الموضوع: لعنة الاختلاف
عرض مشاركة واحدة
قديم 24 / 01 / 2008, 31 : 04 AM   رقم المشاركة : [1]
غالية فاضل
كاتب نور أدبي ينشط
 




غالية فاضل is a jewel in the roughغالية فاضل is a jewel in the roughغالية فاضل is a jewel in the roughغالية فاضل is a jewel in the rough

لعنة الاختلاف

[frame="15 98"]
لا أستسيغ وأنا اكتب مقالي هذا ان أسمي الاخـــــــــتلاف لعنة لأن الاختلاف هو سنة الله في كونه..

فالله تعالى يقول:


(ومن آياته اختلاف ألسنتكم وألوانكم)



ولأن الكون .. كله مبني على الاختلاف لا التوحد لا في الذات ولا في الخصائص لكل الكائنات ... لكنني استبحت نعتها باللعنة لأن تجليات الاختلاف في الواقع... توحي بهذا المعنى... فعندما يقتنع الفرد بأن الاختلاف هو سبب موجب للخلاف آنذاك يتحول الاختلاف الى لعـنـــة...وعندما يعتبر الفرد ان الاختلاف موجب لتميز عرق على آخر فعند ذلك يصبح الاختلاف لعنة... وعندما يصبح الاختلاف حجة لاستباحة الدماء...فهو لعنة بل بلاء كبير...

مع الاسف عانت وتعاني منه أمتنا الشيء الكثير.... وعندما يفشل حتى الزملاء في العمل أو حتى الاصحاب المجتمعون في ساعة ود في ادارة نقاش دون ان ينشب في نهايته خصام أو نزاع لاختلاف وجهات النظر.... فعندئذ يصبح الاختلاف لعنة... فحوى كلامي أن الاختلاف ليس لعنة في ذاته بقدر مايصبح اشكالا مستعصيا عندما لا تتسع له صدورنا... ونحكم تصوراتنا الضيقة...لنحوله الى أزمة...تجعلنا نبغض الاختلاف من اساسه... لكن اكثر ما يثير اهتمامي بعد عرض واقع الحال...أن أهتم بالجذور النظرية والنفسية التي تجعلنا نختلف ونخالف بعضنا بعضا وربما تعداها الامر الى حدود المقاطعة او العداء... نحن الذين لا نحسن لغة الاختلاف الذي لا يفسد للود قضية...

نظريا لعل كل واحد منا يفترض ان الصواب فيما يقول او يفعل... وعلى هذا الاساس يرفض رأي الاخر المخالف ..مهما كان مقبولا او معقولا فقط لانه يخالف ما يؤمن به من تصورات او مفاهيم... مع ان علماءنا الاجلاء على عظم قدرهم ... كانوا كلما ازدادوا علما ازدادت في اذهانهم وقلوبهم....مساحات توقع الخطأ ..وقد اثر عن احدهم قوله..رأيي خطأ يحتمل الصواب....مع انه رأي قال به بعد ان اعيا نفسه بحثا واجتهادا ... فمتى نتعلم ان ما نؤمن به من افكار لعلها خطأ يحتمل الصواب....ونظريا كذلك حتى لو افترضنا ...أن منا من يملك معرفة الحق والصواب كما هو.مع انه متعذر... فإن وجود من لا يؤمن بهذا الصواب لا ينبغي او لا يقتضي معاداته أو مقاطعته ان لم يدركه.. قد نتفق على ان محاولة اقناع الاخر...بمقتضى الدليل امر واجب شرعا وعقلا...لكن عدم النجاح في اقناعه...لا يقتضي اعلان الحرب عليه...

تصفحوا كتاب الله....كيف هو طافح بالادلة العقلية والكونية ....التي يقيمها الله تعالى شاهدة على وجوده ووحدانيته سبحانه....وهو الغني تعالى عن ذلك... لكنه سبحانه يرسم من خلال كتابه بعض معالم الدعوة الناجحة الى الحق والصواب...ويعلمنا كيف نناقش الافكار والقناعات ...بالحجج الظاهرة والباطنة ...دون ان يحرم المخالف من حق الرد أو حتى المخالفة....اما على المستوى النفسي...فلا زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي اصحابه بالتواضع... ويجلي بسيرته العظيمة اجمل صور التواضع....عندما يقول أنما انا عبد ...أجلس كما يجلس العبد....الا ان معاني التكبر والغرور لا تزال تخالج أنفسنا السقيمة الى نور الله....فيستشيط الواحد منا غيظا مهما خالفه الاقران والاصحاب...ويعد الامر منقصة وما هو بمنقصة.....لان الله يوتي الحكمة من يشاء...وقديما قال سيدنا عمر...كل الناس أفقه من عمر....قالها وهو افقه الناس....لكنه من فقهه ادرك ان الرأي المخالف قد يكون هو الراي الصائب...


فمتى نطرح غرورنا جانبا....ولن ننسى حظوظ النفس المتطلعة دوما للنجاح والكمال واالانتصار...حتى لو كان هذا النصر في معركة تتجادل فيها الاراء المختلفة....فهل ندرك حظوظ االنفس الخفية...لنوقفها عند حدود فلا تحول اختلافنا الى خلاف يخلق العداوة وربما اكثر....فمتى نفهم ان الاختلاف سنة وليس لعنة ...


[/frame]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
غالية فاضل غير متصل   رد مع اقتباس