16 / 06 / 2009, 45 : 07 AM
|
رقم المشاركة : [1]
|
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
|
استعراض موجز لتاريخ الصحافة الفلسطينية المكتوبة قبل النكبة
[align=center][table1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/43.gif');border:2px groove darkblue;"][cell="filter:;"][align=justify]
1 - صحيفة جراب الكردي للمفلس باسيلا الجدع والطفران خليل نصر
لحظة يرتطم نظر القارئ بكلمتي المفلّس و الطفران المترادفتين، يتساءل عن الاسم الحقيقي لمالك الصحيفة التي يصرّ ناشرها علي وضع كلمة جدية بين كلمتي هزلية فكاهية في الشعار الذي يتوّج أعلي الصفحة الأولي للعدد الأول.
ليس في ترويسة العدد اسم صريح، بل شعارات وعبارات ساخرة من مثل: تصدر في الاسكندرية في الدهر مرة وإن شئنا كل أسبوع ، وان قيمة الاشتراك في القطر المصري عشرة أرطال تمرية وفي الخارج ألف باقة ملوخية اسكندرانية خالصة اجرة الحمّال و ثمن النسخة لعنتين ونصف علي من رأي الحق ولم ينصره .
ولكن مجموعة طرازي تحتضن، الي العدد الأول، العدد الأخير من جراب الكردي الصادرة في مدينة حيفا لصاحبيها باسيلا الجدع وخليل نصر. والطريف ان العدد الأخير الصادر في 8 تشرين الأول (اكتوبر) 1923 هو نفسه العدد الأول من صحيفة الأردن ، بحسب ما ورد في الصفحة الأولي: هذا هو آخر عدد يصدر باسم (جراب الكردي) وبما ان هذا الامتياز كان لدينا قبل الحرب، لذلك عملنا اليوم علي إبداله باسم (الأردن) راجين من قرائنا الكرام أن يأخذوا علماً بذلك، وانه سيتابع الخطة التي سار عليها الجراب في هذه المدة، آملين ان يروق هذا لأصدقائنا ومحبينا. واننا نعيد ما قلناه في العدد الأول ان هذه الجريدة وَقْف علي خدمة الوطن والأمة . ونقرأ تحت اسم الصحيفة الشعار الجاد أو بيت الشعر الآتي:
الدين لله دينوا كيف شاء لكم
اما بدين هوي الأوطان فاعتصموا.
وفي أعلي الترويسة وضعت عبارة السنة الرابعة . وهذا يعني ان جراب نصر والجدع صدر في العام 1919.
في المقابل، ورد في الصحافة العربية في فلسطين للدكتور يوسف ق. خوري ان متري حلاج أسس في حيفا صحيفة جراب الكردي سنة 1908. وكان قيدوم مؤرخي الصحافة العربية فيليب طرازي قد أرفق النسختين الأولي والأخيرة من الجريدة المحفوظتين ضمن ما سمّي بـ مجموعة طرازي بورقة صغيرة قال فيها: توقفت جريدة (جراب الكردي) لما اشترك متري حلاّج مع أبي حلقة في إصدار جريدة (المحبة) في حيفا بتاريخ 24 شباط/ شباط / فبراير 1912 . هنا يمكن القول ان متري حلاّج أصدر جريدته في الاسكندرية بسبب توافر الحرية، ثم نقلها الي حيفا إثر الانقلاب علي السلطان في صيف 1908 وتوافر الحرية للصحافيين في السنوات الثلاث التي تلت التغيير. ذلك ان النهج الاستبدادي للاتحاد والترقي لم يكتف بإغلاق الصحف في بلاد الشام، بل علّق الكثير من الصحافيين علي أعواد المشانق في ساحتي البرج (بيروت) والمرجة (دمشق) ممن أطلق عليهم اسم شهداء 6 أيار . توقفت الصحيفة عن الصدور في العام 1912. ثم باع الحلاّج الامتياز لخليل نصر وباسيلا الجدع اللذين أصدراها في مطلع الانتداب البريطاني ونهاية الحكم العثماني، لمدة أربع سنوات بالاسم الساخر، علي رغم انها أصبحت جادة في عهدتهما. وهذا يرجح الرأي بأن إطلاق اسم (الأردن) عليها لم يكن له علاقة بالنهج الجاد الذي اتبعاه، بل لسبب آخر أترك للقارئ استنتاجه من خلال عرض مقال خواطر المنشور في العدد الأخير من (جراب الكردي) أو العدد الأول من (الأردن). استهل صاحب الرد خواطره قائلاً: ان بيان الحزب الشيوعي في فلسطين يؤكد أنه صهيوني بدليل تهجمه علي الحكومة الانكليزية وعلي جلالة الملك حسين والملك فيصل والأمير عبدالله ، وغمز كاتب المقال من قناة أركان الحزب عندما لمّح الي قدومهم الي فلسطين من بولونيا، من غير أن يصرّح انهم يهود.
أما افتتاحية العدد التي يردّ فيها رئيس التحرير علي صاحب صحيفة (مرآة الشرق) الفلسطينية بولس شحاده، فتؤكد أمرين: المطالبة بالحياة البرلمانية في فلسطين، والرفض القاطع للاستيطان الصهيوني. صحيح ان شحاده كان مع هذا الرفض وذاك المطلب، ولكنه كان من دعاة الحوار وأخذ ما يعرض، إذ نادي بـ أخذ العشرة والمطالبة بالباقي . والعشرة التي هي مقررات حكومة الانتداب ليست إلا صفراً مكعباً بنظر كاتب الافتتاحية، الذي لخّصها بالبنود الأربعة الآتية: أولاً، اتخاذها صلاحية سنّ القوانين لنفسها من دون مجلس تشريعي نيابي منتخب، وقبل صدور قرار جمعية الأمم النهائي. ثانياً، إعترافها بالجمعية الصهيونية كهيئة رسمية. ثالثاً، شروعها في تنفيذ المآرب الصهيونية بإدخالها مهاجري الصهيونيين واستعمالها العبرانية لغة رسمية وسكوتها عن وجود راية صهيونية. رابعاً، وجود زعماء صهيونيين في أعلي مراكزها، علي أن فلسطين هي البلاد المقدسة للعالمين الاسلامي والمسيحي، ولا يجوز وصولها الي أيدٍ غير الاسلامي والمسيحي.
طبعاً، هناك فارق بين العدد الأخير من جراب الكردي والعدد الأول، ولكن في الأسلوب لا الهدف، إذ توسل متري الحلاج الأسلوب الساخر لتوعية الغافلين عن إصلاح وطنهم علي رغم ان صوت الأحرار ملأ الخافقين ونور الحرية سطع علي العالمين . واحتلت المحاورة بين عثماني ونمسوي الجزء الباقي من الصفحة الأولي وكامل الصفحة الثانية، وتمحورت علي البوسنة والهرسك:
العثماني: أليس من العيب عليكم، وأنتم تدعون الحرية والاخاء والمساواة، ان تنتهزوا فرصة دخولنا في طور جديد سعيد وتسلبوا منا أرضاً مزجت بدماء آبائنا وأجدادنا؟
النمسوي: ولكن ألم تكن بيدنا منذ ثلاثين سنة وحكومتكم السابقة لم تفاتحنا بها علي الاطلاق...
العثماني: ان حكومتنتا السابقة كانت لا همّ لها إلا إملاء الجيوب من أموال الفقراء، ولا يعنيها لو ضاعت البلاد بأجمعها طالما رجالها يتمتعون بالثروة .
يبقي ان العدد الأول لم يتضمن شيئاً عن الاستيطان اليهودي لفلسطين. ولكن، من المرجّح ان تكون الأعداد التالية، غير المتوافرة، احتضنت الكثير من الافتتاحيات والمقالات المندِّدة بالمشروع الصهيوني. فمن يرفض استيلاء النمسا علي البوسنة والهرسك، لا يعقل أن يقول لمستوطني وطنه فلسطين: يا ما أحلي الكحل في عيونكم!
2- صحيفة بريد اليوم المقدسيّة لصاحبها أ. سفير راهنت علي الصهيونية
اذا كان المكتوب - أي الرسالة - يُقرأ من عنوانه، علي حد تعبير العامة، فإن صحيفة بريد اليوم تُقرأ - والمقصود تُعرف - من اعلاناتها، اذ احتلت ثلثي الصفحة الأخيرة من العدد الأول الصادر في القدس بتاريخ 11 أيار (أيار / مايو) 1920 خمسة اعلانات، أولها لكرامر وشركاه، والثاني ليوسف كودرانسكي وماكس فودليشوق، والثالث لكولدشتين، والرابع لمتشي ابراهيم بطيش، والخامس والأخير لصاحب الجريدة أ. سفير، وجميعهم يهود.
ذلك ان الافتتاحية المتوجة بكلمة مشروعنا صيغت بعبارات تمويهية من مثل القول ان أكبر رجال السياسة وأعظم ذوي الأقلام بأوروبا وأميركا علقوا ويعلقون الآمال الكبيرة علي امكان نهوض الشرق من خموله وانحطاطه اذا اشتبكت أيدي أمم الشرق، وعملوا متحدين قلباً وقالباً، فتنشأ من امتزاج الأقوام حياة جديدة شبيهة بحياة شجرة قديمة ذابلة ركب علي فرع من فروعها غصن من شجرة غضة حية، فتولد من هذا التركيب شجرة جديدة الماء والحياة ازدهرت وأثمرت وكان ثمرها بديع اللون زكي الرائحة لذيذ الطعم .
وقبل ان يستنتج القارئ ان المقصود بغصن الشجرة الغضة الذي تُطعّم به الشجرة الذابلة هو الوطن القومي اليهودي، تنبري عبارة أخري في الافتتاحية لتستبعد مثل هذا الاستنتاج: ولما كانت غايتنا الوحيدة السعي والتفاني في خدمة هذا الوطن العزيز من دون تفريق بين ملله وعناصره، فسنمنح الكل فوائد جمّة وأخباراً مهمة تروي ظمأهم، خصوصاً والنغمة الصهيونية وقصها أصبحت خبزاً ناشفاً غصت به نفوسهم .
ولكن، ما إن تقلب الصفحة الأولي وتبدأ بقراءة المقال المتمحور علي المسألة الأرمنية، حتي تتعزز شكوكك بصهيونية سفير وجريدته. في مستهل المقال يقول محرر بريد اليوم : في المؤتمر الذي عقد في برلين سنة 1878، جلس حول المائدة الخضراء بسمارك الجرماني والوزير غورشقوب الروسي واللورد بيترنسفيلد الإسرائيلي، فسأل بسمارك: ألم ننس شيئاً؟ نعم، أجابه اللورد بيترنسفيلد بلهجته اليهودية الصادقة، قد أهملنا أمراً لا يغفر لنا العالم المتمدن إهماله. فقد نسينا أرمينيا .
ويختم المقال بالعبارة الشرطية الآتية: اذا تثبت العدل في العالم وحاز كل علي حقوقه، سنحظي برؤية اليوم الكبير الذي انتظرناه، اليوم العظيم الذي طالما ذكرناه. يوم يعقد فيه الاتفاق الثلاثي الجديد، الاتفاق الشرقي الحديث: عربستان، إسرائيل، وأرمينيا، رفقاء الشقاء، رفقاء الاستعباد .
قبل الانتقال الي مؤشر آخر علي صهيونية بريد اليوم وصاحبها، لا بأس من ابداء الملاحظات الآتية: إن اللورد بيترنسفيلد سياسي بريطاني. ولكن القاموس الصهيوني لا يكتفي بتحديد طائفته اليهودية، بل يتخطي ذلك الي استبدال هويته البريطانية بالهوية الإسرائيلية.
ثم ان مساواة المسألة الأرمنية بالمسألة الصهيونية، هي فعل تعسفي. فأرمينيا كانت حتي لحظة استقلالها مأهولة بشعبها الأرمني ومعروفة باسمها التاريخي. في حين ان إسرائيل دولة اقيمت علي أرض فلسطين، وان الإسرائيليين استوطنوا تلك الأرض بعد ان طردوا سكانها الأصليين، بقوة السلاح. والملاحظة الثالثة، انه اذا أردنا مقارنة عبارة اللهجة اليهودية الصادقة بمثلنا العامي الكذب ملح الرجال نخلص الي الاستنتاج بأن السياسيين الإسرائيليين جبال من الملح!
في الصفحة الثالثة، نشر الجزء الأول من شهادة موسي كاظم الحسيني في الدعوي التي اتهم فيها بعض الخطباء الفلسطينيين بالتحريض ضد اليهود، ومنهم خليل بيدس - والد يوسف - وصاحب مجلة النفائس ، وقد وقعت معركة بين الطرفين استعمل فيها الفلسطينيون الحجارة، واليهود السلاح. قال الحسيني في سياق الاستجواب، وكان رئيساً لبلدية القدس: عند هدوء الحالة بشارع يافا، سرت لبيتي. وصلني تكليف من المستشار المحلّي بالذهاب مع سائر أعضاء البلدية لمواجهة الحاكم الذي بادرني لحظة دخولي عليه: حلّت الي اليوم الطهارة في القدس، أما اليوم فقد حلّت فيها النجاسة . ردّ الحسيني بأن الطهارة استمرت لدي الفلسطينيين بدليل انه لم يُعثر علي سلاح عندهم. أما اليهود فقد تسلّحوا بمسدسات . وسأل القاضي البريطاني المنحاز لليهود: من كان المسبب لهذه الحركة ؟ أجاب الحسيني: ان مدير البوليس كان عند الحاكم وشهد أمامه ان صبياً مسلماً تخاصم مع صبي يهودي، فتدخل جندي يهودي في الأمر وابتدأت الحركة . أضاف الحسيني ان اطلاق الرصاص صدر من جهة اليهود الذين تراكضوا نحو المستعمرة اليهودية القريبة لشيخ جراح .
وما الذي أكد لك انهم من اليهود؟
- يمكنني ان أفرق، بسهولة، اليهودي من العربي!
ويذكر ان المحكمة اطلقت سراح كامل البديري والشيخ حسن ابو السعود وعبداللطيف الحسيني. وحكمت علي خليل بيدس وعبدالفتاح درويش بالسجن لمدة سنتين وعشرين جنيهاً غرامة نقدية.
في ذلك العام (1920) استفتت مجلة الهلال الشهيرة عدداً من الكتاب حول مستقبل اللغة العربية ومنهم جبران. وكان بين المستفتين المستشرق اليهودي ريتشارد كوتهيل. ومما قاله المستشرق الأميركي الآتي: لست أري سبباً يمنع جعل العربية في الأنحاء العربية لغة التعليم في المدرسة وفي الكلية، بل يجب جعلها كذلك. علي أنني استثني فلسطين حين تصبح وطناً قومياً لليهود، اذ تكون العبرانية لغة التعليم فيها، ولكني اطلب جعل تدريس العربية اجبارياً، لأنها لغة مواطني اليهود في فلسطين . وذيّل سفير جواب اليهودي الأميركي بتعليق قال فيه: اننا نقرّ ونعترف بنظريات الكاتب العميقة وآرائه الصائبة. ولكننا لا نستصوب استثناءه فلسطين. كما اننا نري خلاف ما توقّعه من تلاشي اللغة العربية في هذا القطر حين يصبح وطناً قومياً لليهود. فاليهود، مهما اختلفت جنسياتهم وتغيّر لسانهم، يقدّرون اللغة العربية ويطنبون بمدح سحر بيانها. ولا بدع، فالعربية والعبرية موحدتا المصدر، متفقتا اللهجة ومتشابهتا المعني .
اضاف جازماً ان تعميم درس العربية في الدولة العبرية العتيدة سيكون اجبارياً بعموم المدارس اليهودية. وستأتي النتائج مصداقاً لأقوالنا .
وبصرف النظر عن التكتيك الذي اتبعه الاعلاميون الصهاينة في الدوريات العربية، والقاضي بتمويه المشروع الصهيوني الاستيطاني في فلسطين، فإن اللغة العربية في اسرائيل بعد 81 عاماً، غابت تماماً من المدارس اليهودية، باستثناء تلك التي يوجد فها طلاب فلسطينيون حيث تدرّس العربية كلغة ثانية اختيارية، في حين يُجبر هؤلاء الطلاب علي درس العبرية.
السلام اليافاوية وصحيفة أبو شادوف 3 - السلام اليافاوية لنسيم ملول ... أيدت الاستيطان
حسناً فعل الدكتور (اليهودي) نسيم ملّول حين أصدر العدد الأول من صحيفته في الأول من نيسان (نيسان / إبريل) 1910 في القاهرة، وهو اليوم الذي يباح فيه الكذب. ذلك ان الجريدة التي حملت اسم السلام جديرة بأن تُسمّي الحرب . إذ لم يمض علي صدورها في القاهرة ثلاثة أعوام حتي اندلعت نيران الحرب العالمية الأولي. وبعد سكوت المدافع ودخول الانكليز الي فلسطين، استأنف ملّول اصدار صحيفته في يافا بتاريخ 31 ايار (أيار / مايو) 1920، وان كان يفضل أن يستأنف اصدارها في الأول من نيسان أيضاً. أولم يسهم ملول وصحيفته والحركة الصهيونية، التي كان من أقطابها، في إشعال فتيل الحرب في الشرق الأدني منذ بدء الاستيطان، وخصوصاً عندما بدأت ورشة تحقيق الوطن القومي اليهودي في فلسطين في أيار 1920؟ والدكتور ملول، لم يكتف بجريدته منبراً لإيهام العالم العربي بأن الاستيطان اليهودي يستهدف المساهمة مع الفلسطينيين في النهوض بفلسطين، بل هو توسّل أهم منبرين صحافيين عربيين آنذاك، المقطم و الأهرام للتمويه والتضليل، اضافة الي تسلله داخل حزب اللامركزية الذي أنشأه الشوام في مصر عام 1912 وترأسه رفيق العظم، وأصبح هو من أفعل أعضائه ومسؤوليه. وكان من ثمرات الدور الذي لعبه في صحيفته وخارجها، إضعاف أصوات المعارضين للمشروع الصهيوني في مصر وبلاد الشام، خصوصاً عندما تمكن من إقناع بعض قادة الرأي بوجهة نظره، وفي طليعتهم الدكتور شبلي شميّل.
عندما استأنف ملّول إصدار صحيفته في يافا، خصص كامل الصفحة الأولـــي لافتتاحـــيته التي نوّه في مستهلهـــا بالاحتفـــال الذي أقامه للعدد الأول في حديقة الأزبكية في القاهرة و حضره جمهور غفير مـــن الصحافيين والأدباء والكتّاب . وذكر ملـــول ثلاثة أسماء من أبرز الحضور: فيلسوف الشرق الدكتور شبلي شميّل الذي أبان ما للصحافة من اليد الطولي في تقدم الأمم ورقيّ الشعوب ، اضافة الي الكاتب اللوذعي المصري محمد صادق وصاحب صحيفة الممتاز الشيخ مصطفي الشاطر . والطريف ان العدد الأول من السلام القاهرية تضمن عبارات من عيار ان الصحافة منخل ينخل أعمال الأمة ورجالها، فيسقط الرديء منها ومنهم، ويبقي الجيد من كل منهما . وطرافة هذا القول تكمن في أن الذي بقي في السلام بعد النخل، هو الرديء المموّه الذي يعمل للحرب ويدعو للسلام.
نبقي في افتتاحية العدد الأول لصحيفة السلام اليافاوية، إذ يقول ملول بعــد التنويـــه بالمرحلة القاهرية: كما ان السلام ملك مشاع بين الأمم والشعوب والأفراد وكل من تدب في جسمه روح الحياة، هكذا (السلام). فقد جعلناها مشاعاً بـــين أفراد الأمــة وبما يؤلفها من العناصــر والأديــــان مـــن دون تمييز بين المسلم والمسيحي وبينهـــما وبين اليهودي، والكل في نظرنا سواء ضمن دائرة المبادئ الانساـنية والقوانـــين الالهية والوضعية . وختم الصقر ملول الذي كان منتدباً بصورة سرية من الجمعية الصهيونية للظهور في شكل حمامة السلام: ان (السلام) لا ينتمي الي حزب من الأحزاب، ولا يميل الي أحد العناصر، وليس لواحد من هذه أو تلك سلطة عليه، لا بل انــه اذا كان هنا في البلاد حزب شعاره الاعتدال المطلق بلا قيد أو شرط، أو وجد حتي اليوم عنصر عجن أفراده بماء التساهل الجنسي والمعنوي، فإن (السلام) صحيفة هذا ولسان حال ذاك .
علي رغم التمويه البارع في الافتتاحية، فإن بقية صفحات العدد الأول لم تخلُ من أسطر يمكن من يقرأ بينها اكتشاف الحقيقة.
تحت عنوان رئيس أخبار شتي ، وعنوان فرعي حول فلسطين نقرأ الخبر الآتي: قال الدكتور فايسمن (وايزمن) في حديث له مع مكتب الصحافة الاسرائيلي في لندن، ان مسألة الانتداب لفلسطين قد تقررت نهائياً. ولكن تفاصيل هذا الانتداب لم تعين بعد. ومهما يكن من الأمر، فإن المسألة قد أصبحت بيد بريطانيا. وهي المنوط بها تنظيم الادارة والأحوال في فلسطين. وأما ما يتعلق بالمهاجرة (أي الاستيطان) فستؤلف لجنة خاصة للاشراف عليها برئاسة موظف بريطاني يعين خصيصاً لهذا الغرض .
نبقي في حيّز الأخبار، لنقرأ في الصفحة الثالثة حول عيد الحرية في القاهرة. وقبل أن يتبادر الي ذهن القارئ ان المصريين يحتفلون بذكري حركة عرّابي باشا، يسارع قلم التحرير في القول ان الاسرائيليين احتفلوا في مشارق الأرض ومغاربها بعيد الحرية. فأقيمت الاحتفالات في كل صقع وناد، حيث اشترك فيها ممثلو الحلفاء . ومن الاحتفالات اللافتة الحفلة الثالثة التي أقيمت في الكورسال تحـت رعاية فخامة الجنرال اللنبي والحفلة الرابعة التي تقام في حديقة الأزبكية تحت رعاية اللادي اللنبي . والطريف ان اسم هذا الجنرال البريطاني أطلق علي أحد أهم شوارع بيروت.
أما الصفحة الرابعة والأخيرة فقد نشر فيها ملّول ما حرص علي نفيه في الأهرام و المقطم وداخل حزب اللامركزية . فتحت عنوان فلسطين ، كتب قلم التحرير ان دول الحلفاء الكبري التي تدير كفة جمعية الأمم وافقت علي الوعد الذي صرحت به الحكومة البريطانية في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1917، ثم وافقت عليه سائر حكومات الحلفاء، عن انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين . ويذكر ان احدي أبرز الدول الموافِقة علي وعد اللورد بلفور، هي بريطانيا العظمي التي كان صاحب الوعد وزيراً لخارجيتها. ونجحت مع فرنسا، في فركشة لجنة كنغ - كراين الأميركية التي استفتت الفلسطينيين واللبنانيين والأردنيين والسوريين مقدمة لرسم شكل تقرير مصيرهم انطلاقاً من مبادئ الرئيس الأميركي ولسن التي نصّت علي حق الشعوب في تقرير مصيرها.
[/align][/cell][/table1][/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|