19 / 07 / 2009, 43 : 10 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم
|
يا ورد من يشتريك؟
* * *
وقف أمام محل الورود طويلاً، كانت جيوبه عامرة بالنقود، وبطاقات الصرف تعد بالكثير. هناك باقة كبيرة من الورد الجوري الأحمر القاني. تقدّم نحو البائعة مبتسماً، ألقى التحية ولامس الورود الحمراء، وقبل أن يقدم على شراءها، تذكر بأنّه لا يوجد من يرسل له تلك الورود!
* * *
- إلى أين سيدي؟
كان قد اختلف مع زوجته ذلك المساء، وشعر برغبة جامحة لمغادرة المكان بعيداً عن المنزل. طلب من سائقه الخاص الحضور على عجل، جلس في عربته الفارهة، وبقي يحدّق في وجه سائقه.
- انطلق يا سامي سنقرر لاحقاً.
أخذت العربة تهيم في شوارع المدينة ببطء، سأله المدير بعد قليل
- سامي .. هل أنت سعيد في حياتك؟
- طبعا سيدي، فأنا متزوج ولدي أربعة أولاد وبنتين، هم كلّ ما أملك في هذه الدنيا، مساء عندما أعود إلى المنزل يحاصروني من كل جانب، الصغير يركب ظهري والكبير يطلب مالاً أو هدية، وزوجتي تقضي ساعات طويلة لإرضاء كل هذه الأفواه. أين نذهب يا سيدي؟
- إلى الجنة يا سامي، دعنا نزور عائلتك الكريمة أرجوك.
* * *
بالكاد توقف، كاد يدوسها بقدمه، نظر إلى عينيها الغاضبتين، عيناها كانتا بحجم دقيق، لكنه قرأ الدهشة في بؤبؤهما، وكانت وكأنها قد وضعت يديها على خاصرتها وأخذت تصيح: ألا ترى بأني مشغولة بنقل حبة القمح يا أبله؟ أنت إنسان أهوج عديم الضمير! ومضت على عجل
النملة كانت تسعى نحو الحياة، كانت تسابق الخريف وبرد الشتاء، وأنا أدوس الحياة بتلكؤ غريب، صحيح أنّني إنسان!
* * *
وقفت طويلا على محطة القطار السريع، كان مصرا على السفر والتيه في المجهول، كان مصرا على المضي نحو سراب آخر. هل نسي بأنّني أنا من سيبقى دائما في انتظاره مهما طال الغياب. سأرتّب ثيابه وسريره، وسأكوي بنطاله وقميصه الأبيض الناصع. أنا من يتحدث .. أمّه الوحيدة، تلك التي أصرّت على حمله ورضاعته، ربته عصفورا صغيرا حتى اشتدّ ساعده وكسا الريش جناحيه، إذا شئت أن تطير يا محمود يا ولدي فحلّق بعيداً نحو الفضاء، لا تدع طيرا آخراً يقاسمك السماء وأنا في انتظارك.
* * *
أخذوا منه الورق فكتب على الجدار، حطموا الجدار فرسم على الحجارة والتراب، أبعدوه نحو البحر فرسم على الرمل، رسم على الهواء، رسم بالموسى فوق حذائه الجديد، تمرّد على الأرواح الساكنة، وهام في فضاءاته الخاصة. وأخيراً رسم توقيعه في أسفل اللوحة .. "عبد الهادي شلا"
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|