الطفل الوحيد
تقول إحدى الأمهات أنها تزوجت منذ عشر سنوات من رجل صالح و عاشا حياتهما طوال هذه السنوات في حب و مودة و بعد زواجهما بعامين رزقت بطفل جميل يبلغ من العمر الآن ثمان سنوات .ز و مشكاتها تكمن في أن زوجها لا يرغب في إنجاب أطفال آخرين و يكتفي بطفل واحد رغم أننا و الحمد لله أثرياء و ليس هناك أي عقبات طبية تمنعنا من إنجاب مزبد من الأطفال . و حجة زوجي في عدم رغبته في إنجاب طفل آخر أنه يريد أن يكرس كل حياته و إمكاناته لإسعاد هذا الطفل و أن يمنحه كل الحب و العطف و الاهتمام و لا يشارك هذا طفله الأول طفل ثاني .. و تسأله الأم ماذا تفعل ؟
سيدتي .. يبدو أن زوجك قد عاني في طفولته من مشكلة عدم الاهتمام أو الحرمان – سواء الحرمان المادي أو المعنوي – نتيجة وجود أحد أخوته أو الكثير من إخوته في الأسرة و أن نصيب زوجك و هو طفل من الاهتمام و الرعاية كان قليل .. لذا فهو يريد أن يعوض طفله الوحيد عن ما حرم منه الأب و هو طفل .. فيرغب أن يعطي كل حبه و حنانه لطفله .. و أن يمنح طفله كل المقومات المالية و الأدبية اللازمة للاهتمام به و تربيته ..
و لا شك أن الطفل الوحيد له مزاياه الخاصة .. فهو يحظى بالاهتمام الشديد من الوالدين .. فيوفر اله كل احتياجات من غذاء و ملابس و ألعاب و رعاية صحية و نفسية – و لكن هناك الكثير من المشاكل التي قد يعاني منها الطفل الأوحد ، و من هذه المشاكل : أن هذا الطفل تعرض أكثر من غيره من الأطفال لتدليل الوالدين لأن كل رغباته و احتياجاته مجابة .. و قد يؤدي هذا التدليل الزائد عن الحد إلي إفساد سلوك الطفل ..
كما أن هذا الطفل يتعرض كثيراً لضغوط نفسية و عصبية من الوالدين نتيجة لقلقهما الزائد علي حياته .. خاصة في حالة مرضه أو تأخره عن المنزل أو سفره .. فقد ينقل قلق و توتر الوالدين للطفل و يصبح الطفل الوحيد أكثر قلقاً و خوفاً .
كما أن الطفل الوحيد دائمنا يعاني من مشكلة الوحدة في المنزل لعدم وجود أخوة أو أخوات و تبقي دائماً الرغبة و الأمنية كامنة في نفسه لكي يصبح له أخ أو أخت ..
و لهذا الأب نقول : لا تحرم طفلك من نعمة وجود الأخ أو الأخت له حتي لا يتولد لديه شعور الوحدة أو الإنطواء .. و يمكن أن يكون له الأخ خير صديق و سند ..
كما أن حبك للطفل الثاني لن يحرمك أو يستقطع شيئاً من حبك لطفلك الأول .. و رعايتك للثاني سوف تكون رعاية كاملة و عادلة إن كنت والد عادل و صالح .. فلأب الواعي المدرك لدوره التربوي لأطفاله يستطيع أن يمنح الحب و العطف و الاهتمام لكل أطفاله بلا تفرقة .. و نقول لهذا الأب أيضاً : لا تحرم رغبة زوجتك في الإنجاب مرة أخري .. فحب المرأة للإنجاب و لوجود طفل ثاني يملأ حياتها بالفرح و الطمأنينة ..
د. ناصر شافعي . حقوق الطبع و النشر محفوظة للمؤلف . حياة صغيري . القاهرة