سرقت جميع ملابسي و مشترياتي الثمينة من الغرفة . ضحك صديقي ضحكات هستيرية , ومازحني قائلاً : " مش قلت لك حتتسرق !! .. تعيش و تتسرق غيرها !! .. تبقى تخلي بالك من مفتاح الغرفة"


وتمر السنوات , و تتعدد السرقات وتتنوع . سرقة نقود , سرقة وظيفة , سرقة مؤلفات , سرقة أفكار . وفي كل مرة يطالعني وجه صديقي , بإبتسامته الساحرة الساخرة , وضحكاته الإستفزازية القاتلة , وأقواله وتحذيراته المتكررة المملة.
أحاول إستفزازه و إثارته بسؤال مباشر : إذن ما العمل ؟ .. كيف أتفادى السرقة ؟
كان رده جاهزاً و حاضراً و صريحاً و مباشراً : عليك بالبنك .. مكان آمن ولن تطوله يد اللصوص أو المحتالين . وبناء على رأي الخبراء من رجال المال و الدين , وللإبتعاد عن شك الربا , وضعت أموالي في صناديق المرابحات . وخسرت جميع ما أملك من أموال . ضحك صديقي ضحكاته الهستيرية وقال كلماته المكررة , بكل شماته و سخرية : " مبروك .. ألف مبروك .. إتسرقت تاني !! .. أنا قلت لك حتتسرق .. حتتسرق !! ..


مللت من الضحكات الساخرة .. و الإستهزاءات اللاذعة .. و الكلمات الموجعة . وقررت أن أمتنع عن التجوال و الخروج و المغامرة .. أغلقت جميع النوافذ و الأبواب و أحكمت غلقها خوفاً من السرقة و اللصوص .. ليس خوفاً على القليل المتبقى , ولكن خوفاً من المزيد من الإستهزاء و المهانة . جرس الباب يدق .. فاتورة الكهرباء بالمئات بدون قراءة حقيقية للإستهلاك .. فاتورة إستهلاك مياه بالمئات بدون وجود عداد , و المياه دائماً مقطوعة , فاتورة نظافة ولا يوجد عامل للنظافة . فواتير تليفون أرضي و جوال .. فواتير إصلاحات وتجديدات في المبنى .. فاتورة إستهلاك غاز .. فواتير .. مطالبات .. مدفوعات .. ضحكت في وجه صديقي العزيز وصرخت في وجهه بغيظ و ألم : " أنا قلت لك , حأتسرق .. حأتسرق " !

إنتهى .
د. ناصر شافعي . 2 يونية 2009

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع د. ناصر شافعي
 [SIGPIC][/SIGPIC]
فقيد نور الأدب رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
د. ناصر شافعي غير متصل   رد مع اقتباس