رد: قضية للنقاش / لا تحرقوا الأصابع العشر
بسم الله الرحمن الرحيم
صحيح أن ما يحدث في فلسطين مؤلم و يدمي القلوب .. و أن ما يحاك ضدها داخليا و خارجيا يجعل المرء يضع يده على قلبه خوفا وفرقا من الآت .. وصحيح أن الوضع الراهن يسير من سيء إلى أسوأ بسبب تزايد الخيانة و التواطؤ و العمالة و التحاقها بركب دول التسلط و الاغتصاب . لكني مقتنع أشد الاقتناع أن هذا الوضع لم تسلم منه أمة من الأمم عبر التاريخ و هي تناضل من أجل حريتها و طرد الغاصب عن أرضها .. ولنا في ثورة المليون و نصف شهيد أعظم مثال على أن قوى القهر و الظلم آيلة للزوال إن شاء الله .. فمن كان يعتقد أن فرنسا وقد ناهز اغتصابها للجزائر أكثر من مئة عام أن تغادرها وهي التي ألحقتها كإقليم فرنسي و ليس كمستعمرة ..؟
ستون سنة من بعد النكبة هي كثيرة في عمر من ينتظر العودة إلى الوطن الأم .. لكنها لا شيء بالمقارنة مع مدد تجاوزت قرنا أو أكثر من الزمان ..
المؤلم حقا ما يقع على الأرض الفلسطينية .. لكن دعونا لا نصب النار على الزيت و دعونا نتجنب المسميات حتى لا نقع في الفخ الذي ينصب عادة من أجل تأجيج الصراعات و نحن في أمس الحاجة إلى أن تهدأ الأمور وتحبط مؤامرة الزج بنا في متاهة خلافات نحن في غنى عنها ..
ما يقع في فلسطين واضح وضوح الشمس في يوم صحو .. الكل يعرف جوهر المشكل بين إخواننا الفلسطينيين ، و جميعنا يعلم كيف وصلت الأمور إلى هذا المستوى من القطيعة ..
الأهم الآن .. ما العمل ..؟ وكيف السبيل إلى إصلاح ذات البين و ترميم ما تهدم ؟ .. وما هو المطلوب من الأمتين العربية و الإسلامية لكي تنهض بمسؤوليتها التاريخية و الأخلاقية تجاه قضية الجميع وليس قضية شعب واحد ؟
في رأيي المتواضع .. الخلاف في فلسطين عميق لدرجة اللاعودة .. لكن هذا لا ينبغي أن يدفعنا إلى الاحباط .. لأن ما من مشكل إلا وله حل .. إنما لا بد من التضحيات .. و التضحيات جاءت بوادرها مما حدث في غزة أثناء العدوان الذي لم يكن سوى ثمرة مخطط شاركت فيه أطراف من الداخل و الخارج ..
غزة قاومت و خرجت منتصرة بالمفهوم الحقيقي للحرب وليس بمفهوم أعداد الضحايا .. كما حدث بالضبط في لبنان صيف 2006 .
المشكل هو أن خطوطا حمراء يراد تجاوزها وهي تمس بالأساس قضية العودة و القدس و مفهوم الدولة الفلسطينية ..
إذن من يتنازل عن الثوابت معروف .. ومن يتشبث بها ولا خيار له عن ذلك معروف .. فإلى جانب من نكون ؟
حرصنا دائما على ألا نزيد شرخ الانقسام اتساعا .. ولهذا نأمل دائما أن تتغلب الحكمة في بعض الشرفاء الذين يعارضون التنازل عن الثوابت .. و أملنا أيضا في أن جيلا جديدا سيحمل الشعلة و يعيد للمقاومة اعتبارها بعدما أريد تقزيمها و اتهامها بالتهور ..
نفس الأمل أيضا في الأمتين العربية و الإسلامية وفي أجيالها الصاعدة ، بشرط أن يتم تكريس الحق الفلسطيني في نفس الصغار و الكبار وعدم الانسياق مع حملات الاستسلام و الانهزامية .. وتأتي أهمية دراسة التاريخ كما هو دون تحريف أو تشويه مع توثيق كل ما حدث و يحدث في فلسطين منذ الانتداب حتى الآن ..
علينا التسلح بالإيمان بأن ما ضاع حق من ورائه طالب .. واغتنام كل الفرص لإبلاغ الآخر و توعيته بعدالة القضية و أسباب الصراع ..
الزمن لا يجب أن يخيفنا ..علينا فقط العمل وعلى الأجيال القادمة تتمة المسيرة وحمل المشعل ..
يبقى شرط واحد لنجاح كل محاولة و لو متواضعة : وهي عدم الانسياق وراء التطبيع مع العدو واعتباره عدوا للجميع وليس فقط لشعب اغتصبت أرضه .. ثم العمل وع الصبر و الأناة و التشبث بالأمل و الإيمان بالله ..
شكرا لكم
ودمتم بكل المحبة
|