عرض مشاركة واحدة
قديم 10 / 07 / 2009, 26 : 12 PM   رقم المشاركة : [1]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

طوق الياسمين ورصاصة

لا نوم هذه الليلة، لا عتاب، لا مكان للشجون، حتى لو تفجرت مخازن الذاكرة، لن أستسلم للعود، ولن أسمح للناي أن يتلاعب بما تبقى من خلايا جهازي العصبي. أحضرت طوق الياسمين، الليلة كما وعدتك، وبقيت أنتظر هناك، أمام باب بيتك .. يا أنت .. يا حبيبتي. كنت قد قفزت فوق ذاتي، مسحت ما تبقى من خجلي وحيرتي، أردت أن أتجاوز حدود الليل، وأعانق القمر بدراً. وأطحن البن هربا من رائحة النوم. لا نوم هذه الليلة، لا جنون. تكاد الذكرى تقتلني كرصاصة تائهة، هربت من معقلها، ومضت تبحث عن وريد.

الرصاصة تكاد تكون حاضرة كرغيف الخبز في سيرتي الفلسطينية، العربية، الإنسانية، والكونية. كلّما سطع نجمٌ في كبد السماء تدوّي رصاصة، وأنا أحاول محاربة حدود الليل والوحدة المشبعة بحضورك المغيّب، أحاول أن أطوّق جيدك بعبق الياسمين، وقبلاتي التي تاهت في زحمة المكان. أسافر إليك، نحوك، دون تردّد، دون وجل. لم أخطئ عنوانك كما ادّعيت، حتى في أحلامي أعرف الطريق إلى جميع الدهاليز المؤدية إلى قصرك، وسريرك الغارق بترف الحرير والنوم حتى تخوم السأم.

أشعلت نار كانون، أعشق كانون الأول، والثاني، أعشق رذاذ المطر، والريح تصفر، وأمواج البحر لا تعرف راحة، قلب المحيط ينتفض، يقذف زبد غضبه تجاه كتلة الوعي التي تمثلها إنسانيتي. أعشق كانون، لأنه يعرّي الشاطئ من الفضوليين، أجلس وحيداً على صخرة كالحة قبالة المراكب المتأرجحة، من يجرؤ على السباحة ضدّ التيار، حتى الأحلام تتجمّد، تتعثّر، تتفجّر، تسعُل، تجفلُ، تدمعُ، تبكي، تتناثر كعقد الياسمين، ترحلُ نحو الشمس.

أتدرين بأنّي نظّمت نبض قلبي على وقع حضورك، يا طوق ياسمين زيّن أديم الطبيعة، يا غصن زيتون عصف في وجه محتلّ. كيف لي أن أنام الليل بطوله؟ كيف لي أن أفوّت عربدة القمر! كيف لي أن أقرأك دون معجم؟ كيف لي الرحيل في عالمك دون دليل! كيف لي أن أطرق بابك وحيدا، وآلاف الحرس والعسس، ينتظرون على أحرّ من الجمر ظهورك الخجل، فهل يشفع لي طوق الياسمين يوماً؟

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس