من أدهم اخضر الجلباب تحسبه................ قد استعار رداء الليل فاشتملا
وأشقر قانئ السربال ملتهب.................. قد جال يوقد نار الحرب فاشتعلا
وأشهب ناصع القرطاس مؤتلق.................. كأنما خاض ماء الصبح فاغتسلا
ترى به ماء نصل السيف منسكبا................. يجري وجاحم نار الباس مشتعلا
فتفضلوا اخواني بابداعاتكم وبنقدكم ونحن بانتظار جديدكم
***********
الأبيات من انتقاء
فيصل بن الشريف الأحمداني
*********************************
صديقنا المبدع
فيصل بن الشريف الأحمداني في رده المسجل تحت الموضوع الذي نشره
- شاركونا بنقدكم ... - يكشف لنا عن صاحب هذه الأبيات الجميلة القوية المبنى والمعنى
قائلا : -
هذه القطعة الشعرية لشاعر الطبيعة الأندلسي ابن خفاجة وهو يصف فيها ثلاثة أحصنة .
إن القاريء لأشعار ابن خفاجة يجد في شعره نزوحا واضحا الى الألفاظ والأساليب الجاهلية في نظم القصيد فلا تكاد تلتمس أي أثر
لاساليب المولدين وتركيباتهم اللغوية في شعره..........
إخواني هذه البداية ونحن بانتظار روائكم فلا تجعلونا ننتظر......
ودمتم بألف خير.
**********************
في البداية نشكر الصديق
فيصل بن الشريف الأحمداني على هذه المبادرة الرائعة وإثارته للجانب النقدي وعودته بنا إلى مرحلة خصبة وهي الأدب الأندلسي وإثارة عنصر البحث الأدبي والمطالعة . وتحسيسه للجميع بمسؤولية الاطلاع وتنمية الروح الأدبية بالكتابة الإبداعية وإنتاج النصوص أوبالنظر في الأدب بالنقد الانطباعي الذي يعتمد على الذوق أوالنقد الأكاديمي الذي يعتمد على المنهجية والعلوم الحديثة في فن النقد والنقد في حد ذاته عملية إبداعية .
**********************
وللأمانة العلمية قمت بكتابة نص الموضوع
- شاركونا بنقدكم ... - وما تضمنه نص الموضوع من أبيات شعرية غير مألوفة عند الكثير من القراء والمبدعين خاصة عندما يغيب اسم الشاعر في بداية النص الشعري أو في نهايته ... ليتدارك الفراغ ويفك العقدة عند الكثير ويدرج توضيحا موجزا بمثابة مفتاح الانطلاق في القراءة التي تستدعي منا التأمل الكثير في الأبيات الشعرية الجميلة.
[align=center]من أدهم اخضر الجلباب تحسبه................ قد استعار رداء الليل فاشتملا
وأشقر قانئ السربال ملتهب.................. قد جال يوقد نار الحرب فاشتعلا
وأشهب ناصع القرطاس مؤتلق.................. كأنما خاض ماء الصبح فاغتسلا
ترى به ماء نصل السيف منسكبا................. يجري وجاحم نار البأس مشتعلا
[/align]
************************************************** ************************************************** ************************************************
لغة الطبيعة وصراع الألوان في شعر / ابن خفاجة
دلالة الألوان والطبيعة
بقلم الشاعر/ يسين عرعار
************************
الشاعر ابن خفاجة الأندلسي يصف الأحصنة ويصورها أجمل تصوير خاصة وأنه اشتهر ببراعة الوصف في شعره وهو الغالب على
أدبه رغم أنه كتب في المدح والرثاء والشكوى وغير ذلك من الأغراض .. لكن مهارته ميزته في عصره وفي ديوان شعراء العرب في الوصف .. ليقف هذه المرة على وصف الخيل وصفا يسرق فكر المتأمل في هذه المقطوعة الجميلة التي تعددت فيها الصور أثناء وصف الحصان الأول ثم الحصان الثاني ثم الحصان الثالث قائلا في كل حصان: -
[align=center]
الحصان الأول
من أدهم اخضر الجلباب تحسبه................ قد استعار رداء الليل فاشتملا
[/align]
يستمد صوره الشعرية من الطبيعة بكلمة ( أدهم ) والتي تعني السواد الشديد الممزوج بسواد الليل ليعبر به عن لون الحصان الأول في مقطوعته الشعرية هذا الحصان الذي وضع الجلباب الأخضر على ظهره والخضرة تميل إلى السواد لأنها داكنة حتى أن الشهد يزداد جمالا في قول الشاعر ( تحسبه................ قد استعار رداء الليل فاشتملا ) تمتزج الخضرة الداكنة للرداء الجميل الموضوع على ظهر الحصان بسواد الليل وكأن الحصان استعار الجلباب من لون الليل لتعظم الصورة بامتزاج لون الحصان والرداء والليل .
[align=center]
الحصان الثاني
وأشقر قانئ السربال ملتهب.................. قد جال يوقد نار الحرب فاشتعلا
[/align]
كلمة ( أشقر ) في البيت الثاني هي دلالة لون الحصان الثاني .. واللون الأشقر لون يأخذ من الأصفر والأحمر وعبر عنه الشاعر بعبارة ( قانئ السربال ) و السربال وهو الغطاء ومنه ( سربل - يسربل ) أي ( غطاه ولفه ) ويصف الشاعر الحصان في ساحة الوغى ( قد جال يوقد نار الحرب فاشتعلا ) وهذا دليل على إعجابه بالحصان في الحرب وكأنه استمد لونه من اشتعالها ونارها وهي صورة ذهنية تماوجت في مخيلة الشاعر ليجمع بين الألوان في مخيلته الواسعة.
[align=center]
الحصان الثالث
وأشهب ناصع القرطاس مؤتلق.................. كأنما خاض ماء الصبح فاغتسلا
ترى به ماء نصل السيف منسكبا................. يجري وجاحم نار البأس مشتعلا
[/align]
والحصان الأشهب الناصع القرطاس أبهر الشاعر و ( أشهب ) تعني تغير اللون أي ( بياض يتخلله سواد ) و (الناصع ) بمعنى شديد البياض و ( القرطاس ) برد مصري
يلبس للزينة و( مؤتلق ) بمعنى لامع من حسنه وبهائه . وعبر الشاعر عن جمال الحصان بعبارة التشبيه ( كأنما خاض ماء الصبح فاغتسلا ) . فالشاعر لم يستغن حتى عن لون الماء ووجه الصباح.
يواصل الشاعر وصف الحصان الثالث في ساحة الحرب لينتقل إلى صورة أخرى للماء وهي صورة ( ماء نصل السيف منسكبا ) الدال على قوة المعركة وشدة القتال و( النصل ) تعني ( الغمد ) وتعني أيضا ( صفيحة السكين أو السيف ) .لينتقل من لون( ماء نصل السيف ) إلى لون الحرب واصفا الحصان ( يجري وجاحم نار البأس مشتعلا ) و (البأس) تعني الحرب و( الجاحم ) تعني ( الجمر ) ومنها كلمة ( الجحيم ).
[align=center]
*****************************[/align]
إن الشاعر في هذه المقطوعة وكأنه يضعنا في موضع فك لغز تناغمت فيه الكلمات والعبارات الرصينة مع شاعريته ووصفه الخارق الجميل مبرزا لغة الألوان وصراعها في وصفه الشعري كأنه رسام جسد لنا ما قد يعجز الرسام الحقيقي بالريشة عن رسمه ... تمتزج الألوان في مخيلة الشاعر وتمتزج أيضا في إيقاع المقطوعة الشعرية وتمتزج أيضا في وصف المشهد .
كما تتجلى لنا قوة التحكم في البيت الشعري وتعدد الصور الشعرية والبناء التقني للبيت الشعري وقوة الألفاظ ودلالاتها والنسق الأسلوبي المميز في تشكيل النص الشعري
بالرمز والإيحاء ولغة الألوان ( أدهم -أشقر - أشهب -أخضر - لون الليل - لون الصبح - لون اللهيب - قاني - ناصع.....).
جمال المقطوعة يزداد على نغمات بحر - البسيط - لتتناسق المشاهد والألوان والوصف والصور الشعرية الجميلة والمتباينة في وصف كل حصان وهذا يدل على براعة الشاعر ابن خفاجة الأندلسي .
ملحوظة
*******
سنتعرض إلى خصائص الشعر الأندلسي ولغة الشاعر في أغراض أدبية متعددة وهذا إجابة وإثراء لما ذهب إليه الصديق المبدع فيصل بن الشريف الأحمداني قائلا : - ( إن القاريء لأشعار ابن خفاجة يجد في شعره نزوحا واضحا إلى الألفاظ والأساليب الجاهلية في نظم القصيد فلا تكاد تلتمس أي أثر لأساليب المولدين وتركيباتهم اللغوية في شعره..........)