عرض مشاركة واحدة
قديم 14 / 07 / 2009, 26 : 11 PM   رقم المشاركة : [1]
د. ماجد حسام الدين
كاتب نور أدبي

 الصورة الرمزية د. ماجد حسام الدين
 





د. ماجد حسام الدين is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: لبنان

قراءات معاصرة في تيسير النحو العربي

[align=justify]
مقدمة

- 1-‏
هذا الكتاب محاولة جديدة تضاف إلى محاولات كثيرة طرقت هذا الجانب من جوانب النحو، أقصد جانب «تيسير النحو العربي» أو تسهيله، وكانت الدراسات في تقويم محاولات التجديد التي كثرت في القرن الماضي وازدادت، وقد انقسم فيها الناس بين مؤيد ومعارض، فلم تكن الآراء متفقة في معظم ما كُتب، كما تناولت بعض الدراسات أعلاماً كتبوا في هذا الجانب، فكانت كالسابقة بين مؤيد ومعارض، ويبدو أن هذه الدراسات وغيرها، وما سيرد لن يخرج عن هذا الإطار من الدراسة، والتقويم، والخلاف فيها، ما دام من ينظر إلى التجديد يرى فيه ـ التجديد ـ حذفاً يؤدي إلى تشويه، أو تيسيراً يفضي إلى إخلال بالقاعدة، بل إنَّ بعضهم رأى في التجديد هدم النحو وقواعده، أو الاتجاه نحو العامية والانحلال من كل القواعد، وفي هذا خطر إن لم نتنبَّه على ما يحيط بها، ونقف في وجه دعاتها، فإننا نكون كمن يساعد في هذه العملية، فالتجديد لا يكون هكذا، ولن يكون، إنما يجب أن يقوم على المنطق الرياضي والتحليل العلمي للقاعدة النحوية التي لا تبتعد عن قواعد الرياضيات المنطقية، ولا سيما عندما يتصل الأمر بالإعراب الذي يقوم على الفهم أولاً، ويستند إلى القاعدة التي هي نظرية ثانية.‏
- 2-‏
إنَّ في هذا الكتاب قراءات نحوية معاصرة، ليس القصد منها الوقوف عند محاولات الآخرين التي دُرسِت وقُدِّمت بل هي قراءات لنماذج من الأبحاث التي كثر فيها الخلاف النحوي وكثرة القواعد النحوية، وقد وجدت أن كثرة القواعد ليست خطأ، أو أنها تجعل البحث صعباً، يجب أن يحذف منها شيء لتكون سهلة التناول فالفهمَ، ولم يكن يوماً الحجم مقياساً للصعوبة أو السهولة، فكان أن وقفت عند ثلاثة أبحاث هي أسلوب الشرط، وأسلوب النداء، وأسلوب التنازع.‏
أما أسلوب الشرط فقد وقفت بدايةً على تحديد المصطلح فيه، ثم عرضت للأدوات الجازمة فغير الجازمة مع آراء القدماء فيها، تم إعرابها، وأبرزت الخلاف بين العلماء في بعضها، ثم عرضت لجواب الشرط، واجتماع الشرط والقسم مع زيادات وتتمات وجدت أنها مفيدة، ثم وقفت على رأي المحدثين في هذا البحث، ووصلت إلى عدد من النتائج أثبتها في نهاية البحث.‏
أما أسلوب النداء فكان عرضاً وتحليلاً لهذا البحث مع مقارنته بين القدماء والمحدثين، فكان أن وقع في قسمين: الأول تناول فيه آراء القدماء ووصلت فيه إلى عدد من النتائج أما القسم الثاني فكان للنداء عند المحدثين قصدت إلى الوقوف عند هذا البحث في الكتب التعليمية ثم كتب المعاصرين منها جامع الدروس العربية للشيخ مصطفى الغلاييني، والنحو الوافي لعباس حسن، والنحو الميسَّر للدكتور محمد خير الحلواني، ثم وقفت على كتب التجديد والتيسير.. ووصلت في نهاية البحث إلى نتائج.‏
أما أسلوب التنازع فقد وصلت فيه إلى آراء وأحكام جديدة لم أجدها عند القدماء والمحدثين: لأنني اعتمدت قراءة العنوان أولاً، ووجدت أن التعريف لم يُقرأ جيداً، فثمة ما يستحق الوقوف عنده استناداً إلى التعريف، ويخرج منه القارئ إلى أن العامل الذي وقف عنده القدماء كان الفعل، ولكن العامل اسمٌ وفعلٌ وحرفٌ، لذلك كان التنازع عندهم بين فعلين، وهو ليس كذلك، وقد أضفت إلى هذا بعض التتمات، كالتنازع بين فعلين متعديين إلى مفعولين، والتنازع في باب التعجب، وخصصت القسم الثاني من البحث لأشياء ليست في التنازع أو ما يشبه التنازع الذي يقع كثيراً بين الناسخ وفعل تام ولا سيما الفعل (ليس).‏
-3-‏
إن من يخوض غمار التدريس يكتشف أنَّ ثمة أموراً كثيرة يجب الوقوف عليها في قواعد النحو العربي، ويكتشف أنَّ تيسير النحو وتقديمه سهلاً وواضحاً للطالب يكمن في إعادة صياغة بعض الأبحاث لا في حذفها، أو حذف أجزاء منها، ويكون في الوضيح والشرح ضمن قواعد محددة، لا في تخطئة بعض القواعد، كما يكتشف أنَّ بعضاً من هذه القواعد يمكن توضيحها من خلال الشكل الإملائي الذي يعطي للكلمة إعراباً، أو من خلال التخلّص من بعض الأحكام التي ظلت معتمدة على عدم الضبط الذي كان سائداً في العصور الماضية، ويمكن حلّها الآن ببساطة، وكذلك الحال في بعض القواعد التي يمكن إعادة النظر فيها استناداً إلى القاعدة محللة تحليلاً منطقياً، وقد اكتشفت أن هناك عدداً من هذه القواعد يمكن أن تُيسَّر وتقدَّم للطالب سهلة؛ منها قواعد إملائية تيسِّر النحو، ومنها «ليتما» و«أنما» وألف «مئة» وكتابة الأعداد مضافة إلى «مئة» وهمزة «ابن» و«حتى» إذا وليها الفعل الماضي، والخبر شبه جملة، و«ليس» إذا وليها الفعل المضارع، وقد قدَّمت لهذه الآراء أو القواعد بتعليل، أو تفسير على ضوء القواعد النحوية التي لا نريد حذفها، أو هدمها، ثم انتيهت إلى عدد من الاقتراحات التي يمكن الأخذ بها.‏
- 4 -‏
لقد تميز عدد من المحدثين في عرض المادة النحوية عرضاً جديداً كان التوفيق حليفهم، فكان مؤلِّفهم جديراً بالقراءة، ومن أهم ما كُتب في هذا العصر كتاب «النحو الميسر» للدكتور محمد خير الحلواني الذي يعدُّ ـ بحق ـ رائداً في تجديد النحو العربي، وبدا لي هذا من خلال قراءة كتابه السابق «النحو الميسَّر» الذي ضمَّنه آراءه واجتهاداته، وقدمه بأسلوب واضح، فكان التجديد عنده في عدة أشكال منها طريقة عرض المادة، وتبويبها، وتشعيبها، وتقسيمها، يضاف إليها الشواهد التوضيحية، لذلك استحق الوقوف على ما قدَّمه وراسته، ووجدت أن ما وصل إليه كان قائماً على المنطق، والمحاكمة العقلية بأسلوب علمي، ولغة سهلة، ومما وصل إليه رفض بعض التقسيمات القديمة، ومناقشة آراء القدماء، وترجيح رأي على آخر فاستطاع أن يصل إلى هدفه الذي رسمه لنفسه، وهو تقديم النحو على صورة معاصرة سليمة، ويمكن لنا أن نقدم هذا العلم نموذجاً للمجدِّدين الذين يُقتدى بهم.‏
- 5-‏
ونقرأ في الجهة المقابلة من يرى في هدمه النحو تجديداً إذ كثرت المحاولات التي قصد أصحابها التجديد فأخطؤوا الهدف، وربما كانوا يعرفون ذلك، ولكن ثمة هدفٌ أمامهم يريدون تحقيقه، فكان أن دعا كثيرون إلى تجديد النحو إما بحذف عدد من الأبحاث، وتشويهها من خلال حذف أجزاء منها، أو الاستعاضة عن بعضها الآخر بجديد يعتمد الأجنبية نموذجاً، أو مثالاً يُقتدى ولكنهم لا يعرفون أن ثمة فوارق كثيرة بين نحونا وقواعدهم، وإذا كان الفشل نصيب هذه المحاولات فإن أصحابها لا يكلّون ولا يملّون من الضرب والنقد عسى أن يصلوا هدفهم.‏
لقد بدا لي هذا كله في خلال قراءة الكتاب «جناية سيبويه» الذي رأى فيه مؤلفه أن لغتنا معقدة بقيت جامدة، ودعا إلى العامية بطرق ظن أنها تخفى على القارئ، وسخر من الشعر الجاهلي، ومن علماء العربية، وقدامى ومحدثين، وهو الذي لم يقرأ النحو، ولا كتاب سيبويه الذي تجنَّى عليه، بل كتب بجهل عمّا لا يعرفه، وهو كغيره من الذين دُفعوا ضمن مجموعات إلى الحطّ من شأن اللغة وأصحابها، وقد قرأت هذا الكتاب قراءتين، كانت الثانية رداً على ردّ صاحب الكتاب، فكان ما كتبته في المرة الثانية قراءة ما بين السطور التي لم ترُق للمؤلف الذي كشفت ما قصد إليه وهدف.‏
- 6-‏
وبعد فإن هذا الكتاب ضمَّ مجموعة من الدراسات نماذجَ ضمن قراءات نقدية معاصرة في النحو العربي الذي جمع بينها، ونحن الذين نحاول أن نقدمه للطالب والقارئ معاً نحواً سهلاً مستساغاً بعيداً عن الأهواء الشخصية عسانا نصل إلى ما نصبو إليه، وهو لغة سهلة سليمة صحيحة معبرة عن كل العصور، وهي القادرة على ذلك، لكنها بحاجة إلى أهليها قبل الغرباء عنها، وإلى المجامع اللغوية قبل قراءات الأجانب، وإلى وزارات التربية والتعليم قبل مناهج الغرب، وإلى شعور بالإحساس تجاه الإنسان العربي فيما نخاطبه، وما نخاطبه فيه مقدَّس، فلنحافظ على قدسية اللغة حفاظنا على شخصيتنا قبل أن تذوب في الآخرين لا سمح الله.‏
6 تشرين الأول 2004‏
شوقي المعري‏

[/align]


نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
د. ماجد حسام الدين غير متصل   رد مع اقتباس