السادة الاعضاء الافاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حل أسئلة المجموعة 39
السؤال 256 :هل إلقاء درس أو مواعظ بعد أربع ركعات من صلاة التراويح جزء من الصلاة ؟
الدرس الذي يلقيه بعض الأئمة والوعاظ بين ركعات صلاة التراويح لا بأس به إن شاء الله ، والأحسن أن لا يداوَم عليه ، خشية أن يعتقد الناس أنه جزء من الصلاة ، وخشية من اعتقادهم وجوبه حتى إنهم قد ينكرون على من لم يفعله .
وللإمام أو للمدرس والواعظ أن ينبه الناس على ما يتيسر من أحكام الشرع وخاصة مما يحتاجونه في هذا الشهر من مسائل على أن يتركه أحياناً لما سبق ذكره .
ولا شك أن مثل هذه الكلمات والمواعظ أنفع من الخروج أو من الحديث الدنيوي ورفع الصوت وخير من الذكر المبتدع الذي يحدثه بعض الأئمة بعد الأربع ركعات .
قال الشيخ عبد الله الجبرين :
... وحيث إنَّ الناس في هذه الأزمنة يخففون الصلاة ، فيفعلونها في ساعة أو أقل : فإنه لا حاجة بهم إلى هذه الاستراحة ، حيث لا يجدون تعباً ولا مشقة ، لكن إن فصل بعض الأئمة بين ركعات التراويح بجلوس ، أو وقفة يسيرة للاستجمام ، أو الارتياح : فالأولى قطع هذا الجلوس بنصيحة أو تذكير ، أو قراءة في كتاب مفيد ، أو تفسير آية يمرّ بها القارئ ، أو موعظة ، أو ذكر حكم من الأحكام ، حتى لا يخرجوا أو لا يملّوا ، والله أعلم .
السؤال 257 : ما هو دعاء القنوت في صلاة الوتر ؟
لدعاء القنوت في صلاة الوتر صيغ واردة منها:
1- الصيغة التي علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما، وهي :( اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لني فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، لا منجى منك إلا إليك ) أخرجه أبو داود (1213) والنسائي (1725) وصححه الألباني في الإرواء 429 .
2- وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ " رواه الترمذي 1727 وصححه الألباني في الإرواء 430 وصحيح أبي داود 1282.
ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم في آخر قنوت الوتر ، منهم : أُبي بن كعب ، ومعاذ الأنصاري رضي الله عنهما .
السؤال 258 :هل دعاء القنوت يكون قبل الركوع أم بعده ؟
الجواب : " أكثر الأحاديث والذي عليه أكثر أهل العلم : أن القنوت بعد الركوع , وإن قنت قبل الركوع فلا حرج ، فهو مُخير بين أن يركع إذا أكمل القراءة ، فإذا رفع وقال : ربنا ولك الحمد قنت ... وبين أن يقنت إذا أتم القراءة ثم يُكبر ويركع ، كل هذا جاءت به السنة "انتهى كلام الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله من الشرح الممتع 4/64.
والله أعلم .
السؤال 259 : كيف نحيي ليلة القدر ؟
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها بالصلاة والقراءة والدعاء ، فروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر ) . ولأحمد ومسلم : ( كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها ) .
حث النبي صلى الله عليه وسلم على قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) . رواه الجماعة إلا ابن ماجه ، وهذا الحديث يدل على مشروعية إحيائها بالقيام .
من أفضل الأدعية التي تقال في ليلة القدر ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها ، فروى الترمذي وصححه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( قلت : يا رسول الله ، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها ؟) قال : ( قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) .
السؤال 260 : ماذا تفعل الحائض ليلة القدر ؟
الحائض تفعل جميع العبادات إلا الصلاة والصيام والطواف بالكعبة والاعتكاف في المسجد .
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحيي الليل في العشر الأواخر من رمضان ، روى البخاري ( 2024 ) ومسلم ( 1174 ) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله .
وإحياء الليل ليس خاصاً بالصلاة ، بل يشمل جميع الطاعات ، وبهذا فسره العلماء :
قال الحافظ : ( وأحيا ليله ) أي سهره بالطاعة .
وقال النووي : أي استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها .
وقال في عون المعبود : أي بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن .
وصلاة القيام أفضل ما يقوم به العبد من العبادات في ليلة القدر ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه البخاري ( 1901 ) ، ومسلم ( 760 ) .
ولما كانت الحائض ممنوعة من الصلاة ، فإنه يمكنها إحياء الليل بطاعات أخرى غير الصلاة مثل :
1- قراءة القرآن : وذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءة الحائض للقرآن وهو مذهب مالك ، ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشوكاني واستدلوا على ذلك بأمور منها :
- أن الأصل الجواز والحل حتى يقوم دليل على المنع وليس هناك دليل يمنع من قراءة الحائض للقرآن ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ليس في منع الحائض من القراءة نصوص صريحة صحيحة ، وقال : ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن ينههن عن قراءة القرآن ، كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء .
- أن الله تعالى أمر بتلاوة القرآن ، وأثنى على تاليه ووعده بجزيل الثواب وعظيم الجزاء فلا يمنع من ذلك إلا من ثبت في حقه الدليل وليس هناك ما يمنع الحائض من القراءة كما تقدم .
- أن قياس الحائض على الجنب في المنع من قراءة القرآن قياس مع الفارق لأن الجنب باختياره أن يزيل هذا المانع بالغسل بخلاف الحائض ، وكذلك فإن الحيض قد تطول مدته غالباً ، بخلاف الجنب فإنه مأمور بالإغتسال عند حضور وقت الصلاة .
- أن في منع الحائض من القراءة تفويتاً للأجر عليها وربما تعرضت لنسيان شيء من القرآن أو احتاجت إلى القراءة حال التعليم أو التعلم .
فتبين مما سبق قوة أدلة قول من ذهب إلى جواز قراءة الحائض للقرآن ، وإن احتاطت المرأة واقتصرت على القراءة عند خوف نسيانه فقد أخذت بالأحوط .
ومما يجدر التنبيه عليه أن ما تقدم في هذه المسألة يختص بقراءة الحائض للقرآن عن ظهر قلب ، أما القراءة من المصحف فلها حكم آخر حيث أن الراجح من قولي أهل العلم تحريم مس المصحف للمُحدث لعموم قوله تعالى : ( لا يمسه إلا المطهرون ) ولما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن وفيه : " ألا يمس القرآن إلا طاهر " رواه مالك 1/199 والنسائي 8/57 وابن حبان 793 والبيهقي 1/87 .ولذلك فإذا أرادت الحائض أن تقرأ في المصحف فإنها تمسكه بشيء منفصل عنه أو تلبس قفازا ، أو تقلب أوراق المصحف بعود أو قلم ونحو ذلك ، وجلدة المصحف المخيطة أو الملتصقة به لها حكم المصحف في المسّ ، والله تعالى أعلم .
2- الذكر : من تسبيح وتهليل وتحميد وما أشبه ذلك ، فتكثر من قول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله وبحمده ، وسبحان الله العظيم ... ونحو ذلك
3- الاستغفار : فتكثر من قول ( استغفر الله ) .
4- الدعاء : فتكثر من دعاء الله تعالى وسؤاله من خير الدنيا والآخرة ، فإن الدعاء من أفضل العبادات ، حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الدعاء هو العبادة ) رواه الترمذي ( 2895 ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي ( 2370 )
فيمكن للحائض أن تقوم بهذه العبادات وغيرها في ليلة القدر .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى ، وأن يتقبل الله منا صالح الأعمال .
و الله أعلم