عرض مشاركة واحدة
قديم 15 / 07 / 2009, 24 : 12 AM   رقم المشاركة : [11]
د. ماجد حسام الدين
كاتب نور أدبي

 الصورة الرمزية د. ماجد حسام الدين
 





د. ماجد حسام الدين is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: لبنان

رد: قراءات معاصرة في تيسير النحو العربي

جناية سيبويه... قراءة بين السطور
[align=justify]
1- قبل الرد:‏
بداية أشكر «حوار» البعث الفكري الذي فتح لي المجال ولغيري صفحاته لإبداء الرأي بحرية تامة، وجعل لنا منبراً حرَّاً كنا نفتقده في كثير من صحفنا ومجلاتنا، ولا نزال، وأعتذر للقارئ الذي أثقلت عليه بكلمات قد تكون من الأخذ والعطاء، والرج والجواب، والتعليق، ولكن من يقرأ من هذا الملحق «حوار» هو ممن يُعدُّ مثقفاً، يتابع ما يهمّه، وما يختص به، وتتجاوز ـ أحياناً ـ ثقافته حدود اختصاصه ليقف عند أنواع أخرى من العلوم والمعارف، تجذبه بعض العناوين، وتشده بعض الموضوعات فيقرؤها، وربما وجد فيها شيئاً نافعاً فأفاد فيه نفسه، أو أحجم عنها لأنه وجد تكراراً، أو أشياء بعيدة عن كل ما فكر به، أو ظنه، أو اعتقده، فتمنى لو لم يكن قد قرأها.‏
ولأن طبيعة الحوار تكون أخذاً ورداً، ولأن الكلام الصحيح لا يكون هو الأخير، أو آخر ما يُقال فإنني وجدت نفسي مضطراً لأن أكون ضيفاً مرة أخرى على صفحات «حوار» وأرجو ألا أكون ثقيلاً لا فيما سأطرح، ولا فيما سأردّ به، ويقرأ من بعدي القارئ ويحكم على ما كتبت، ثم إنني لم أكتب هذا الرد لأنني صرت في موقف المتهم الذي لا يعرف القراءة!! وموقف الملفِّق الذي يكذب على القارئ، وما كنت مرة كذلك، ولا أطلب من أحد شهادة حسن سلوك، فكيف إذا كان من كتب جناية بجناية، إنني أكتب هذا الرد لتصحيح ما توهم فيه صاحب كتاب جناية سيبويه، هذا عدا حقده على النحو ومؤسسه ومحبيه، وكرهه لكل ما يجب أن يكون صحيحاً، أو حسناً، أو جميلاً وإن كان في هذا الرد ما يحقق له هدفه، وهدف دار النشر، وكنت قد قلت: إن الهدف الأول والأخير من نشر الكتاب هو الإعلان والدعاية لا غير!! لكاتب ما يزال يحبو في هذا العلم.‏
ولما قرأ من قرأ ما كتبت في «جناية سيبويه» وفضحت ما اقترفت يدا صاحبنا قيل لي: إن مثل هذا النوع من الناس لا يستحي في الرد، لأنه نكر وقائع وحقائق دامغة، ويرفض علماً تنتظم به لغتنا، وأدبنا، بل فيه نقرأ القرآن الكريم، وحديث الرسول وشعرنا وأدبنا، وتراثنا ومثل هذه الفئة التي تفضل لغة الأجانب، لغة الإنكليز، لغة الأمريكيين تُؤْثِر كل أجنبي على كل محلي.‏
وكنت أعرف أنه سيردّ عليّ، لأنني لم أكن الوحيد الذي ذمَّ ما كتبه، بل كنت واحداً من أربعة حتى الآن، ومن ستة بعد وقت قصير، وكل هؤلاء كتبوا في صحفنا ومجلاتنا المحلية، ولا أعلم ما كُتب خارج حدودنا، لكنني أعلم أن إحدى الصحف المحلية رفضت نشر رد صاحبنا لأن في كتابته جناية كما في كتابه، لكن طبيعة «حوار» يقتضي أن يكون هناك أخذ ورد، ولكلِّ الحرية في كتابة ما يريد، ورأيت من الواجب أن أرد كي لا يظن صاحبنا وبعض القراء أنه المنتصر فيما ادعى ولفَّق، بل إنه الخاسر في ما كتب، لأنه لم يعرف القراءة والكتابة، ولن يعرفها، وهو الذي يدَّعي أنه كان ينال العلامة التامة في اللغة العربية والرياضيات، فاتجه إلى على ما يبدو نحو الرياضيات فكان «باش مهندس» وكتب في «نحو سيبويه» وهو الذي لم يقرأ قراءة العالم، هذا إذا كان قرأه قراءة المتعلم، فهو لم يستشهد به في كتابته، فلم يقرأه ويقرأ سطوره...‏
2- العناوين والأسماء وعقدة النص:‏
إذا كان عنوان ردّ صاحبنا من هيئة تحرير «حوار» فأنا أشكر الهيئة التزامها بما كنت طلبته منذ زمن بعيد، وهو ألا يوضع قبل اسمي حرف الدال (د.) هذا الحرف الذي يبرق لكثيرين ويتمنون لو يسبق اسمهم، علماً بأن هذا الحرف قد سبق أسماء كثيرة وتركهم بعيدين عنه، ولم يستطيعوا اللحاق به فوقعوا، ولم يكن هذا الحرف مقياساً للعلم!! فكم من عالم رفضه، وكم من جاهل حمله بل لم تعد تعرف من الذي يحمل الآخر؟! وشهادتي مما أعتز به كثيراً لأنها صادرة عن جامعة دمشق، ويكفيني هذا شرفاً، بلا تكلّف، ولا تملّق ولا تزلّف، أما إذا كان العنوان من خط صاحبنا فإنني ألومه لأنه لم يكن لبقاً في المعاملة والكلام فنَزل بلغته درجات كثيرة يصعب بعدها النهوض مما وقع، وقد سمح لنفسه بلقب يخالف كل الألقاب «صاحب كتاب جناية سيبويه» ونتمنى أن يكون هذا «بيضة الديك» في العمر! وإذا كنت تبحث عن الشهرة فليست تُنال هكذا، فثمة شهادة تُباع، وثمة أخرى تُمنح فخرية.‏
خاطبتني ساخراً من المنبر العلمي الذي أقف وراءه، ولا تعلم ولا أريدك أن تعلم أن هذا المنبر هو الأشرف، وأن طاولة التعليم هي الأعظم، فمن ذا الذي يذم معلماً، ويكفيني هذا اللقب شرفاً لأن فيه صفات لا ينالها إلا القلة القليلة، وأترك لك بقية الألقاب لتختار ما يحلو لك فاختر اللقب الذي تريد وضعه قبل اسمك الذي أغاظك عدم ذكر دار النشر فجاهرت بها بصوت مرتفع، وزدت فلم ترعوِ ولم تنتبه على نفسك عندما قرنت اسمك باسم دمشق ساخراً بعبارة إضافية بعدها إشارتا تعجب، قلب العروبة النابض!! وأظنك نسيت أن ثمة نبياً تحمل اسمه!.‏
3- الاعتراف مرة أخرى:‏
لا أدري لماذا ردَّ صاحب كتاب جناية سيبويه على ما كتبته أنا، وملخصه أنني فضحت ما كتبت، ورفضت كل ادعاءاته التي ترفض النحو العربي الذي وصفه بالوهم! وكم كنت أتمنى أن يدافع عن نفسه، ويقول: إنه لا يرفض النحو العربي، لكنه أخطأ التعبير، وغفرنا له خطأه، وهو الكاتب المبتدئ، لكنه جاهر بقوله مرة أخرى أنه رفض النحو العربي منذ كان طالباً، ويبدو أنه أجل التعبير عن هذا الرفض أو الكره أو الحقد حتى ألَّف كتاباً في هذا، وكان يتوقع أن يقرأه كل مواطن عربي، وربما قصد كان يتمنى أن يقرأه كل مواطن عربي.‏
وكنت أظن أن صاحبنا يعرف قراءة الأرقام أو الأعداد، لأنها جاءت متسلسلة في مقالتي لكن خذلني فلم يعرف قراءتها لأن له قاعدة خاصة بها تبدأ بالأكبر أين وقع!! ورفض قراءتها من اليمين كما تُقرأ لغتنا.‏
وحاول أن يدافع مرة أخرى أنه لم يرفض النحو العربي لأن واضعه فارسي الأصل، فردَّ وقال إنني لم أفهم قراءة ما كتب، وهاأنذا أضع بين يدي القارئ ما احتج به ولم أفهمه قال: «إن سيبويه قام بوضع قواعد لأمثاله» فما معنى أمثاله؟ هل كان زملاؤه أمثالاً له، أو هل كان هناك علماء يؤلف لهم، أم طلاب، أم أمثاله هم الفرس أنفسهم؟!‏
ألا تلاحظ يا صاحبي أنك تسخر في كلمة «أمثاله» وأضيف إلى معلوماتك فأقول: هل تعلم أن كتاب سيبويه لم يكتبه وحده، ثم قال لك إن سيبويه «صنف وبوب كلمات اللغة بحسب حركة أواخرها؟ إلا أنه لم يستطع أن يعقلن قواعد ضبط تلك الحركات وهذا مأخذي عليه».‏
عظيم ـ يا صاحبي ـ أن تأخذ على سيبويه ولكن ما البديل عن نحو سيبويه؟ وهل لك أن تفسر ما كتبت، عجيب أمرك، يعني أن سيبويه جاء إلى اللغة جمع ألفاظها جعلها في حقول، وبوبها ضمن حركاتها، وربطها في معاقلها ولم يسمح لمفردة واحدة أن تفلت من عقال الحركات؟ فما هذا العلم الذي تتحفنا به؟ وهل يقدر إنسان؟ أن يحفظ ألفاظ اللغة العربية، ألم تسمع بما قيل: لا يحيط بها إلا نبيّ.‏
وإذا كنت ستقنع القارئ بالتحدي الذي طلبته فإنني أقول لك: دع عنك هذا وسلِّ نفسك بغيره... فمن يتحدَّ في العلم يجب أن يمتلك القوة العلمية ومثلها الجرأة في آن معاً، ويعرّف بنفسه، وأنا سأرد بهذا، هل تعرف كتاب سيبويه؟ ستجيب نعم. وهل قرأته؟ ستجيب، ليس كله، لأنك لو قرأته كله لوصلت إلى شيء من العلم يفيدك، وإذا سألتك هل تعرف أن سيبويه لم يضع لكتابه مقدمة وخاتمة فتستجيب لا، بالتأكيد، وعندئذ أقول لك: كان عليك عدم الخوض في هذا الباب، وأضيف إلى معلوماتك أن كثيراً مما في كتاب سيبويه لأستاذه الخليل بن أحمد الفراهيدي، وهو فارسي الأصل أيضاً، فلماذا لم تضمه إلى قائمة المتهمين؟ صحيح أنك لم تسبَّ وتشتم لكن سُررت أيما سرور عندما أتحفتنا بشعر بشار بن برد الذي يذمّ، ويسبّ، ويشتم فلفظت بلسانه وشعره وأبعدت عنك التهمة!!.‏
4- قراءة السطور وما بينها:‏
كررت ـ يا صاحبي ـ أنني أقرأ بين السطور، وكررت أنني أناقض نفسي كثيراً فأرد عليك بالنحو، وأنت لا تريد تلك، ولا هذه، لأن في قراءة ما بين السطور فضحاً لما تكتب، وإشهاراً لما تريد أن تغطيه ببعض الألفاظ، ولأن في الرد نحوياً كشفاً لما أخطأت فيه.. فانطبق عليك المثل «حِرنا يا صلعة كيف نمشطك» وهذه الجملة فصيحة صحيحة ليست من العامية! وربما تكون قراءة السطور وما بين السطور خاصة وما أزعجك كثيراً، فأنا أعرف القراءة منذ الصف الأول الابتدائي، وأعرف الكتابة بأنواعها منذ زمن بعيد، ولا فخر، ولكن الأسف أنك ظننت أن كتابك سيمر بلا توقف، أو أنه سيتجاوز كل الحدود حتى الأخلاقية والفكرية، صحيح أنه تجاوز دار النشر وبلدها لكنه سيقف كثيراً ويلقى من النقد والفحص الكثير وإذا كانت تكفيك الشهرة فليكن لك هذا.‏
إن ما شعرت به أن قراءة بين السطور كان قراءة السطور بوضوح، وأنا لم أستوحِ أنك تخاطب من عل، لأنك هكذا قلت وكتبت، ولكن يبدو أنك لا تريد أن تسمع الحقيقة، ويسمعها القراء، ألم تقل إنك بحاجة إلى فريق عمل يؤيد آراءك، وإلا فستكون وحدك... وربما لم ترَ ما تناقش فيه فاتهمتني بقراءة ما بين السطور، وهذه حسنة عظيمة لي، فهي ـ أولاً ـ اعتراف أنك تدسّ ما بين السطور سمَّاً، وهي ثانياً شهادة لي بمعرفة القراءة التي اتهمتني أنني لا أعرفها، بل أنا أجيدها أي إجادة.. وكم كنت أتمنى لو أقنعتني مرة واحدة في ردودك، ولكن كنت تظن أن ما يكتب سيكون نهائياً، وسيكون صحيحاً، وسيكون بعدها النصر الذي تبحث عنه، ففشلت.‏
5- الدعوة إلى العامية، ويقول: لا!!‏
غريب أن تقول إنك لم تَدْعُ إلى العامية، وربما خجلت من لفظ الكلمة فقلت لغة الحوار اليومي فكان عندك مصطلح جديد، إنك ـ يا صاحبي ـ دعوت إلى العامية في كتابك غير مرة فلا تخجل من الاعتراف، ولا تستخفّ بعقول القراء فكلنا يعترف بأن في النحو إشكالاً، وأنا أول الناس، ولكن نحاول أن نحلَّ هذا الإشكال بالعلم والتعليم، والشرح، والتفسير، لا بالهدم، فمن يرَ أن حل إشكالية النحو يكون بالعامية فهو لا يعرف من العلم شيئاً!!.‏
لقد استعصى عليك النحو فرفضته «جملة وتفصيلاً» واسمح لي بهاتين الكلمتين لأنني استعرتهما من قاموسك. ولكن لما لم تُتحفنا بالأمثلة والشواهد والقواعد التي قلت إنها «ستكون بناءً جديداً سليماً متكاملاً يقره المعاصرون لا الأموات» مرة أخرى العيب في ذم الأموات فمن هم الذين تقصدهم؟ إلا إذا كنت سترسل لهم استبانات بدءاً من سيبويه وانتهاءً بسعيد الأفغاني!‏
أضيف فأقول إن كل ما كتبته أنت دعوة إلى العامية أو الإنكليزية وكل كتابك هدم لقواعد العربية، وأنا لم أهرب من الماضي فليس فيه أوهام بل أنت الذي يعيش في عالم خاص كله أوهام، وربما كان أحد أوهامك الشهرة فتحققت لك، ولكن كن على ثقة إلى أيام فقط، فكأنها فقاعات الصابون التي يلهو بها الأطفال، فبئس شهرة كهذه، لأنه شهرة كثيرين سبقوك إلى الميدان فسقطوا سقوطاً مريعاً، ونُسوا وعفا عليهم الزمن وصاروا من أوهام الماضي.‏
بالله عليك ـ يا صاح ـ ألم تَدْعُ إلى العامية، وتدافع عن نفسك؟! سأقرأ لك بعض الكلمات فلا هي سطور ولا ما بين السطور، وأدعو القارئ ليستنتج ماذا تقول في عبارة «بيكون في البيت» أو في المدرسة أليس لفظ «بيكون» عامياً، أما أنها لفظ أجنبي كُتب بالحروف العربية؟! هذا اللفظ أردته أن يكون في الجملة، وراقت لك هذه الجملة وأنت الذي رفض ما يُسمى بالجملة، فمن الذي يناقض نفسه؟ بل إنك مضطرب تخبط خبط عشواء ولكنك لم تصب شيئاً.‏
ولم تعتبر (الطفل سعيد) جملة، لأن الجملة برأيك يجب أن تحتوي على مفهوم الزمن، فمن أين جئت بهذا العلم، ومن أين لك هذه الجهبذة والحذلقة ومن أين أتاك علمك الفريد يا فريد زمانه، إن هذا ـ لعمري ـ علم جديد لم تسبق إليه، وأظن أنك تستحق عليه علامة الجودة (الإيزو) أو براءة اختراع، فهل ترفض جملة «كتاب جناية سيبويه جناية» لأن لا زمن فيها. ارفضها وأرح ضميرك، أما بلغتك فالجملة تكون على النحو التالي «هذا الكتاب بيستاهل الذم» والأنكى من ذلك أنك تعترف بهذا المفهوم أنه لك وحدك لذلك اقترحت عليك شهادة الإيزو أو براءة الاختراع، إنك تقول: «هذا المفهوم الذي أغفله السادة النحاة وعلى رأسهم المعلم سيبويه من قواعد لغتنا».‏
زيادة على ما تقدم عدت وكررت ثم قلت ما الخطأ في استعمال «يا لطيف شو حلو هالبيت» فأي سذاجة هذه التي تتبجح بها، وتقول ولا تدعو إلى العامية، استعملت هذه الجملة في أسلوب التعجب لأن قولنا أجمل بالبيت نحوية، أو استعصت على لفظك، أو لم ترق لك، ويبدو عن جهل منك أنك تريد أن توهم القارئ بما تقول، ولكنك لم تعرف أن من يقرأ في مثل هذه الموضوعات هي ممن تجاوز مرحلة محو الأمية، وعرف كثيراً من قواعد النحو العربي، وهو يعرف ـ وربما أنت تعرف ولا تريد أن تعرف، أو لا تعرف ـ يعرف أن هناك أسلوباً آخر للتعجب أجمل من الذي كرهته يقول: ما أجمل البيت، فهل ما أجمل البيت صعبة.. لا هي نحوية وأنت لا تريد النحو.‏
كن على ثقة ـ يا صاح ـ أنك ستلاقي فئة قليلة تؤيد ما ذهبت إليه إلى العامية ولكنها مثلك، ولكن أسألك بأي عامية تريد أن نتحدث؟ بعاميتك أم بعامية دير الزور، أم دمشق، أم عاميات لبنان، أم عاميات العراق، أم مصر، أم الخليج، أم المغرب العربي... فإذا كنت رفضت على /250/ مئتين وخمسين مليون عربي لغتهم لأن عددهم ـ برأيك ـ قليل لا يستحق أن يكون عنده لغة، فأنت الآن صنعت ما صنع الاستعمار منذ أزمان بعيدة ولا يزال التجزئة، فكيف ستقبل أن يكون لقرية أو حي من مدينة واحدة لغة، فهل بعد ذلك هدم أكبر من هذا. لأنك كررت مرة أخرى أن اللغة العربية ليست لغة عالمية لأن من يتكلم بها لا يتجاوز عددهم /250/ مئتين وخمسين مليون عربي، فبالله عليك ما الرقم الذي يحلو لك، ما الرقم الذي ستجعله مقياساً لقبول اللغة العالمية، ربما نسيت أنك تميز بين اللغو والنحو فوقعت في الخطأ مرة أخرى... وأنا أقترح عليك أن ترسل رأيك العظيم!! إلى السيد «كوفي عنان» الذي لا يحب العرب كثيراً، فربما سمع رأيك وأخذ رأي مجلس الأمن، وهيئة الأمم المتحدة وأصدروا قراراً بإلغاء اللغة العربية لغة رئيسية في الأمم المتحدة، فتكون قد حققت ما تصبو إليه وأمثالك؟! وأنا أستحلفك بالله هل يطلب أحد من قادة العدو هذا؟ ثم ألا تخشى أو تخل ممن سيقرأ كتابك، فكم من لغة لا يتكلمها إلا عدد قليل من الناس، فهل تريد أن تبقى لغة واحدة هي التي تسيطر كما يسيطر جيشها وتنافق وتكذب أمام العالم كله!! كفاك يا صاحِ.‏
6- النحو غَيْرُ الفقه:‏
ظن صاحبنا أن مستويي اللغة اللذين كانا في قريش وغيرها من القبائل هما من النحو، وهذا دليل على ضحالة ثقافته في اللغة أيضاً، فهو لا يميز بين علم النحو وعلم اللغة أو فقه اللغة، ولو كان طالباً في الأدب العربي لقرأ هذا على مقاعد الدراسة، ولكنه رياضي أو مهندس على ما يبدو، فلم يسمع بكتب «المزهر» للسيوطي، و«خصائص العربية» لمحمد المبارك، و«سر صناعة الإعراب» لابن جني، و«دراسات فق فقه اللغة» للدكتور صبحي الصالح، ولا كتب حجازي، ووافي، وعبد التواب وغيرهم... وأنا ـ هنا ـ لا أعطي درساً في فقه اللغة، ولكن علمك في غير القراءة، فما كتبته أنا ولم تعرف قراءته أنت أنني قلت لغة العامة من الناس أي سواد الناس لا العلماء والخاصة، أي ما يشبه العامية أو لغة الحوار اليومي كما تريد، وهذا واقع ومدون في كل ما ذكرت لك وفي غيره فعد وثقِّف نفسك قبل أن تدلي برأي واحد...‏
وظننت نفسك أنك جئت بجديد عندما قلت إن العرب كانوا يسمّون اللهجات لغات، وهل قرأت أنت غير ذلك.‏
لم يكتفِ برفض قواعد النحو العربي، بل تجاوز إلى اللغة، وخصائصها التي تتميز بها من لغات العالم، وهو الذي كان ينظِّر على القرَّاء أن اللغة غير النحو، وأن النحو هو هدفه لا اللغة، فأين تصنف أيها العالم الترادف الذي رفضته أيضاً، وقلت أنْ لا تَرادُفَ في العربية، أي علينا أن نرمي بكتبها والكتب التي ذكرت أن نرميها جانباً أو نلوِّن بها أنهارنا بالزرقة، وأن ننْزع من كتب التراث كل ما يتصل بالترادف، وأحمد الله وأشكره لأنني لم أطرق في ردِّي ذكر الأضداد، والمشترك اللفظي، وأنواع الاشتقاق فكان ـ بالتأكيد ـ سيلحقها بالترادف!.‏
7- فاقد الشيء لا يناقش فيه:‏
تنكر ـ يا صاح ـ النحو، وترفض الاعتراف بذلك، ولما قلت اخترت فأنكرت، وقلت معظم النحو... والمشكلة أنك لا تعرف من النحو شيئاً، فكيف تجرؤ على كتابة كتاب فيه هدم للأوهام برأيك! والمصيبة أنك اخترت ووقعت في الخطأ في أبسط القواعد، ثم إنك بعد هذا كله لا تريد أحداً أن يناقشك فيما كتبت، فأنت لا تقبل باسم الشرط ولو توهمنا به، وأقول لك: توهَّمْ وحدك، ودع الآخرين يفكرون، عشْ في أوهامك وأهوائك وحدك، ودع العقل لأصحابه.‏
آ - من قال لك ـ يا صاح ـ إن (إنْ) حرف الشرط هو اسم شرط؟ معك الحق فأنت لا تميز بين الأداة والحرف، وكتبت في هذه الصفحات فمن ذا الذي تحنَّنَ عليك ومنحك العلامة التامة في اللغة العربية، تفاخر بما حصلت، مهلاً فالغرور كما تعلم...‏
ب - مثال آخر على جهلك بالنحو واللغة معاً، فقد أنكرت على النحاة اعتبار (ماذا) جملة اسمية تتألف من مبتدأ وخبر، ورأيت أن هذا ليس فيه احترام لعقل القارئ، يعني أن كلامك هو الذي فيه احترام.. عفواً يا أخا العرب (إن كنت تقبل بهذا اللقب) دعني أخاطبك بلغة العلم مرة أخرى... ولا أقرأ الآن بين السطور.‏
كلمة (ماذا) يمكن أن تعربها كلها اسم استفهام؟ أما إذا أردتها جملة اسمية فهي تتألف من (ما) اسم الاستفهام و(ذا) اسم الإشارة أو الاسم الموصول، ويجوز لك أن تحذف البدل من اسم الإشارة في اللغة التي تحب، وفي المجاز والكناية وفي كل أنواع التعبير، فإذا أردت أن تعجب مما كتب عنك قلت: ما هذا؟ فما هذا = ماذا؟! هل فهمت؟! وإذا كانت مؤلفة من (ما) اسم الاستفهام و(ذا) الاسم الموصول فإنك تعلم أو ربما لا تعلم أن كل اسم موصول يتبعه جملة صلة الموصول فيصيران كالكلمة الواحدة، فإذا قلت ماذا قرأت؟ كأنك تقول ما الذي قرأت... وإذا شئت أن تجمع ولا تفرق قلت: فمن ذا الذي منحك العلامة التامة، فقد اجتمعت عندك (ذا) و(الذي) اسم الإشارة والاسم الموصول، فاختر وأجب عن السؤال الذي تعرف الجواب عنه!.‏
ج - إذا كنت لا ترى فرقاً في المعنى عند اختلاف حركة أواخر الكلمات فانزع الحركات مما كُتبَ ودع المؤسسات التي تصنع «الكومبيوتر» أن تلغى الحركات من هذه الأجهزة، واطلب من المؤسسات العامة، والدوائر الرسمية التي تهتم باللغة أن تنسخ عن ظهر الحروف، ومن بين جنباتها، ومن تحتها كل الحركات لتتساوى كل الكلمات، وإن كانت النقاط تعيق تقدمك فاحذفها أيضاً، واقرأ كما يحلو لك.‏
وإذا كانت هذه الحركات لا تروق لك فماذا تقول فيالأسماء الخمسة، أو الستة، أو في المثنى، أو جمع المذكر السالم، هل تريد توحيدها جميعاً، غريب أمرك، هذه أيضاً حركات إعراب، فكيف ستكتب كلمة مؤمنين أو مؤمنون؟! هل ستجعلها مثل كلمة (شياطين)، يا صاحبي) نون الشياطين من أصل الكلمة، وتلك الحركة إعراب. إن دعوتك إلى إلغاء حركة الإعراب لا تقلّ عن دعوتك إلى العامية، لأن العامية لا تضبط بالشكل.. فهما دعوتان متساويتيان.. مصدرهما واحد.‏
د - من المضحك أن تستغرب لماذا سُمِّي المنقوص منقوصاً والمقصور مقصوراً، من سأل عجباً وسخرية لماذا لم يكن العكس؟!‏
فهل بعد ذلك سخف؟ فماذا يهمك؟ لأنه لو كان العكس لطلبت مني العكس، فأنت على مبدأ «خالف تعرف» أما إذا أردت معرفة السبب فكتب اللغة والنحو والمعاجم في المكتبات ترشدك، فيا أيها الرياضي المهندس لماذا تقبل باسم التربة والأرض، والجبل، والماء، لماذا لم يطلق على الماء جبلاً أو العكس؟! ولماذا تقبل للشمس اسمها ولم تبدله بالقمر أو بالعكس؟! لقد راقت لك عبارة الدال والمدلول وهذه العبارة تنطبق على المنقوص والمقصور.‏
هـ - تتابع فتعد أنك ستطرح قواعدك الخاصة بالمدارس والجامعات ونسألك كيف ستكتبها بلغة الحوار اليومي أم بالفصحى، أين ستضع (إن) الشرطية، وماذا ستعرب الجمل، أم ستلغيها؟ وكيف سيكون حال الأدوات؟ إنها ستكون قواعد للغة غير العربية بهمتك وهمة أصحابك.. فهمة أصحاب اللغة عالية تكون بالحفاظ عليها، ولن يكون الحفاظ على اللغة إلا بنحوها وقواعدها.‏
و - رفضت إعراب الجمل، وحزنت لأن علامتها في الامتحانات أعلى من علامة المفردة الواحدة، ولو كان صحيحاً فما المشكلة؟ المشكلة في أن تنكرها بصيغة الجمع (نحن)! فمن أنتم؟ أرجو ألا تكونوا فريق عمل غُرِّر بك فكان اسمك على غلاف الكتاب كما حدث في كثير من الكتب. تقول:‏
«إن إعراب الجمل مرفوض عندنا (لاحظ عندنا) جملة وتفصيلاً» وتقول:‏
«إن ما يُسمى إعراب الجمل ما هو إلا وهم وإضاعة للوقت علينا التخلص منه لأن في ذلك عين الصواب، وصحة المعنى ومطابقته للحقيقة والواقع»‏
(ص117)، وأترك للقارئ قراءة السطور لا ما بينها، ثم يحكم على ما قرأ.. وسأعطيك مثالاً للإعراب: «الكاتب يلفِّق» فأين خبر الكاتب، وانتبه إلى أن في الجملة زمناً فهي جملة فستعترف إن هذا جملة، ولكن ستقول لي الكاتب فاعل، ولن تعترف بأنه مبتدأ؟! وإذا اعترفت بأنه مبتدأ وسرت معنا فأين الخبر؟.‏
ز - من المتناقضات التي اتهمتني بها وأنت الذي وقع فيها أنك رفضت إعراب الجمل، وجعلتها إضاعة للوقت ووهماً، ولما وصلت إلى المصدر المؤول طلبت أن يكون جملة! فأنا أسألك هل كتبت الكتاب وحدك أم كنتم فرق عمل وعبرت بكلمة (نحن) فإذا كان كذلك فكان عليك أن تقرأ ما كتبت كي لا تقع في المزالق والأخطاء الفاضحة؟ وإذا كان الكتاب من تأليف اثنين أو أكثر فكان عليكم أن تختاروا واحداً يوحِّد الكتابة فيه، فمن يرفض الجمل ولا يحيل إليها المصدر المؤول، وهذا التخبط والاضطراب واضحان في كل ما كتبت، وإذا كنت لم تعرف إعراب الجملة بعد إذاً فإنني أحيلك إلى كتب الأطفال والمبتدئين التي أعربت هذه الجمل، ولا يغرنَّك أن الجملة التي لا محل لها من الإعراب تؤول مع ما بعدها بمفرد! فهذه الجملة غير صحيحة. وأنا لا أريد أن أثقل عليك وأوجع رأسك في إعراب المصدر المؤول، فقط أسألك ماذا تعرب قوله تعالى: (وأَنْ تَصُوْمُوا خَيْرٌ لَكُمْ( بعد ذلك أطلب منك أن تصوم عن الكتابة في هذا الباب من العلوم لأنه بعيد عنك!.‏
ح - ألم أقل لك - يا صاح - إنك لا تعرف قراءة السطور، سأعيد لك ما لم تعرف قراءته «وأين ستحشر الفاعل إذا وقع الفعل ومعه الضمير المتصل» أي المفعول به، كقوله تعالى: (وَقُلْ رَبِّيْ زِدْنِي عِلْمَاً( ومثل زارني صديقي، فأنت لم تميِّز بين الاسم والضمير. وهذا حق لك! ثم حاولت أن تبرز مقدرتك العلمية في جانب لا تعرفه فاستشهدت بعبارة «قتلَ عيسى موسى» وأقول لك أولاً: إن الفاعل هو الأول، والثاني هو المفعول لأن ترتيب الجملة الفعلية هكذا، ومثل - إن شئت - قولك صَدَمْتَني، فالفاعل والمفعول جاءا ضميرين متصلين فالواجب تقديم الفاعل على المفعول به!... ثانياً: (واسمح لي هنا أن أقرأ بين السطور) قلت أنت: «ماذا تفعل إذا كان الاسمان أعجميين؟ كقولنا (قتلَ عيسى موسى) وأقول لك: ألم تجد اسمين غير أعجميين، فالأسماء التي آخرها حرف علة كثيرة كثيرة؟! ثم ألم تجد إلا الفعل (قتل) ألم يخطر في بالك (زار) أو (أحبَّ)، أو لم تجد إلا الأسماء الأنبياء تلهو بها؟ قال زار أخي صديقي، أو العكس، أو زارت ليلى هدى؟ أو العكس؟ وأقول لك ماذا تعرب كلمة كوسا في قولك «أكل كوسا موسى»؟!‏
ط - اتهمتني بأنني أتأول على الله كغيري، فاعترضت علينا جميعاً لأننا افترضنا وجود أداة نداء محذوفة في قوله تعالى (يُوْسُفُ أعْرِضَ عَنْ هَذَا( استغفر ربك، ولو كان من تقدم تأول على الله تعالى لما كان هذا المثال في الكتب، ولما كان ذكر لمن كتب في بحث النداء، وأستغفر ربي من إنسان لا يعرف في النحو شيئاً ويكتب كتاباً نقدياً تعليمياً!! هذا بحسب تصنيفه هو! سأعطيك مثالاً على حذف أداة النداء، إذا طلبت من أحد أبنائك أن ينادي أخاه، فماذا سيفعل، سيناديه باسمه مباشرة، أو يستعمل حرف النداء، ومعظم من ينادي الآخرين بأسمائهم لا يلفظ حرف النداء فكيف نتأوَّلَ على الله يا مؤمن؟ وهذه القراءة هي للسطور لا ما بين السطور.‏
ي - ذكرتني بإعراب الطلاب المبتدئين في لإعراب (أيها) أداة نداء! وهل تعلم ما إعرابها، عفواً لا تعرف لأنك أعربتها أداة نداء، تمهَّل يا صاحِ واقرأ جيداً قبل أن تلفظك اللغة التي استعصت عليك في جوانب كثيرة واستعصت على تفكيرك وعقلك فشتمتها وبالغت في كيل الذم، والقدح بها.. يا صاحبي (أيها) منادى ألم تقرأ آية من عشرات الآيات في القرآن الكريم تبدأ بـ (يا أيُّها الَّذِيْنَ آمَنُوا...( إن (أيها) يسبق المنادى المعرف بـ (ال) إلا لفظ الجلالة، فتقول يا أيها المؤمن، ويا أيها الرجل، ويا أيها المرأة، ويا أيتها الناس، وتقول: ياالله اغفر لنا ذنوبنا!!‏
8- بأي شيء تريد أن أناقشك؟!:‏
ساغت لك عبارة أنني أناقض نفسي لأنني ناقشتك في النحو، وكتابك في نقد النحو أو نقضه، وناقضت نفسي لأنني قلت في البداية لن أدخل معك في النحو أقصد علم النحو التطبيقي، والتحليلي، وكل ما لا تعرفه، ولكن لا أقف موقف المتفرج على من يريد هدم النحو، فوقفت عند بعض الجمل، وربما هذا الذي أزعجك، أو أخافك فوصفته بالتناقض!!‏
وكنت تتمنى ألا أناقشك في هذا العلم، ورفضت كلامي لأن فيه قراءة لما بين السطور، أي لما أردت أن تقوله، فأنا ما وقفت إلا عند بعض الجزئيات السهلة فكيف لو وقفت عند المشكلات المستعصية، أو ذات الأوجه، ولا نقل إن في هذا إشكالاً، أو صعوبة يجب التخلص منها، إنه من قواعدنا التي امتازت به لغتنا، وستقرأ عن قريب نقداً اختصاصياً جداً، فافرح ـ يا صاح ـ لأن لوحة الإعلان اتسعت.‏
تريدني أن أناقشك في قولك إن كلمة مجتهدات مجرورة في قولنا «كانت الطالبات مجتهدات» وتريد أن أبصم لك بالعشرة وأصفق لك! فسكِّن الكلمات كما يحلو لك.‏
وأما إذا أردتني أن أعرفك بالمرفوع والمنصوب والمجرور، فهذه ليست مهمتي لأنك لست طالباً عندي بل أرشدك إلى كتب اللغة والمعاجم، وأنا لا أملك (cd) بالصوت والصورة لأبي الأسود الدؤلي وكاتبه اللذين وضعا حركات الإعراب لتعرف ما معنى المرفوع، والمنصوب، والمجرور، بلغتك ليس الرفع رفع الأيدي استسلاماً أو ذلاً، وليس النصب الاحتيال والتلفيق والكذب، وليس الجر جر الآخرين إلى مهاوٍ ومزالق كما جرتك أهواؤك إلى ما وقعت فيه.‏
9- من ردِّك أدينك:‏
آ - إن تكرار ما كتبت في ردك عن الجاهلين يدينك، فأنت سخرت نعم سخرت من الجاهلين عندما قلت: هناك من قال إنه ليس جاهلياً أصلاً... فهذا أبعد من السخرية بل نكران تتبع فيه طه حسين..‏
ب - إن من يتأوَّل أو يحرف الحقائق هو من يكتب في أشياء لا يعرفها أصلاً فإذا كنتُ أحترم طالبي وزميلي، فإنني إلى احترام القارئ أنحني، فهو سيتابع ما سأكتب، وإذا كنت تكتب للمرة الأولى فإن ما كتبته أنا يساوي الكثير الكثير، وصار لي اسمٌ أحافظ عليه من أمثالك تجاوز مرحلة الحبو والتدرُّج، وصار خارج حدود الوطن، ولا أريد الشهرة منك ومن غيرك، فعملي هو من صنع اسمي وكتبي وأبحاثي تساوي عندي ملايين قد تجنيها من كتاب واحد، وإنني أشفق عليك ـ يا صاحبي ـ لقد ظننت نفسك ستنجو من الرد، أو أنك تسير على الورود والسجاد لكنك وجدت نفسك تغوص في مستنقع صرت بحاجة إلى من يمد لك حبل الإنقاذ، وكبّلت نفسك بما كتبت فأدانك.‏
ج - أغضبك قولي إن أصحابك هم الأمريكان والإنكليز والإيرلنديون، وأنت الذي يروِّج للغة الأوائل، وحزنت لصديقك الذي لا يميز اسم المذكر والمؤنث فكان الأجدر بك أن تقول له يكفي أن تميز المذكر من المؤنث لا في اللغة فقط، وتقول إن أهل الأرض كلهم أصحابك ما لم يظلموك، ويبدو أنك مظلوم تحاول التعبير عن ظلم المجتمع لك فلم تجد فشة الخلق إلا في النحو، ومؤسسه ومحبيه.‏
د - لقد بدا الاضطراب في كلامك، والتناقض في ردودك، وهذا ما اتهمت به الآخرين، فأنت لمّ تكلمت على حروف الجر، قلت هو أداة ثم قلت في ردك إلينا إننا نستخدم حروف الجر في (كافة) كتب النحو العربي في مناهجنا في سورية؟ فعلامَ اعتمدت على الحرف أو الأداة؟ وهذا حالك في الجمل والمصدر المؤول.‏
هـ - إنك تصرّ وتلح وتؤكد (هذا ترادف لا يروق لك ولم تعترف به) إنك تصرّ وتلح وتؤكد على إلصاق كلمات «وهم وخيال وكذب وتلفيق» وتكرر هذه الألفاظ في ردك، وتقول بعد ذلك إن الإعراب لا يحترم العقل، وتطلب الأمانة في النقل وتخوِّن، وأنت الذي لا يعرف القراءة، فقد أثبت ما تريده مرة ثانية، وأعطيت للقارئ رقم الصفحة ليصدقك ولا يهم إن كان رقم الصفحة صحيحاً أو خطأ (وهو بالتأكيد صحيح) وعد إلى أرقام صفحات كتابك وتثبَّت من ذلك ثم اتهم الآخرين وخوَّنهم، إنك قلت ما قلت.‏
و - تحاول مرة أخرى إيهام القارئ، فكنت تتوقع أن يمر كلامك مرور الكرام مستساغاً لا يعيقه عائق، ولا يقرؤه مختص، أو من يعرف قراءة ما بين السطور، وظننت أن حصولك على رقابة الطباعة صرت عالماً، ولا تريد من أحد أن يرفع البطاقة الحمراء في وجهك، وتقول: لم تذكر الدوري الكروي، عيب عليك وأنت بهذه السن أن تلفِّق وتكذب، ألم تذكر الملعب البلدي، ألا تذكر أنني قلت لك لم ما يُسمَّى بالملعب البلدي، ذاك صار جزءاً من أرض معرض دمشق الدولي... قد تكون كتبت هذا منذ سنوات أي منذ كنت طالباً عندئذ يكون الملعب البلدي صحيحاً في كتابك.‏
ز - صحيح أن الأقدمين ـ كما تقول ـ قد قدموا كثيراً من العلم النافع والأثر الصحيح، ولا أحد ينكر ذلك، والمنكر جاحد، ولكن النحو ـ يا صاح ـ من علم الأقدمين الناقع، بل هو أنفع العلوم التي تركوها، فهو العلم النافع الوحيد للقراءة، والفهم الصحيح، والكتابة السليمة.‏
10- ردود سريعة:‏
آ - موضوعات التعبير التي يكتبها الطالب في مراحل دراسته تتجاوز العشرات وهي متنوعة، لا تكرار فيها من قبل الطالب نفسه إلا ما ندر، ولكن يقع التكرار بين اثنين أو ثلاثة مع أبيهم وأمهم وجيرانهم وزملائهم... لأن المدرس هو الذي يكرر موضوعات مقررة لكن الطالب لا يظل في صفة خمس سنوات مثلاُ، ولو ظلَّ فمن حقه أن تكرَّر المعلومات لأن عبارة «التكرار يعلم الغزال» لم يستفد منها فرسب في صفه! اللهم إلا إذا طلبت أن يكتب الطالب موضوعات في وصف أشياء لم يرها كتمثال الحرية في أمريكا (تخيَّل تمثال الحرية لأمريكا) أو شلالات نياغارا، أو أهرامات المكسيك لا مصر، أو سور الصين العظيم لا سور دمشق، أو رحلة إلى غابات خط الاستواء لا غابات الفرلق... أو ... أو... أو يكتب موضوعاً عن حرية الفكر في أمريكا، أو طرق العدو في قمع الانتفاضة، أو في فكر أحد الأجانب، أو عن شخصية أحد المعتدين؟!.‏
ب - إن الشاهد على حذف الخبر هو في (ص29) لا (12) وأعتبر هذا خطأ مطبعياً أسامحك فيه، ولكن المشكلة أنك عدت لتقدر الخبر المحذوف بكلمة (مسجون) أو (حزين) وأقول لك نعم إذا كان الطفل حزيناً ففيه هدم للأسرة، فثمة مصيبة حلَّت، وإذا كان مسجوناً فماذا يعني؟‏
هل ستزغرد له أمه، بلى ستزغرد إذا كان من أطفال الانتفاضة، وأنت لم تفكر به، ولن.‏
وإذ كنت قد عدمت حذف كلمة (سعيد) فأنت عن سابق إصرار وتصميم ذكرت (حزين) أو (مسجون) وحذفت (سعيد) وهذا طفل لا يليق به إلا ابتسامة لا البكاء والحزن فكيف السجن؟‏
ج - إن حالات الحزن العفوي عندك هي في قولك: يا شحّاري، ويا خراب بيتي، وأرجوك ألا تندب «شاكيرا» ففيها من الجنسيات ثلاث ولا تستاهل الندب بل التصفيق والإعجاب.‏
د - شعرت أن جُملي مفككة لأنك لا تعرف قراءة الجملة ولا تعترف ـ أصلاً ـ بالجمل.‏
هـ - شعرت أن ثمة تكراراً لأنك لا تعرف قراءة السطور.‏
و - شعرت أن ثمة تناقضاً لأنك لا تعرف قراءة ما بين السطور.‏
ز - لم تضف شيئاً إلى معلومات القارئ عندما قلت إن العرب تكلموا بالعربية حتى العصر العباسي بلا قواعد ونحو!! وأظنك تعلم أنهم لم يخطئوا في لغتهم لأنهم كانوا يسيرون على هَدْي قواعد لم تكن مدونة حتى حين ولأسباب كثيرة عد إليها في مكانها.‏
ح - قلت إن كل الكتب المبسطة لم يوفَّق أصحابها، ومن يسمعك يظن أنك اطلعت على كل ما كتب، لا، فإن اطلعت على كل ما كتب ولم تعجبك فلأنك لا تعرف الرديء من الحسن، ولا الخطأ من الصواب، فأنت ـ أصلاً ـ لا تحب النحو فماذا نفعل لك؟ لا يا صاحبي ثمة كتب كثيرة أجاد أصحابها فيها وقدموا النحو سهلاً مفهوماً ونالوا عليه جوائز عربية كبيرة!!.‏
ط - عظيم رأيك في أن لغة قريش التي سخرت بوصفها بين قوسين (بالفصحى) لكنها لم تصلح أو تنجح لتصبح لغة الحوار اليومي، فلا ندري إن كنت تعيش في ذاك العصر، وعرفت كيف يتكلمون!.‏
ي - أرجو ألا تكون عاتبت أو عاقبت هيئة تحرير «حوار» لأن في ردك بعض الأخطاء المطبعية وإن كنت قد كتبت الرد بواسطة الكومبيوتر فالأخطاء المطبعية تقع في معظم ما يكتب ويطبع، فكيف إذا كان بخط اليد، وقد يقع الخطأ في كلمات استعمالها قليل لم يعتد صفَّها الطابع، وأنت على ما يبدو لا تعرف شيئاً اسمه التصحيف والتحريف، فقد ظننت نفسك وقعت على فريسة أو صيد ثمين، أو غنيمة عندما اكتشفت أنني كتبت المعقدة (العين قبل القاف) وهذا من الخطأ المطبعي فاغفرها لي يا صاحبي لأن تتمة الجملة لو قرأتها أو لو عرفت القراءة والكتابة تبين لك أن الكلمة التي كتبت صحيحة، فكيف تكون اللغة معقدة وهي جامدة، إن الجامد لا يعقَّد، وهو جامد لا حياة فيه ولا روح لقد فاتتك هذه الجملة كما فاتك كثير.‏
11- بلا تعليق:‏
1- قال صاحبنا إن معنى «مجازياً» في قوله إن القرآن الكريم من تأليف الله عز وجل.‏
2- من منعك من تسكين الميم في «حمام الهنا» لكن اللغة الصحيحة واللغة العامية لا تسكين في الميم، ولشدّ ما ضحكت عندما قرأت أن لا مرادف في لغة قريش لحمام الهنا.‏
3- طلبت منك أن تقرأ الرقم (79) فقرأت (1925).‏
4- كنت أتمنى أن تعلم أنت أن دمشق ليست عاصمة الضباب، ولن تكون يوماً.‏
5- ليس فخراً لدمشق أن تقارن بأي مدينة في العالم بل العكس.‏
6- لن تكون معالم تدمر التاريخ إلا لها.‏
7- الشعر ـ يا صاح ـ إذا لم يكن موزوناً ليس شعراً، فلا قصيدة نثر ولا هم يحزنون.‏
8- كنت أتوقع أنك تحفظ عبارة «اللبيب من الإشارة يفهم» فأنت تستشهد على رئيس وزراء بريطانيا في تكلم لغة واحدة في الطريق ومجلس الشيوخ أو النواب أو «اللوردات» ولا أطلب منك أن تفهم أن تطلب منه التكلم بالصينية أو السنسكريتية.‏
9- أترك للقارئ الحكم على الجمل التي تفتق ذهن صاحبنا في كتابتها، فأبدع أيما إبداع:‏
- لكن الكعبري، أو الكستنائي، أو التايلندي.‏
- لا أحب الوطن.‏
- لا أحب استعباد الشعب.‏
- لا تعيش الخراف مع الذئاب.‏
- إن «لا» خربت الديار والوطن... وجمل أخرى تقدم ذكرها.‏
***‏
وبعد ...‏
فهذا الرد ما كان لو كان في رد صاحبنا شيء من العلم والمنطق، أو شيء من النحو، أو الفكر، أو اللغة، أو الأدب، بل كان لأنني وجدت في رده اتهاماً لا يصدر عن مثقف أو مهندس، أو متعلم ووجدت تخويناً، وتلفيقاً، وكذباً في رده حاول دفع الخطأ عنه، وتصحيح الصورة للقارئ فاتهم ما اتهم، وشوه الحقائق، وكان هدفه واضحاً كرره في رده، ولم يستطع أن يدفع عنه ما وقع فيه، فالنحو العربي سيظل ثابتاً في قواعده وأحكامه، وكتب تسهيله وتوضيحه كثيرة لمن يريد أن يتعلمها، ولكنا يعلم أن دروس النحو تتدرج من صف إلى صف ولا يصل إلى وجوه الخلاف إلا الطالب المختص العاشق للغته، أما من ينفر منها ولا يحبها، ولا يرى في نحوها شيئاً مفيداً فإنه لا يريد لها إلا الموت، ولن يتحقق هذا لصاحبنا وأمثاله الذين سبقوه، والذين سيلحقونه، ويأتون من بعده استمراراً له، لكن هذه اللغة بهمّة عشاقها ومحبيها ستبقى شريفة مقدسة لن ينال منها كل مسيء.‏

[/align]
من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق ــ 2006
د. ماجد حسام الدين غير متصل   رد مع اقتباس