عرض مشاركة واحدة
قديم 21 / 06 / 2009, 47 : 02 PM   رقم المشاركة : [2]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق

أبحث عن رأس امرأة
[align=justify]
ليلى ، عصفورة الشعر ..هل علينا أن نرتّب وقع خطواتنا ، ونشكل وردة من نسيج الروح لنقول بوحنا المشترك .. تدركين ليلى أن الكتابة خروج عن القاعدة .. لذلك كان عليّ ، وأنا أخرج إلى بحر حروفك، أن أخلع كلّ الضوابط والقواعد .. كان علي أن أتماهى مع لحظة البوح الذي يكسر حاجز الاحتمال ..
أتدركين أنني أميل إلى الرأس أكثر من أي شيء آخر .. الجسد كله احتمال مهما كان . لكن حين تغوصين حتى النخاع في التجربة ، تعرفين أنّ الرأس في النهاية شراع الأشرعة . كثيراً ما نلعب لعبة التراخي مع جسد مفتوح على المدى ، وبعدها نبحث عن لحظة إشراق .. لا أدّعي بطبيعة الحال توحداً بعالم نوراني يفرد في فضائه ألقه الخاص . لكن بكلّ كياني أبحث عن رأس امرأة ، لأنني عندما أجد الرأس ، أستطيع بكلّ بساطة أن أتحد مع الكلّ . أنا مشاغب كما تقولين ، لكن هذا الشغب الذي يعلو ويرتفع أحياناً ، لا يرضى أن ينام على ذراع لا تتصل تماماً بفكرة .. لماذا ؟؟ ربما لأنه الشغب .. وربما لأنه النسر الذي يحب الارتفاع إلى الأعلى ..
في ساعة من نهار كان يخلع آخر ضلع من فصول الريح والمطر ، رأيت كفكِ زهرة تلوّح في فضاء لا يحد .. لا أدري كيف استطاعت زهرة الصباح أن تكون في هذا الزمن المشتهى إلى جانبي .. ربما أدرك الآن بكلّ الوعي ، لأنّ هناك أزماناً تدخل في اللا متناهي ، وتخرج تماماً عن واقع الحال في قاموس الوقت .. مثل هذا الزمن كان في أنفاسي ، عندها ، وربما للمرة الأولى ، صار الحبر فضاء من نور ، وانقلبت الأوراق لتكون رائحة الزهرة المغموسة حتى الخاصرة بالألق ..
عندما خرجتُ من البيت .. ربما وقتها كانت الزهرة في الطرف الأيسر من الصدر .. راودتُ الرصيف أن يخلع حذاء الالتصاق بالوقت ، كي تمتدّ خطواتي حتى المعجزة .. وكان لي في منتصف الدرج الصاعد إلى روحي ، أو إلى سدّة روحي ، أن أشعل فتيل الفرح لأبلل بالندى كلّ الشبابيك التي انفتحت على وعد ما ، أو ربما كي تأخذ من محفظة الهواء الأنفاس الطرية.. شعرت أنّ الهواء ، خارج المحفظة تماماً ، كان قد فرد جناحيه حتى استفاض ..
تدرين يا ليلى أنّ الشعر ينقط سنابل القمح حين يداخل تماماً شعلة الإنسانية المتوقدة . بين الشعر والفلسفة مساحة من وقت ، مساحة تكفي لتذيب حرارة الوجد التي يجب أن تكون في الشعر إن أريد له أن يكون شعراً .. ولا أدري يا عصفورة الشعر ، كيف يفصّلون ثوب الشعر من قماشة لا تناسب جسد الشعر . أظن أن للشعر جسداً .. كنت أقول دائماً وما زلت : الشعر لا يعرف العين المفتوحة على وسعها وبكلّ الوعي أثناء حالة الإبداع ، هذه العين التي تراقب الفواصل والنقاط والحروف والأوزان والقوافي ، تطلق الرصاص على الشعر .. مع الوعي التام المتكامل ، يموت الشعر ، وتنطفئ كلّ جذوة متقدة فيه .. إذا لم نخلع قبل التداخل مع سحره ، كلّ تفاصيل اليقظة الحادة ، نقتله .. الشعر فضاء مفتوح على تلك النقطة الفاصلة بين الوعي في اكتماله ، والغياب في تمامه .. لذلك ترين يا عصفورة الشعر ، كيف سلخوا جلد الشعر ، ثم سلموا ما تبقى منه إلى مصانع التعليب .. ما عدنا في هذا الزمن نشمّ رائحة النعنع في الشعر ، عطر الوردة ، عطر الهواء النظيف . هل أحاول أن أقف ومعي شفرة النقد أمام ما يقال من شعر ؟؟ تدركين يا عصفورة الشعر أنني لا أريد أن أذبح الشعر ، ولا أن أريق دم الكلام . لكن علي ، وأظنك إلىجانبي ، أن أقف في وجه كلّ الشعر الذي أدار ظهره للشعر .. هذا الشعر الذي أعلن الاستقالة رغم كلّ الدواوين التي تطبع .. الشعر يا ليلى يجب أن يبقى على وحدة الحالة ، لأنه لا يجوز بأي شكل أن نفصل الوردة عن عطرها، والشمس عن ضوئها ..ليلى ، لا تحاولي وأنتِ تقرئين سطوري هذه أن تفصلي بين ذاتك وذاتي ، لأن الذاتين تداخلتا أو انصهرتا في ذات واحدة .. كوني في مرآتي، كما أكون في مرآتك .. وتعلمين يا عصفورة الشعر أنّ المرآة التي أعني لا تخرج عن كونها الكينونة كلها في أناي ، في داخلي.. أريد أن تتشكل الكتابة نبضاً متواصلاً .. وأول ما أسعى إليه ، يرتبط هذا الارتباط الحاد بجعل الكتابة شلالاً يحاول أن يكسر الحواجز كما قلت . ولا أدري إن كان بوحي هذا ، قد استطاع أن يعبر عما أعنيه ..
أعلن للمرة الألف أنني أحببت حتى ما عاد بإمكاني أن أصف الحب في جملة تكفي لأن تقول الحب .. عندما تكون التجربة ضيقة ، تصبح التعاريف أسهل وأبسط . رغم ذلك أقول مع الكثيرين إنّ الحب يملك الإنسان ويحول مجرى حياته .. لكن مثل هذا التعريف يشبه حبة المسكّن. أحار أحياناً وأقف مثل إشارة استفهام .
في لقاء نشر في واحدة من المجلات ، سألتني الصديقة هالة نحلاوي عن الحب ، أذكر أنني قلت: ((الأنثى التي أحبها قريبة إلى حد الاحتراق ، بعيدة إلى حدّ المستحيل .. تعصرني عند كلّ مفترق ، تقتلني عند كلّ زاوية من زوايا النسيان .. هي سري الذي أشهد أنه يذبحني .. لها تشكلت قصيدة ـ طائر الليلك المستحيل ـ هذه القصيدة التي تقول كلّ الأشياء دفعة واحدة ، ولا تقول شيئاً .. الحب هنا مثل كلّ الفصول ، مثل كلّ المواعيد ، مثل كلّ الحكايات ، وحين تقترب الأصابع منه لا تستطيع أن تقبض على شيء .. لا أحد يعرف سرّ حبي ، إلا تلك التي أحبها ، وفي قمة معرفتها لهذا الحب تستدير وتمضي لتتركني وحيداً .. إنها طائر الليلك المستحيل )) .. وعندما سألتني هالة سؤالاً يتعلق بالذات، قلت (( أنا بسيط كالماء ، صعب كالمستحيل .. طموحي لا يحد، وبساطتي لا تحد .. أكتب في كلّ حين . وتمر أيام كثيرة لا أكتب فيها شيئاً .. أحب الناس إلى حدّ العشق .. أحب الحياة والجمال .. مليء بالتفاؤل .. في داخلي طفل لا يريد أن يكبر .. أحياناً أعيش حالتي الفرح والحزن في وقت واحد ، وهي من أشدّ الحالات إرباكاً وتعقيداً . بعض المواقف تبكيني فلا أخجل من دموعي وإن تجاوزت الأربعين بسنتين .. بعض المواقف تضحكني ولا أخجل من ضحكاتي التي تملأ الزمان والمكان.. قدرتي على الكتابة هائلة .. أنا إنسان مسكون بالكتابة .. لا يصعب عليّ شيء .. كثيرون يقفون حائرين أمام هذا النوع أو ذاك من الكتابة .. أنا أحب كلّ الأنواع الأدبية وأعشقها وأكتب فيها . عندي جوع هائل لكلّ إبداع .. أقرأ .. أسمع .. أعيش . مشكلتي أنني أحتاج لمن يفهمني بشكل صحيح ، من يفهم خجلي وجرأتي . من يفهم تركيبة المبدع داخلي ، هذه التركيبة الغنية . ولأنّ كثيرين لا يفهمون هذه التركيبة ، أشعر بالغربة كثيراً . لكن تنقذني طفولتي دائماً فأعود إلى التواؤم مع الحياة .. مع الابتسامة .. مع إشراقة الشمس .. وبعد : هذا أنا )) .. وقد التقطت الشاعرة المغربية حبيبة الصوفي قولي (( أنا بسيط كالماء ، صعب كالمستحيل )) فقالت :
كالماء سهلُُ وعذبُ كالمستحيلات صعبُ
كالروح عمقاً وسحراً كـالقلب نبضك حبُّ
كالشعر تكشف دنيا كالنثر سحرك عجب
لعمري سهلك صعب وأنــت عندي أحبُّ
ما أردت يا عصفورة الشعر أن أصل إلى ما وصلت إليه .. لكن كما قلت لك أحاول الخروج عن أي قاعدة .. ربما ما زالت الزهرة في القلب تماماً .. وربما كان علي أن أقول أكثر .. لكن آن للحبر أن يتوقف ..
[/align]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس