كل فتاة بأبيها معجبة
( خير النساء ..وخير الرجال )
د. ناصر شافعي
من الأقوال العربية المشهورة التي ذهبت مثلاً قولهم : " كل فتاة بأبيها معجبة " .. ولهذا المثل حكاية تقول :
ان العجفاء بنت علقمة السعدي وثلاث نسوة من قومها خرجن وتواعدن على اللقاء في روضة يتحدثن فيها ، وكان لقاؤهن في إحدى الليالي المقمرة ، فتحدثن ما شئن من الحديث و أفضن فيه.
ثم تساءلن فيما بينهن .. أي النساء أفضل ؟
فقالت إحداهن : أفضل النساء الخرود الودود الولود . ( والخرود هى ذات الحياء الطويلة السكوت )
وقالت الثانية : خيرهن ذات الغناء وطيب الثناء و شدة الحياء .
وقالت الثالثة : خيرهن السموع النفوع ، غير المنوع .
وقالت الرابعة : خيرهن الجامعة لأهلها .. الرافعة ، لا الواضعة .
ثم انهن تساءلن : أي الرجال أنفع ؟
فقالت الأولى : إن أبي يكرم الجار .. ويعظم النار .. و ينحر العشار بعد الحُوار .. ويحمل الأمور الكبار .. و يأنف من الصغار . ( و العشار جمع عشراء وهي الناقة التي مضى لحملها عشرة أشهر ، و الحوار هو ولد الناقة . )
وقالت الثانية : إن أبي عظيم الحظر .. منيع الوَزّر ، عزيز النّفَر ، يحمد منه الورْدُ و الصَّدر . ( الوزر بمعنى الملجأ .. و الورْدُ بمعنى الورود على الماء ، و الصدر بمعنى العودة من الإستقاء. )
وقالت الثالثة : إن أبي صدوق اللسان ، حديد الجنان ، كثير الأعوان ، يروي السنان عند الطعان .
وقالت الرابعة : إن أبي كريم النزال ، منيف المقال .. كثير النوال .. قليل السؤال .. كريم الفعال . ( منيف بمعنى عال أو مرتفع )
وبعد أن فرغت كل منهن من كلامها ، أردن أن يحتكمن إلى من يفصل بينهن ، فذهبن إلى حكيمة في الحي ، وأعدن عليها قولهن ..
قالت : كل واحدة ماردة بأبيها .. واجدة على الاحسان .. جاهدة لصواحباتها حاسدة .. ولكن اسمعن قولي :
خير النساء المبقية على بعلها ، الصابرة على الضراء مخافة أن ترجع إلى أهلها .. فهى تؤثر حظ زوجها على حظ نفسها ، فتلك الكريمة الكاملة .
أما خير الرجال فهو الجواد البطل .. القليل الفشل .. إذا سأله الرجل ألفاه قليل العلل .. كثير النّفل ( أي كثير العطاء ).
ثم قالت الحكيمة : " كل فتاة بأبيها معجبة " .. وذهبت مثلاً .
تحياتي . د. ناصر شافعي ( من التراث الأدبي العربي )