لا تتعب قلبك يا قلبي
لا تتعب قلبك يا قلبي .. أنت في واد ٍ وهم في واد ٍ .
هذه اللوحة الجميلة التي تحاول بريشتك الناعمة ملامسة كل الوجوه فيها ..
لن تفلح محاولاتك بإسعادهم فمعاول الهدم أكبر بكثير من معاول البناء .
ربما كان ينقص اللوحة لمسة ساحرة ترسم البسمة على تلك الوجوه العابسة ..
لكن عبثا ً تحاول .. هناك بعض الطفيليات التي تعيش وتقتات على الخراب ..
لا يهمها جمال لوحتك .. لا يهمها ألوانها البراقة .. لا يهمها نسائم الفرح التي تشع منها ..
ما يعنيها فقط هو أن يتمرن كل جاهل في إلقاء خطوط جهله على هذه اللوحة ..
ان يصب كل جاهل جمر غضبه على هذه اللوحة ويجر ريشته على ألوانها
كمن يجر مشرطا ً .. كمن يمزق شهادة رسوبه في الإمتحان .
الأدب .. فن .. ذوق .. أخلاق .. كالسياقة إن جاز لنا التشبيه .. أما أن يصل
الأدب لما وصل إليه ويتحول إلى سلعة رخيصة يتناولها ويتداولها الجاهلون .. نعم
الجاهلون ولن أقول الأميون لأن الأمي هو الذي ليس لديه القدرة على القراءة والكتابة
ولكنه بالتأكيد لم يفقد القدرة على التذوق .
أما الجاهل فهو الذي لا ولم ولن يتذوق ولا ولم ولن يفقه وإن كان يقرأ ويكتب
ويفك الحروف .. فليس لقرائته وكتابته من هدف سوى التشويش .
أتمنى لو أننا على أرض الواقع نملك حق إلغاء تلك الأصناف الرخيصة من البشر
.. تلك الأصناف التي لا خير في وجودها البتة ولا تجلب إلا الضرر .. والتي للأسف
إحتلت أماكننا .. أدبنا .. لوحاتنا .. وتحرك الريشة كمن يحرك فرشاة للطلاء على أحد الجدران
هذا زمان الطلاء والطلي وليس زمان الريشة والألوان .
لا تتعب قلبك يا قلبي .. أنزل الستارة وأغرق في النوم .. الأدب صار له ريشة غير ريشتك
الأدب أصبح له مخالب تمزق بيت القصيد .. وتفتح لها شوارعا ً في دواوين الشعر ..
وعلامات التنوين فيها مطب .. حفرة .. منزلق .. هاوية ..
أدب خال من الأدب .. لا تتعب قلبك يا قلبي ..