[محمود طلعت سقيرق]

استيقظت اليوم و أنا متعطش للمساء, لا أعلم ما الذي حصل , و لكن كل ما أعلمه انني متعطش للمساء, لما لا أدري , فكل ما يدور في خاطرتي هو المساء , لماذا المساء و نحن نقلع في صباح جديد, ايضاً لا أدري, ثريا تحضر فنجان القهوة و أنا أحضر نفسي للنوم , هي تغلي الماء الساخنة و أنا أغلي من النعاس, هي تضع الفناجين على الطاولة و أنا أضع أحلامي في مرمى الإنتظار, هي تضع القهوة في الفناجين وأنا الآن متأرجح بين الرؤية و بين الارؤية, فإن المساء اثر علي فأصبحت في منتصف الطريق بين الاستيقاظ وبين النوم , ولكنني اخيراُ استسلمت كالعادة للنوم.
ولكن رغم النعاس الشديد فإني ارى ثريا في أحلامي و هي تدخل الغرفة و تضع الفناجين بجانب السرير , و الأن ثريا تيقظني , فنبدأ برحلة جديدة مع ثريا.
ثريا: استيقظ ألا تريد الذهاب الى العمل.
فأجيب: هل يوجد عمل في المساء, اذهبي و اخلدي للنوم.
ثريا:اذاُ حان وقت الدكتور فأنت مريض, ترى المساء صباح و الصباح مساء.
فقلت:الدكتور لا يفتح العيادة في المساء, انتظري الى الصباح.
مما اثار ضجر ثريا , ورمتني بنظرة النساء المعتادة , ثم و بكل صوت عالي تقول:
استيقظ فالقهوة اصبحت مثل وجهك البارد.
فقلت لها: ضعي القهوة مرة ثانية على النار ولكن دون ان تضعي وجهي معها, و ضحكت....
ثريا: اقسم بأنك بليد, اخلد للنوم , انشاء الله نوم العوافي.
كالعادة يجب ان يكون هناك شجار بيني و بينها, فقلت لها ماذا تقصدين اخلد للنوم, لا تريديني ان استيقظ , اليس كذلك.
ثريا: حيرت قلبي معاك, وبدأت تثرثر كالعادة ......
فنظرت اليها وقلت: بماذا تثرثرين يا بنت ابو عبدو....
ثريا: لا تقول بنت عبدو.
فقلت: هل غيرت اسم اباك, يا بنت ابو عبدو..
فضحكت ثريا و انتصبت مثل المسمار ثم تقول , لا لم اغير اسم والدي ولكن والدي ليس ابو عبدو...
فقالت لي كان اسمه ابو عبدو عندما كان عبدو موجود...
فضحكت ثم بعدها بكيت , ضحكت لأنني أتذكر تلك الذكرى الجميلة, و بكيت لمرور ثلاثين عاماً على موت ثريا, فنظرت الى السماء فكان فعلاً هوالمساء بحد ذاته, ولكن سيبدأ شروق الشمس بعد دقائق, وفعلاً انا احتاج لطبيب لكي اعالج ذاتي من ذاك الشرود, فما الذي حصل لا أدري, في كل يوم اتذكر شيئاًُ جديداً عن ثريا لا أدري, و لما تفاوت تلك الأيام السريع ايضأ لا أدري , فاستيقظت ثم انتصبت و حضرت فنجان القهوة, ثم رميته من النافذة وجلست ابكي و ابكي................