الموضوع: الكتابة والحب..
عرض مشاركة واحدة
قديم 18 / 08 / 2009, 27 : 01 PM   رقم المشاركة : [1]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

الكتابة والحب..

[align=justify]
عندما أفكر بفعل الكتابة، كفعل حياتي ووجودي وفكري وتعبيري، أربطه مباشرة ودون وعي مني بالحب أو لنقل بفعل الحب.. ولست أعني هنا حباً خارجاً عن كينونة الكتابة أو صيرورتها، بل أعني بالتحديد أن تحب الكتابة، أي تجعل فعل الكتابة جزءاً من كيانك وتفكيرك وسر قلبك.. وليست كل كتابة ناتجة عن حب لها، أو توحد بها.. لكن مثل هذه الكتابة، أعني الصادرة عن نسق آلي ليس إلا، تكون في كل مساراتها، كتابة غير فاعلة وغير قادرة على الحياة. هي كتابة جامدة ميتة متهالكة ساقطة.. صحيح أنها تملأ الورق، لكنها لا تملأ هذا الورق إلا بالسواد!!.. وهي النقيض والمعاكس للكتابة النابضة بالحياة والحيوية، والناتجة عن حب للكتابة.. وقد يسأل أحدهم وكيف يميز الكاتب بين هذا وذاك، ثم كيف للقارئ أن يعرف؟؟..
حين يكتب الكاتب الكلمات عن حب لها، يجد مطلق المتعة واللذة والفرح والسعادة.. فهو يعانق معشوقة لايعرف متعة الحياة دونها.. كل كلمة تأخذه إلى عالم رائع لامثيل له.. مثل هذا الشعور يضع الكاتب في حالة يصعب وصفها، فهي أقرب إلى أن تكون حالة سحرية في عالم سحري.. بحار وأنهار وجبال وسماء تتحرك في مدى الرؤية، وتساقط أمطار غريبة جميلة في ساحة الشعور واللاشعور معاً. الكلمات تفرد أجنحة من ولع وتطير محلقة في فضاء النص.. كل شيء يتحرك ويمضي وينطلق في مدى من الحب.. الكلمة المكتوبة أو التي لم تكتب بعد، تشعر أن الكاتب يحبها كل الحب، فتمنحه ذاتها وتعطيه كل شيء من روحها.. هذا الأفق من التلاقي والتداخل والنبض، يعطي النص روحاً حقيقية تنقله إلى حيز ما هو حي، فنقول عند قراءته بأنه مليء بالحياة والحيوية والنبض.. حتى الحروف في مثل هذا النسق من التداخل تشعرك بأنها أجزاء من روح تكاد تلامس بمناقيرها الرائعة دقات قلبك.. ومن هذه الحروف تتشكل كل أنهار وبحار الكلام الرائع في نص ممتع جميل.. ليس هناك وسطية في حب كهذا.. فالنقص يقود مباشرة إلى النقص.. والكمال في حب الكتابة، أو لنقل الكمال في الالتقاء مع حب الكتابة، يعطي السطور بريقاً خاصاً لايشبهه أي بريق.. من هنا كان حب الكتابة والاستغراق بهذا الحب دليلاً حياً وحيوياً على أنها تأخذ وتعطي في الوقت نفسه.. أنت تحب الكتابة وتشعر أنها تحبك كما تحبها.. وكلما أورقت فيك الكلمات، ازددت قرباً من حبها وازدادت قرباً من حبك.. والنتيجة المنطقية نص رائع مليء بالنبض والجمال والحياة والعلو.. إنها العلاقة الدافئة الرائعة الجميلة بكل معنى الكلمة..
وماذا عن القارئ؟؟ كيف يعرف أن هذا النص نتاج علاقة حب قائمة بين الكاتب وكتابته؟؟.. برأيي هذا أمر في غاية السهولة والبساطة.. إذ لايمكن أن يكون النص، أي نص، خارج القدرة على الإيحاء بهذا.. حين تقرأ النص وتشعر بالمتعة والفائدة والفرح والجمال، فأنت أمام نص كتبه كاتب عاشق لنصه، مسكون بكلماته.. وحين تقرأ نصاً جامداً ميتاً لا حياة فيه، تستطيع الحكم مباشرة، أن كاتبه ما عرف ولن يعرف كيف يحب كتابته، هو كاتب يتعامل مع الكلمات وكأنها جثث محنطة.. النص في هذه الحالة يقول لك كل شيء، تراه يتكئ على ذات مكسورة متشظية.. كل قارئ قادر بفطرته السليمة على معرفة النص وأبعاد علاقته مع كاتبه، لايحتاج هذا إلى ناقد خبير أو أديب.. القارئ يحس ويشعر بذات كل مفردة، هذه الذات التي تحدثه وتقول له كيف كان تعامل الكاتب معها. وإلا ما معنى أن تجد نصاً يأخذك ويحضنك وينسيك كل شيء سواه، ونصاً تمل إطلالته منذ اللحظة الأولى أو مع الكلمات التي تفتتح هذا النص.. هناك علاقة بين القارئ والنص، تؤدي إلى فهم العلاقة بين الكاتب وهذا النص.. أبعاد العلاقة بين القارئ والنص، تقود مباشرة إلى أبعاد العلاقة بين الكاتب والنص.. كل قارئ هو بالضرورة حكم وقاض مادام يتعامل مع نص أصبح بين يديه.. فالنص المنجز نص اكتملت فيه حركة العلاقة بين الكلمات والكاتب وانتقلت لتكون علاقة دائمة بين نص وقارئ.. وكلما رأيت قارئاً يذهب في عناق نص، فاعرف أن الكاتب قد أحب نصه فخرج على هذا الشكل الدافئ من التميز والحياة..
سقوط النصوص في كثير من الأحيان يعبر عن سقوط العلاقة بين الكاتب ونصه، بما يعني فقدان الحب بين الطرفين.. هناك حاجة ملحة لأن يكون الكاتب عاشقاً للكلمة مسكوناً بها، وإلا فلا حاجة لأن يكتب ويراكم كماً من الورق المطبوع الذي يضر الكتابة ويؤذيها.. هناك كثيرون يشتهون ويطربون لكلمة كاتب أو شاعر أو قاص، فيذهبون في دروب ليست لهم، ويسيرون في طرق لم تكن في يوم من الأيام طرقهم.. هؤلاء يضرون الكتابة، ويؤذون القارئ، ويعطون فكرة خاطئة عن عالم الكتابة.. ولو أنهم ساروا في دروب أخرى تناسب وتوافق إمكانياتهم لكان هذا أفضل ألف مرة، لأنهم سيعطون في مدارات يحبونها، وكل عمل تحبه، يعطيك ويعطي الآخرين، يفيدك ويفيد الآخرين.. أما الاجتراء على الكتابة دون وجه حق، فهو جريمة بحق الكتابة في كل زمان ومكان.. جريمة كان من الواجب أن يعاقب عليها القانون..
[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس