09 / 08 / 2009, 40 : 05 AM
|
رقم المشاركة : [7]
|
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )
|
رد: إقتباس من الأرشيف الصهيوني..
[align=justify] نتابع إقتباس من الأرشيف الصهيوني... بدءاً من النصف الثاني لسنة 1948 عملت وزارة العدل على صوغ قانون الخاص بأملاك الغائبين، الذين أستهدف إشراك القائم على الأملاك في مُلكية الممتلكات التي إحتفظ بها حتى ذلك الحين كوصي، أي مصادرتها من أصحابها السابقين، وتخويله نقلها الى ((سلطة الإعمار)) التي كان من المفترض إقامتها لهذه الغاية بقانون آخر.
لقد عرّف مشروع وزارة العدل مُصطلح ((غائب)) بمعناه الحرفي كمن غاب، أي كل من لم يعد موجوداً على اراضي الدولة. وعندما ناقشت اللجنة الوزارية مسودة المشروع طلب موشيه شاريت تعديلها، وتعريف الغائب بأنه كل من هجر منزله بعد تاريخ 29/11/1947 بغض النظرعن مكان تواجده بعد ذلك.
لقد أشار في أثناء ذلك الى الآف اللاجئين الذين هجروا قراهم وقطنوا في الناصرة: إذا لم يعرّفوا كغائبين فسيكون من الواجب السماح لهم بالعودة الى منازلهم. وطرح شاريت أيضاً فرضية إحتلال إسرائيل لمدينة نابلس في المستقبل: كان ذلك، طبقاً لأقواله، ((إحتمالاً منطقياً)). وبذلك الدولة ستعيد الى تخومها آلافاً من اللاجئين، وسيطلب هؤلاء العودة الى أمكانهم وتُسلم الممتلكات التي تركوها. لقد قُبل موقف شاريت، وطبقاً لذلك عُدّل التعريف الوارد في مشروع القانون وشمل كل من ترك ((مكان سكنه المألوف)) حتى ولو كان لايزال يقطن في إسرائيل.
بعد زمن كتب شاريت الى سكريتير الحكومة: ((علمت الآن ان وزير الأقليات أعلن ... انه يجيب، في رأيه، الطعن بقرار اللجنة وطرح القضية في جلسة الحكومة. وربما أنه من شبه المؤكد أنني لم أتمكن من الإشتراك في جلسة الحكومة التي سيبحث فيها إعتراض وزير الأقليات بسبب غيابي عن البلد، أطلب تسجيل إصراري الشديد....)) وبقي التعديل كما كان.
بعد نحو اُسبوعين، إقترح بن-غوريون تخويل الوكالة اليهودية صلاحبة مُصادرة أراضي غير مزروعة من أجل إستيطان المهاجرين الجدد. بعد فترة وجيزة من تخويل القائم [على أملاك الغائبين] صلاحية بيعها للكيرن كاييمت (الصندوق القومي اليهودي). لقد نفذت الصفقة بموجب مجموعة من الإتفاقات وقعت بين حكومة إسرائيل وهذه المؤسسات.
وبذلك صودر أكثر من مليوني دنم من أصحابها العرب. إن بضعة الآف منهم سكنوا إسرائيل، وعرّفهم القانون كغائبين. وعلى الرغم من أنهم تركوا منازلهم أياما معدودة فقط، عندما إنتقلوا الى أقاربهم في القرية المجاورة او في المدينة القديمة حتى إنتهاء المعارك، فقد تم تعريفهم ((كغائبين حاضرين)).
ولم يسمح لمعظمهم بالعودة الى منازلهم، وحتى اُولائك اللاجئين الذين سمح لهم بالعودة الى الأراضي إسرائيل بقيوا كغائبين طبقا للقانون، ولم تعد ممتلكاتهم لهم. لكن سكان قرى المثلث، الذين ضموا الى أراضي إسرائيل في إطار إتفاق الهدنة مع الأردن، لم يعتبروا بصورة عامة كغائبين، وإعتبرت أراضيهم التي أصبحت إسرائليلة نتيجة إتفاق الهدنة مع الأردن ممتلكات لهم. أما تلك الأجزاء من أراضيهم التي كانت قد إحتلت قبل ضم المثلث، فقد إعتبرت كممتلكات غائبين، ولم يُعد مُعظمها الى أصحابها.
في النصف الثاني من سنة 1951، قدم تقرير يفيد بأن 9 قرى من قرى المثلث البالغة 20 قرية، هي قرى متروكة، ويقيم في باقي القرى 20 االف نسمة تقريباً. ومن أصل 107 ألف دونم في المثلث، يعود نحو 61 ألف منها الى سكان (حاضرين)، 46 ألفاً الى غائبين -بعضهم ((غائب حاضر)). كما أن ما يقارب من 20 ألف دونم من أراضي الغائبين كان مؤجرا لعرب والباقي ليهود.
تحفظ في أحد الملفات مكتب رئيس الحكومة مراسلات بين بعض وزراء الحكومة، يتصدرها طلب تقدم به محام عربي من حيفا، إلياس كوسا، الى عضو الكنيست دافيد هكوهين، يطلب فيه معرفة ما هو حكم غائب سُمح له بالعودة الى إسرائيل في إطار مشروع جمع الشمل العائلي، وبعد عودته وضع يده على ممتلكات لم تكن له قبل هجرته، سواء بطريقة الشراء أو الوراثة أو بأية طريقة اُخرى.
وقرر وزير العدل روزين أن الغائب يبقى غائباً الى الأبد، إلا إذا تسلم شهادة بأنه ليس غائباً، وما دام غائباً فإن ممتلكاته هي ممتلكات القائم على أملاك العدو، وليس مهما متى حصل على أملاكه وكيف. وقد إعترض وزير الشرطة على هذا التفسير، وبعد أيام عُدل القانون كي يتاح أيضاً الى((الغائبين الحاضرين)) تملك ممتلكات جديدة. ومن غرائب القانون أيضاً، التي وردت على لسان عضو الكنيست يوحنا بادر من ((حزب حيروت)) (قوله) : ((بناء على هذا القانون فإن جيش الدفاع الإسرائيلي هو جيش مكزن من غائبين .... فحكم كل شخص من البلماح خرج الى الحرب بعد 29 تشرين ثاني/نوفيمبر 1947 أو في اليوم نفسه، أي ترك مدينته، هو كحكم الغائب، ما لم يتسلم وثيقة أنه ليس غائباً)).
وكذلك جمّدت أملاك الوقف الإسلامي، أيضا، كأنها كانت أملاك غائبين. لأن أملاك الوقف، بحسب الشرع الأسلامي، هي مُلك لله: ((الله أصبح غائباً!)). كما كتب ذلك الشاعر العربي راشد حسين في إحدى قصائده.
عندما قُدم الى الكنيست مشروع قانون أملاك الغائبين، حذر وزير المالية الكنيست من أن عليهم الإحتراس في الكلام: ((نحن دولة صغيرة، لكن الإهتمام بها في العالم، بكل ما يجري في داخلها وكل ما يقال فيها، إنما هو إهتمام كبير. إننا موجودون كأننا في صالة عرض، حيث عيون العالم شاخصة علينا، يتفحصون، يستقصون، يحللون كل خطوة، كل عمل، كل كلمة)). وكرر كابلان االتأكيد أن السلطات سواء في الهند أو باكستان، صادرت الأملاك التي تُركت: تكلم وكأن يوخزه ضميره.
وفي تقرير داخلي، ليس للنشر، أشاروا أيضاً الى سوابق اُخرى : صادرت تركيا ممتلكات الأرمن واليونان، وصادرت بلغاريا ممتلكات اليونان، وصادر العراق ممتلكات الأشوريين،، وصادرت تشيكوسلوفيا ورومانيا ويوغسلافيا ممتلكات الأقليات الألمانية. لقد إستخدمت صلاحيات الحكم العسكري أيضا لمصادرة اراض: كان الحاكم العسكري يطرد السكان العرب من منازلهم أو يمنعهم من دخول أراضيهم، وبذلك يحرمهم من حراثتها.
حينذلك كان وزير الزراعة يُعلنها ((أراضي بور))، أي أراضي لا يزرعها أصاحبها. وكان الوزير ينقل هذه الأراضي، بموجب الصلاحيات الممنوحة له، الى آخرين لزراعتها. وهكذا اُبعد مزارعون عرب كثيرون عن أراضيهم، لكن من دون أن يصادر منهم حق الملكية. بالإضافة الى ذلك، أتاحت قوانين اُخرى مُصادرة أراضي بطرق مختلفة مثل: ((قانون تنظيم الإستيلاء على العقارات في ساعات الطوارئ (1950)، وقانون إستملاك الأراضي - مُصادقة الأعمال والتعويض (1953) وغيرها.
في أيلول / سبتمبر 1951، أرسل القائم [على أملاك الغائبين] م. بورات، الذي حل محل دوف شفرير، وثيقة سرية الى وزير المالية كتب فيها:
((إن إحتفاظنا بمتتلكات السكان الشرعيين في البلد الذين يستفيدون من كل حقوق المواطنية المألوفة، هو مصدر تذمر كبير وغليان دائم في أوساط العرب المتضررين. إن مُعظم الشكاوي المقدمة من العرب ضد قسم القرى في دائرتنا هو شكاوي ((الغائبين)) الذين يشاهدون بحسرة غرباء يضعون أيديهم على ممتلكاتهم. ويحاول هؤلاء الغائبون بكل الطرق إعادة تملك أراضيهم، ويعرضون أنفسهم كمُستأجرين لهده الأراضي بإيجار مبالغ فيه كثيراً. وبناء على الخط العام الذي تحدد في حينه ... لم تحاول دائرتنا على تأجر غائبين أراضيهم وذلك رغبة في تثبيت سيطرتنا على الأراضي المُكتسبة، ومن هنا مصدر الشكوى والتذمر.
من الواضح أن هذه السياسة لا تساعد في فرض روح مواطنية جيدة بين العرب الذين اُعيدوا. ويتساءل البعض عما إذا كان من واجب الدولة فعلا، بعد أن أعادت عرباً مُعينين أو وافقت على تسللهم كأمر واقع، أن تثير إستياءهم البالغ وتتركهم عرضة لتحريض سياسي حاد من جانب وسط سياسي مُعين. في رأيي المتواضع، الجواب سلبي. أي أنه يجب أن تكون سياسة الحكومة هو مُطابق لمُصطلح غائب بمفهومه القانوني التطبيقي مع مُصطلح غائب بمعناه المألوف: غير حاضر.
وكما ذكر، يجب أن تكون هذه هي السياسة المتبعة. لكن ما هي إمكانات تطبيق هذا السياسة؟ يبدو لي أنه في هذا الوقت لا يوجد إمكان عملي لتنفيذ هذا الأمر، على الأقل بالنسبة الى الممتلكات غير المنقولة. إن عدد ((الغائبين الحاضرين)) يبلغ الآن آلافاً عديدة، مُعظمهم أصحاب أملاك غير منقولة. وقد أصبح قسم كبير من هذه الممتلكات يخضع لحقائق منتهية، وفي مقدمها الإستيطان الأمني. إن كل محاولة لتسليم هؤلاء الغائبين ممتلكاتهم ستلحق ضررا بآلاف او بعشرات الآلاف من المستوطننن والقاطنين، وكذلك بالمعسكرات والمنشآت العسكرية)).
يتبع>>>>>
[/align]
|
|
|
|