أما زالت قهوتك ساخنة ؟؟..
[frame="15 98"]
[align=justify]
هدى يا صديقتي
تقولين : " صباح الخير و النور في المسـاء و الصباح .. صباح الياسمين و ربيع دمشق الجميل..أيام جميلة مرّتْ عليّ و أنا أتنقل في حديقة الروح بين أحلى الزهور و الرياحين ....بين الرسائل والشعر والإلقاء والصوت، وكأني أجلس في مركبٍ من الشِعر يعوم على بحيرة مقطرة من الجوري و الياسمين..
لن أشرد في السقف طويلاً، الشرود في الكتابة لك أحلى ..
الكتابة لك حاجة إنسانية ونزهة للنفس والروح، لا صناعة و لا مصنوعة، و دائماً عندي الكثير أقوله لك..
تفضل بالجلوس بين أشجاري و نباتاتي التي تملأ كل ركن هنا و تتدلى من الأسقف و الجدران التي تغلفها المرايا، أينما تنقلت بيتي حديقة لا ينقصها حتّى الأسماك و أزينها بزخرفاتي الإسلامية ولوحاتي التي أصممها بيديّ و هذه إحدى هواياتي، و تعال أدعوك إلى فنجان قهوة أقوم بطحنها طازجة مع الكثير من الهال و أطبخها على النار طويلاً، أنا أشربها سادة، هل أضع لك بعض السكّر؟ ".. ..
ليتك يا هدى تفردين شيئا من عبق أيامك الساحرة في فنجان القهوة حتى تصحو ملامح العمر على أصابعك وهي تسوّر بالياسمين والورد والفل شوارع صداقة أتمنى أن تبقى واقفة مثل السنديان في تحدي الريح وكل تقلبات العمر ..
آه ما أروع فنجان قهوتك يا صديقتي بين أشجارك وامتداد الحبق من ظلال أصابعك حتى تفتـّح أصابعي على بحر قصيدة يشاغلها الندى فتشعل فتيل الكلمات وتروح تدق باب الشمس كي تدرج الخطوات نحو فنجان قهوتك وحدائق نفسك الشفافة الرائعة ..
من أين أتيت يا هدى ، وكيف تسربت هكذا إلى عالم شاعر كان يبحث عن صديقة تفهمه، وقريبة تمشي معه في دروب الأدب والعطاء ، وشقيقة تمسح عن جبينه العرق إن أتعبه المشوار ، وحبيبة من لحمه ودمه تسقيه السكر من صفاء النفس ؟؟.. من أين أتيت يا هدى وكيف جمعت كل هؤلاء فيك ؟؟.. هل هو السحر الذي أبى أن يترك قطاري مسيجاً بالبحث عن سكة الأمان ؟؟.. هل كنت الأمان يا هدى والشقيقة التي تحفظ ود الشقيق؟؟..
ربما هو البعيد القريب ، ذلك المشتعل شعرا والمخبأ فيك وفيّ ، الممتد في شريانك وشرياني .. أليس من باب القصد أن يسكن نور الدين في تنفسنا معا ، كي نكون الفكرة والصورة والإطار والبحر واشتعال الأصابع بداء الشعر وسحره ؟؟.. أعرف تماما يا هدى شاعريتي وأفخر بها ، لأنها ما أتت إلا لتكمل المشوار .. واعرف انك تكتبين مفجّرة حروف اللغة بالدهشة ، لأنك امتداد طبيعي لمبدع ما اتسع له جسد واحد فتوزع في جسدين وعقلين وروحين ، ثم أعاد ترتيب الحروف فكنا معا واحدا في مرآة الإبداع .. وهل للشقيق إلا شقيقته ؟؟.. هكذا انقسمنا وتوحدنا في لغة البركان كي نعطي الحياة شيئا من عسل الروح..
أما زالت قهوتك ساخنة ؟؟..
مري إذن على البال وقطّري ورد الياسمين كي أحمل ملامحك في صدري ، لتحميني من صقيع العمر .. خذي يا شقيقتي ونفسي شيئا من نبضي ووزعيه على وردك وأشجارك واتركي لي رشفة من قهوتك كي أعيد ترتيب خطاي على دفاتر العمر ..
أما زالت قهوتك ساخنة ؟؟..
هدى سيبقى طعم فنجان قهوتك في مسارب روحي حتى أشربها من يدك هناك في ارض عطشى لخطوات الأحبة .. سأشرب قهوتك وستسكرني لأنها ستكون من يد فلسطينية وعلى أرض فلسطين .. ستكون من يد شقيقتي الحبيبة على ارض حبيبتي الأم .. فهل مازالت قهوتك ساخنة ؟؟..
دحرجي حبات المطر كي استعيد شيئا من أنفاسي وخذيني إلى هناك وإن ذاكرة وذكرى .. فحتى الموتى ينهضون تاركين موتهم ، نافضين عن أغصان أجسادهم برد الزمن الذي مر من ظمأ ، عندما تكون فلسطين هي المصب والوصول والوصال ، وهل هناك أحلى وأغلى وأعز ؟؟..
أما زالت قهوتك ساخنة ؟؟..
آه يا هدى فرائحة البن غلبتني وأخذتني حتى يديك من دفء الوطن على دفء الطلوع شجرا على رصيف العودة ..
أرجوك احتفظي بقهوتك ساخنة ، فالظمأ يغتال روح المكان والزمان ولا ارتواء إلا من قهوتك على ارض الوطن ..
دمشق 27/3/2006
طلعت
-------
يا رحيق القرابة و دفء الصداقة..
أحياناً أتساءل متى سأتوقف عن الدهشة حتّى يتسنى لي أن أجمع من بين سطورك عناقيد العنب و أزرار الياسمين؟! و أرقب الفراشات الملونة تتمايل فوق كل حرف يشكل كلمة وكل كلمة تشكل جملة مضاءة بروعة المعنى من روح شاعر و وجدان إنسان مسكون بالحب والنبل والنقاء...
أدبك هو الجمال الذي لا أستطيع أن أقف أمامه صامتة أبداً..
و أتمايل طرباً... و حزناً.. و فرحاً ....
قهوتي تنتظرك ساخنة بحرارة الشوق إلى وطن حبيب نحمله فينا أينما رحلنا بين الضلوع، بحنين الروح وبذرّات جسدٍ من جذورٍ ومن تربة الأرض هناك
أينما كنّا، أنت و أنا حيفا، نحن من ضلوع حيفا..
لا ذؤبان الخَزَر و لا غربان رعاة البقر بإمكانهم أن يبدلوا ميراث التربة منها و فينا
فلسطين جذورنا و حيفا قدرنا و نحن قدرها و سنشرب القهوة و نشرب كوباً و لا أحلى عصارة من عصير البرتقال اليافاوي
في يومٍ من الأيام .. زماننا آت لا محالة و ستبقى القهوة ساخنة قد يشربها هناك أولادنا أو أحفادنا..القهوة تنتظر والوطن ينتظر و العيد هناك في يومٍ ينتظر..........
يا أخ النفس و الوجدان
أزعجك حديثي عن الموت؟؟.. كلّنا هكذا أيها الغالي
نقضي العمر نفكّر بالموت لأنفسنا أكثر ممّا نفكّر بالحياة، و نرفضه خاطرا لو اقترب من أحبتنا و نزيحه بعيداًً ، ربما هي الأنانية! ... نخاف أن نصاب و نُفجَع و في السياق ننسى أن نخشى على أحبائنا من الفجيعة فينا..
أنا لا أخاف الموت أخاف من الفراق و أخاف الحرمان من شِعرك و أخاف من العدم!
و لأنّي مؤمنةٌ بالله إلى حد اليقين أثق بأنّ الموت ليس عدماً
العدم في الحياة التي تشبه العدم في أن نكون و كأننا لم نكن!
في أن نعيش مثل جسد الثلج على حوافي الطرق، نذوب مع الزمن و نتلاشى بلا حنين و لا وفاء و لا حتّى صرخة ألمٍ إنساني في الحياة، و يتلاشى الجسد دموعاً تضيع و تغور في باطن الأرض..لا تخف ليس قريباً منّي أحسّ أنه ما زال بعيدا و الإحساس ساعة زمنية لا تكذب..ليس هو الآن أكثر من اختراقٍ فلسفي و نزهة خيال متمرّد
هكذا أنا خيالية في منظار الواقع إلى أقصى الحدود! أخترق برزخ الموت و جدار الزمن ذهاباً و إياباً، أستكشف عالم الموت و أغوص في التاريخ و أقفز إلى المستقبل و لا أتسمّر مثل صبّة الإسمنت داخل إطار زمني و حياتي،
مشكلتي أنّ الجسد المسوّر بالزمن أضيق من مساحة روحي!
و الموت أحلام الأرواح النقية الخيِّرَة و كوابيـس سارقي الأوطان..
نحن الطيبين المسالمين لا نخاف الموت لكنّا نخجل من الفراق
نخجل ليس إلاّ من الانسـحاب بعيداً عن أحبتنا و التسبب بإيلامهم!!
الموت هو الروح
والروح هي الإنسـان فينا حين يسمو على بشريته بكلّ ما فيها من ضعف
و شرور...
الروح هذه الطاقة الكهربائية الهائلة اللطيفة، آيـةٌ من آيـات الله
تنام أجسادنا لتُشحن أرواحنا من الموّلد الأزلي العظيم، واجب الوجود سبحانه..
حتّى نستمر في الحياة حيناً قصيراً مهما طال
كذلك الموت.. تنصهر أجسادنا سمادا للأرض يرويها المطر لينبت منها الشجر وتستمرّ الحياة و لتُشحن أرواحنا ونستمرّ في طريقنا الأبدية!
كلما ازددنا نقاء و حبا و صفاء كلّما ازددنا شفافيةً و فهماً لطبيعة الموت
الطريق المؤدي للنور و الخلود ..
أجربت أيها الشاعر النقي مرة أن تحلّق في الكون ؟!
لطالما انصهرت في عالم الروح بعيداً بعد أن انسحبت خلسة من ثوب الجسد و قيده، و وجدتني أطير و أطير بجناحين أرقّ و أخف من نسيم الصباح الربيعي لا يحدني مكان و لا يقيدني زمان ..........
عانقت روح نـور عناق الأرواح و رقصت معه على أنغام الخلود في فضاء فسـيح بديع يتلألأ بمزيج يتداخل فيه نقاء الأنوار بشفافية و روعة الألوان.......
ما زال في العمر بقية و لكلٍ أحلامه
أنا لا تشدّني القصور وما حلمت يوماً بالمجوهرات الترابية و عدّ النقود للطغيان على رقاب العباد، أنا أعشق الحرية و لا أحبّ القيود وكلّما طاف الحزن على
جبين الحياة! أزحته بخيالي و حلّقت خارج حدود الزمان والمكان!
دعني أدعوك مرّة!
تعال معي في رحلة قصيرة من رحلاتي
هل ستأتي ؟!!
هدى
29 آذار 2006
[/align]
[/frame]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|