عرض مشاركة واحدة
قديم 08 / 08 / 2009, 13 : 03 AM   رقم المشاركة : [8]
مازن شما
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )

 الصورة الرمزية مازن شما
 





مازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond repute

Post رد: أطوار الصهيونية ومراحلها الكبرى...

[align=justify]
نتابع أطوار الصهيونية ومراحلها الكبرى..
الطور الثالث (1948-1967 هضم مكاسب الحرب وتثبيت الذات:
المرحلة الاولى (1949-1956) من الهدنة الى العدوان الثلاثي:


في اعقاب 1905 الّف الزعيم الصهيوني الروسي مناحيم سوشكين (1863-1941) كتيباً في اعقاب زيارته فلسطين بعنوان "برنامجنا" يتساءل فيه "كيف يتسولى على الارض في اي بلد ما؟" ويجيب "ثمة طرق ثلاثة: القوة، اي بانتزاع الارض من مالكها بالعنف، وبالبيع القسري اي باستملاك الملك الخاص لاغراض عامة، وبالبيع الطوعي".
وبالفعل لجأت الصهيونية تباعاً الى الطرق الثلاثة. ففي الفترة العثمانية اعتمدت البيع الطوعي بالتحايل على قوانين البلاد فدرّ عليها 440,000 دونم خلال حوالى اربعين عاماً (1880-1918). وفي الفترة البريطانية اعتمد مزيجاً من البيع الطوعي للبيع القسري فدرّ ذلك عليها 1,200,000 دونم خلال ثلاثين عاماً (1917-1948) ولجأت الى الحرب فدرّ عليها 20,666,000 دونم في اقل من سنة واحدة (نوفمبر 1947 تشرين الثاني 1948) وكان اربح الصفقات وانجزها. وهكذا بعد خمسين عاما من المؤتمر الصهيوني الاول عام 1897 تحققت الغاية الاساسية من "برنامج بازل".
ومن اشد نتائج الحرب الصهيونية العربية الاولى هولاً بعد هزيمة جيوش خمس دول عربية، اخراج 750 الفاً من سكان فلسطين من دياهم وتشردهم لاجئين في الدول العربية المجاورة (لبنان، سورية، شرق الاردن، مصر، العراق والسعودية)، واحتلال "اسرائيل" لاثنتي عشرة مدينة فلسطينية (عكا، صفد، الناصر، طبريا، حيفا، بيسان، يافا، المجدل، اشدود، اللد، الرملة والقدس الغربية)، اضافة الى 518 قرية فلسطينية ما لبثت "اسرائيل" ان هدمت 400 منها للحيلولة دون عودة اصحابها اليها، ودست معالمها وسوتها مع حقولها، ووزعت اراضيها على المستعمرات المجاورة والجديدة التي حلت محلها، واعطت مواقعها اسماء عبرية مستحدثة لازالتها من الذكر والذاكرة اضافة الى ازالتها من الطبيعة، واضحى من تبقى من الفلسطينيين داخل "اسرائيل" اقلية غربية في بلدهم.
واشتغلت يد النهب والسرقة في طول البلد وعرضها واشترك في اختطاف الغنائم والاسلاب رجال الجيش والمدنيون وتوزعت المكاتب والشقق والفيلات والمزارع على كبار ضباط الجيش والسلك المدني على السياسيين وغيرهم. واختفت من المنازل والمكاتب والمتاجر المنقولات على اشكالها من اثاث واجهزة وكتب وسجاد واوانٍ ومجوهرات وثياب ونقود، ومن القرى المواشي والدواجن والمؤن والآلات الزراعية، ومن الشوارع السيارات والشاحنات، وبلغ مثلاً ما سلبه الجيش الاسرائيلي من بلدة صغيرة نسبياً هي اللد، بتقدير توم سيغيف الكاتب الاسرائيلي، حمولة 1,800 شاحنة. ووصل الامر الى حد جعل بن غوريون نفسه يتذمر حسب رواية سيغيف ايضاً قائلاً: "الشيء الوحيد الذي فوجئت به وفوجئت به بمراراة هو اكتشافي لمدى الانحطاط الخلقي المتفشي بيننا الذي لم اكن لأشتبه به على الاطلاق، واعني هذه اللصوصية الجماعية التي اشترك فيها جماعات قطاعات شعبنا على حد سواء". بيد ان اللص الاكبر كان دولة "اسرائيل" بزعامة المتذمر اياه ذلك ان الكنيست (البرلمان الاسرائيلي) اصدر عام 1950 "قانون املاك الغائبين" حول بموجبه حارس الاملاك Custodian بنقلها الى "سلطة التنمية" Development Authority التي خولت بدورها ببيعها الى "الصندوق القومي اليهودي" Jewish National Fund المعروف بالعبرية بـ Keren Kayemet الذي اسسه هرتزل عام 1901 وتنص لوائحه على بقاء اراضيه ملكاً ابدياً للشعب اليهودي غير قابل للتصرف تجوز ايجارها فقط وحصراً لليهود ولا يجوز عمل غير اليهودي عليها وبذلك اصبحت 92 في المئة من مساحة "اسرائيل" ملكاً ابدياً ليهود "اسرائيل" من دون غيرهم من مواطنيها ولم يتعد ما بقي في ايدي الجالية العربية 1-2 في المئة مع ملكية يهود افراد وغيرهم للرصيد، ولم "ترث" "اسرائيل" املاك الفلسطينيين المنقولة وغير المنقولة فحسب لكنها ورثت ايضاً كل موجودات القطاع العام من العهدين العثماني والبريطاني من اراض وسكك حديد وطرقات ومرافىء ومنشآت ومبان ومكاتب ومستشفيات وثكنات ومستودعات كان للفلسطينيين النصيب الاكبر فيها بصفتهم اكثرية البلاد قبل شتاتهم.
واذا كان "اسرائيل" استغلت سلطة الدولة لحسم استيلائها على الارض الذي كان شغل الصهيونية الشاغل منذ بدء الاستيطان في مطلع الثمانينات من القرن الماضي فانها لجأت الى السلطة عينها لحسم هم لم يقل استحواذاً على الصهيونية عنهن وهو الهجرة الجماعية. فسنّت في (يوليو) 1950 "قانون الودة" الذي كرس حق كل يهودي في الهجرة الى فلسطين عملاً بالمبدأ الصهيوني الاصيل الداعي الى "تجميع المنفيين" Ingathering of Exiles اي تفريغ الشتات اليهودي فيها. وكان بن غوريون من غلاة الداعين الى تطبيق هذا المبدأ الى درجة اعتباره الصهيونية مرادفة للهجرة ( Aliya) ومطالبته بحل المنظمة الصهيونية بعيد تأسيس الدولة على اساس ان واجب اليهودي في الشتات اصبح بعد قيامها "العودة" الى "اسرائيل" ليس الا.
وفتح بن غوريون بقانون العودة باب الهجرة الجماعية على مصراعيه ووضع نصب عينيه مضاعفة عدد اليهود في البلاد خلال اربع سنوات ووظف كل امكانات الصهيونية المالية والتنظيمية والسياسية لهذا الغرض. ودل اول احصاء لاسرائيل في تشرين الثاني 1948 على ان في البلاد 713,000 يهودي و69,000 عربي. وما كادت سنة 1951 تصل الى نهايتها حتى كان قد دخل البلاد 689,275 يهودياً.
هكذا خلال اقل من اربع سنوات وبفضل سلطة الدولة دخل "اسرائيل" من اليهود عدد يساوي العدد الذي دخلها خلال سبعين عاماً منذ بدء الاستيطان الصهيوني بما فيه نموه الطبيعي خلال هذه السنين، واستطراداً نقول ان عدد يهود "اسرائيل" وصل عشية حرب (يونيو) 1967 الى 2,375,000 ولم يكن هدف رومانيا فبولندا، والدول الاسلامية لـ 79،800 (ايران 39,000، تركيا 37,000 وافغانستان 3,800)، والبلاد العربية لـ 359,000 (العراق 123,000، المغرب 120,000، مصر 75,000، اليمن 48,000، ليبيا 35,000، تونس 30,000، سورية 26,000، عدن 6,500، الجزائر 3,500)، وهكذا افرغت الدول العربية ما لديها على فلسطين بخفة وقلة بصيرة مذهلة حقاً لعواقب ما تفعل. ونتيجة لهذه الهجرة تغيرت بنية المجتمع الاسرائيلي اليهودي الاثني فهبطت نسبة الاوروبيين فيه من 84,9 في المئة عام 1948 الى 56,8 في المئة عام 1961 بينما ارتفعت نسبة اليهود "الاسيويين" من 12,5 في المئة الى 24,8 في المئة واليهود "المغربيين" من 2,6 في المئة الى 18,4 في المئة. وقد حمل بعض هؤلاء حنيناً الى اوطانهم الاسلامية والعربية لكن السواد الاعظم منهم شكل مستودعاً لا قاع له من الحقد والبغضاء عليها وضعه بتصرف الاحزاب الاسرائيلية اليمينية.
وبتأسيس الدولة وتحقيق الغاية من "برنامج بازل" غدا لزاماً على "اسرائيل" والمنظمة الصهيونية ان تحددا الغاية من الصهيونية بعد قيام الدولة وان تنظما العلاقة فيما بينهما بعد ان اصبح احدهما ذا سيادة، فانعقد المؤتمر الصهيوني الثالث والعشرون في القدس ايام 24 (ابريل) - 7 (مايو) 1951 في جو سادته نشوة الغلبة والنصر ولكن ايضاً وبخاصة للاعضاء الامريكيين تحت سحابة مقولة بن غوريون بمرادفة الصهيونية حصراً للهجرة الى "اسرائيل".
واحتدم النقاش والخلاف على صياغة الهدف كما وقع في المؤتمر الصهيوني الاول واستقر الرأي على الصيغة الاتية: غاية الصهيونية انما هي توطيد Consolidation دولة "اسرائيل" وتجميع منفيين في ارض "اسرائيل" Of Exiles in Ingathering ورعاية وحدة الشعب اليهودي". وكانت الصيغة التي اصر عليها بن غوريون بادىء الامر تنص على "تجميع المنفيين" بـ ال التعريف اطلاقاً على ميع اليهود خارج الدولة مما اثار حفيظة الممثلين الامريكيين الذين نفوا بشدة عن انفسهم صفة "النفي" في بلدهم الولايات المتحدة فكانت الصيغة التي اقرت. اما مهمات المنظمة في المرحلة الجديدة فتحددت: بتشجيع الهجرة واستيعاب المهاجرين وتنشيط الاستيطان الزراعي والتنمية الاقتصادية والحصول على الارض ملكاً للشعب وتدريب الرواد الرزاعيين Halutzim والجهد المكثف لجمع المال لهذه الاغراض بما فيه استثمار رأس المال الخاص وتعميق الهوية والثقافة اليهوديين وتعبئة الرأي العام العالمي لتأييد "اسرائيل" سيادة في سائر المجالات.
وادرك بن غوريون ان لا واردات الدولة ولا العائدات العادية من "الصندوق القومي اليهودي" Keren Kayemet و"صندوق التأسيس" Krem Hatesod وقدرها حوالى 300 مليون دولار سنوياً تكفي لسد نفقات برنامج الطموح لمضاعفة عدد اليهود في البلاد خلال اربع سنين وانه كما يقول في مذكراته "لا يمكن تحمل هذا العبء من دون تعبئة الطاقة الهائلة Tremendous Capacity ليهود امريكا لهذا الغرض". فقرر اصدار سندات Bonds بمقدار بليون دولار تباع في الولايات المتحدة ودعوة كبار رجال الاعمال الامريكيين الى مؤتمر في القدس لإقرار فكرته فيل له ان السندات لا تعفى من الضرائب كما هي الحال بالنسبة الى التبرعات الى الصندوقين السالفي الذكر في امريكا لكنه اصر على رأيه وعقد المؤتمر وتم بيع سندات بقيمة 827 مليون دولار بين 1951 و1965.
وفي (اكتوبر) 1951 قابل ناحوم غولدمان الروسي المولد (1894-1982) ورئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية الرئيس الالماني اديناور على رأس وفد يمثل 23 هيئة يهوية للمطالبة بالتنسيق مع بن غوريون بتعويضات لما اصاب اليهود على ايدي الحكومة النازية وتم الاتفاق بين الطرفين في ايلول (سبتمبر) 1952 دفعت المانيا بموجبه 822 مليون دولار نقداً وسلعاً الى "اسرائيل" ما بين 1952 و1965 غير مبلغ 450 مليون مارك دفع الى سائر الهيئات اليهودية. ووصل جزء كبير منها ايضاً الى "اسرائيل" بطرق غير مباشرة. ولاقى الاتفاق معارضة شديدة في الكنيست من قبل مناحيم بيغن زعيم "الحزب اليميني" (الحيروت) المنبثق عن الحركة التنقيحية Revisionist وكذلك من احزاب اليسار وحرض بيغن اتباعه على مهاجمة الكنيست ورشقه بالحجارة مما استدعى تدخل الجيش لحمايته وتعليق عضوية بيغن في الكنيست لمدة ثلاثة اشهر.
ووصلت الطاقة الاسرائيلية في مجالي الزراعة والصناعة الى ما وصلت اليه بفضل احدث الآلات الالمانية التي تدفقت عليه بموجب هذه الاتفاقية وبنت المانيا اسطول "اسرائيل" التجاري الحديث اذ سلمتها 60 سفينة حمولتها 450,000 طن و8 ناقلات بترول حمولتها 200,000 طن اضافة الى حوض جاف للسفن وحدثت "اسرائيل" شبكتها الهاتفية وسككها الحديد ومحطات توليد الكهرباء بفضل هذه الاتفاقية، كما دفعت المانيا ثم الوقود لهذه المطات وتم كل هذا ما بين 1952 و1964 مما مكن "اسرائيل" من انشاء 172 مستعمرة جديدة ومضاعفة قطاعها المديني خلال هذه الفترة.
وفي عهد الرئيس الامريكي ترومان (1945-1953) الذي اعترف "باسرائيل" خلال دقائق من اعلانها يوم 15 ايار 1948، كون 1948 سنة انتخابية رئاسية، قدمت الولايات المتحدة الى "اسرائيل" (بين 1949 و1953) قروضا بقيمة 135 مليون دولار ومعونات بقيمة 160 مليون دولار. ورغماً عن الخلافات مع الرئيس ايزنهاور الذي خلف ترومان (1953-1961) الذي لم يكن بحاجة الى اصوات اليهود بحكم قيادته لجيوش الحلفاء خلال الحرب قدمت الولايات المتحدة الى "اسرائيل" خلال السنوات الثلاثة من هذه المرحلة (1954-1956) معونات بقيمة 178 مليون دولار.
وفي 29 تشرين الثاني 1948 قدمت "اسرائيل" طلباً لعضوية هيئة الأمم المتحدة ورفض هذا الطلب. وفي (ديسمبر) 1948 اصدرت الجمعية العامة لهيئة الأمم قراراً (194111) بإنشاء لجنة توفيق "لمساعدة الحكومات… لتحقيق تسوية سلمية نهائية لجميع القضايا العالقة بينها". كما نصت الفقرة الحادية عشرة منه على حق اللاجئين "الراغبين في العيش بسلام مع جيرانهم" في العودة "الى منازلهم" او في التعويض لمن يرغب في العودة، وفي نيسان 1949 وافقت كل من الدول العربية (مصر والاردن ولبنان وسوريا) و"اسرائيل" على حضور مؤتمر برعاية لجنة التوفيق يعقد في لوزان في سويسرا. وفي ايار وقع الطرفان مستقلين عن بعضهما البعض مسودتين متطابقتين في نصيهما تفيدان بانهما على استعداد لاعتماد خريطة لتقسيم فلسطين وفق قرار هيئة الأمم الصادر عام 1947 الحقت بكل المسودتين "كنقطة بداية واطار Starting Point &Framework لبحث القضايا الاقليمية". واصر الطرف العربي على عودة اللاجئين وفق قرار كانون الاول 1948 وكان اقصى عدد وافقت "اسرائيل" على عودته 100,000 لاجىء على ان يشمل هذا الرقم من دخل البلاد من الفلسطينيين منذ وقف القتال قدرتهم "اسرائيل" بـ 35 الفاً فرفض العرب الاقتراح وقدمت "اسرائيل" جانبياً اقتراحاً بضم قطاع غزة بسكانه ولاجئيه على ان يكون هذا بديلاً عن اقتراحها الاول فرفض هذا ايضاً طبعاً. وهكذا لم تسفر محادثات لوزان عن اية نتيجة، اللهم الا انها استعملت كورقة تين لقبول "اسرائيل" في عضوية هيئة الأمم في ايار 1949 ما لبثت بعد الحصول عليها ان اعلنت "اسرائيل" رفضها لـ"اطار" التقسيم لعام 1947 ولقرار هيئة الأمم بعودة اللاجئين. وهكذا تم ضمناً الاقرار الدولي بما فعلته "اسرائيل" خلال الحرب وحصلت هي على الشرعية الدولية رغماً عن ذلك وكان هذا الاساس "القانوني" لتدفق المعونات عليها الذي اسلفنا ذكره.
ونصت اتفاقات الهدنة التي عقدت عند وقف القتال 1949 بين "اسرائيل" من ناحية وكل من مصر والاردن ولبنان وسوريا (سحب العراق جيشه من فلسطين من دون التوقيع على اتفاق هدنة) من ناحية اخرى على انها اتفاقات "املتها اعتبارات عسكرية على وجه الحصر" Dicated exclusively by military considerations وانه لا يقصد منها ان تضعف او تبطل ولا بشكل من الاشكال اي حقوق اقليمية او غير اقليمية لاي من الاطراف وان خطوط الهدنة ليست بأي معنى من المعاني In any sense خطوطاً سياسية او اقليمية وانها رسمت من دون الاخلال Without prejudice لحقوق الاطراف السياسية عند التسوية النهائية.
وعلقت اتفاقات الهدنة مسألة السيادة على المناطق المجردة من السلاح التي تضمنتها الى حين التوقيع على معاهدات السلم النهائية وحددت هذه المناطق على كل من الحدود الاردنية والمصرية والسورية المشتركة مع "اسرائيل" وخولت الرئيس الدولي لكل لجنة هدنة مشتركة على كل من الجبهات الثلاث اعادة الحياة المدنية العادية داخل هذه المناطق وحرمت على الاطراف العدة ادخال قوات بوليس او عسكرية خارجية اليها كما حرمت عليها احداث اي تغيير في الوضع العسكري الراهن فيها لمصلحة اي منها.
وفي ايار 1950 اصدرت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بياناً ثلاثياً التزمت به بمقاومة اللجوء الى القوة بين دول المنطقة وبالا تزود الدول العربية و"اسرائيل" بالسلاح الا بما تحتاجه منه لاغراض الدفاع عن النفس المشروعة Legitimate self defence .
بقي بن غوريون رئيساً للوزارة ووزيراً للدفاع منذ اعلان قيام الدولة لغاية كانون الاول (ديسمبر) 1953 عندما قرر التخلي عن الحكم والانزواء في مزرعة انشأها في النقب المحتل حديثاً وتولى رئاسة الوزارة من بعده زميله موشيه شاريت (1894-1965) الروسي المولد وتولى وزارة الدفاع بنحاس لافون مرشح بن غوريون، وفي (فبراير) 1955 عاد بن غوريون من خلوته الى الحكم وزيراً للدفاع خلفاً لـ لافون اثر استقالة الاخير بسبب فضيحة سنأتي لها بعد قليل وبقي بن غوريون وزيراً للدفاع الى ان استقال شاريت من الرئاسة في (اكتوبر) 1955 وخلفه فيها بن غوريون الذي بقي طوال هذه الفترة ان في مزرعته او في منصب وزير الدفاع الصوت الاقوى في صنع القرار الاسرائيلي.
ورافق هضم مغانم الحرب وتوطيد الذات نشاط في المناطق الحدودية ما لبث ان اسفر عن مخطط يرعاه بن غوريون بمعاونة كبار ضباطه وعلى رأسهم رئيس الاركان موشيه دايان الروسي الاصل والفلسطيني المولد (1915-1981) وهو مخطط يتطلع الى مرحلة من التوسع تلي مرحلة هضم المغانم.
وتجسدت اولى بوادر هذا المخطط في عنف ما سمي بالغارات "الانتقامية" على الجبهة الاردنية رداً على حوادث تسلل عبر الحدود. وكانت حرب 1948 زلزلت اوضاع الفلسطينيين المعيشية وفصلتهم عن مصادر كسبهم ورزقهم في مدنهم وقراهم وقطعت الاتصال بين ما تبقى من تراب البلاد في الضفة الغربية وقطاع غزة والقت بمئات الآلاف في العراء عالة على احسان الاخرين. اضافة الى هذا وذاك فصلت حدود الهدنة الاردنية الاسرائيلية الممتدة 350 كيلومتراً حوالى مئة قرية عربية عن اخصب اراضيها الزراعية وشاهد اهلها الصامدون الاغراب يأكلون ثمارها فكان من الطبيعي ان يحصل تسلل كان في بدايته من قبل افراد عزل من السلاح وكانت الغارة على قرية قبيه العربية في تشرين الاول 1953 من اعنف هذه الغارات الانتقامية حين قتل 42 اردنياً وجرح 15 "انتقاماً" لمقتل ثلاثة اسرائيليين.
وتجلى مخطط بن غوريون على الحدود السورية في اصرار "اسرائيل" على سيادتها على المناطق المجردة من السلاح وفي دخولها اليها بقواتها المسلحة وطرد مزارعيها العرب منها كما تجلى في منعها سكان الجولان من الصيد في بحيرة طبريا وهو حق مارسوه منذ الازل وادخالها قوارب مسلحة الى البحيرة لتطبيق سياستها هذه، ولعل اعنف غارة اسرائيلية على هذه الحدود هي غارتها المفاجئة في 10 كانون الاول 1955 على المواقع السورية التي ادت الى مقتل 56 جندياً سورياً وجرح 7 وفقد 32 من دون ان تكون قد وقعت اصابة اسرائيلية واحدة في المناوشات التي سبقت الغارة. بيد ان اخطر تطور على الجبهة السورية كان محاولة "اسرائيل" الاولى عام 1953 لتحويل مجرى نهر الاردن تحويلاً من جانب واحد من دون الالتفات الى حقوق الدول النهرية الاخرى (الاردن، سورية، لبنان) وما تنم عنه هذه المحاولة من عنجهية واستعداد للتوسع على حساب الاخرين.
وتجلى مخطط بن غوريون اكثر ما تجلى على الجبهة المصرية حين طبقت "اسرائيل" السياسة عينها التي طبقتها على الجبهة السورية بالنسبة للمناطق المصرية المجردة من السلاح فدخلت عام 1953 منطقة العوجا الاستراتيجية من الحدود وطردت منها سكانها من البدو واقامت فيها "كيبوتسا" عسكرياً.
لكن اخطر ما حدث على هذه الجبهة هو ارسال وزارة الدفاع الاسرائيلية عام 1954 عملاء لها داخل مصر لنسف مؤسسات امريكية وبريطانية املاً في افساد العلاقات الطيبة بين مصر وهذين البلدين التي تلت الثورة المصرية واتفاق الجلاء عن قناة السويس البريطاني المصري في (يوليو) 1954. بيد ان السلطات المصرية اعتقلت العملاء ويعد محاكمتهم اعدمت اثنين منهم في 31 (يناير) 1955 فقرر بن غوريون الانتقام وكان قد استلم وزارة الدفاع في 21 (فبراير) بعد استقالة لافون اثر فضيحة العملاء، وانتهز بن غوريون فرصة حادث مقتل اسرائيلي واحد في حادث تسلل من قطاع غزة بتاريخ 23 شباط 1955 ليضرب في 28 منه ضربته فجاءت على شاكلة هجوم مفاجىء مركز على ثكنة الجيش المصري في غزة قتل فيه 38 جندياً وجرح 31.
وشكل هذا الحادث منعطفاً من اخطر منعطفات تاريخ المشرق في القرن العشرين بعد الحرب العالمية الثانية، ذلك انه ادى الى صفقة السلاح "التشيكية" التي ادت الى تأزم العلاقات المصرية الامريكية فسحب العرض الامريكي المساعد في بناء السد العالي فتأميم شركة قناة السويس.
وتدهورت في هذه الاثناء ايضاً العلاقات بين مصر من ناحية وكل من بريطانيا وفرنسا من ناحية اخرى بسبب الخلاف حول حلف بغداد بالنسبة لبريطانيا وتأييد مصر لثورة الجزائر بالنسبة لفرنسا واملت بريطانيا في القضاء على عبدالناصر ان تعيد مجدها في المشرق العربي، واملت فرنسا في القضاء عليه ان يستتب لها الامر في "الجزائر الفرنسية" والمغرب العربي، وتلألأت امام بن غوريون فرصته الذهبية وصرخ "من هو هذا ناصر شماصر" فكان العدوان الثلاثي الذي كانت "اسرائيل" رأس حربته واعلن بن غوريون بعد احتلاله سيناء ان سيناء ليست ارض مصرية وبلدة "رأس محمد" في جنوب سيناء الاقصى على البحر الاحمر انما اسمه الحقيقي هو "مفراتس شلومو". ولعل بن غوريون تذكر وهو يقول ذلك ما كان قد دونه في مفكرته اليومية بتاريخ 14 ايار 1948 عشية اعلانه لدولة "اسرائيل" اذ قال "لو اخذنا اعلان استقلال امريكا مثلاً لوجدنا انه لا ذكر لاي حدود فيه لذلك نحن لسنا مضطرين لذكر حدود دولتنا" قال ذلك قبل دخول الجيوش العربية البلاد.
يتبـــــع
[/align]
توقيع مازن شما
 
بسم الله الرحمن الرحيم

*·~-.¸¸,.-~*من هولندا.. الى فلسطين*·~-.¸¸,.-~*
http://mazenshamma.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*مدونة العلوم.. مازن شما*·~-.¸¸,.-~*
http://mazinsshammaa.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*موقع البومات صور متنوعة*·~-.¸¸,.-~*
https://picasaweb.google.com/100575870457150654812
أو
https://picasaweb.google.com/1005758...53313387818034
مازن شما غير متصل   رد مع اقتباس