السادة الأعضاء الافاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حل أسئلة المجموعة 40
السؤال 261 : ما حكم تأخير صلاة العشاء في رمضان ؟
وقت صلاة العشاء يمتد من غياب الشفق الأحمر الذي يكون في السماء بعد غروب الشمس إلى نصف الليل .
والأفضل في صلاة العشاء تأخيرها ما لم يشق على الناس لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل ، أو نصفه " رواه الترمذي 167
ففي هذا الحديث دليل على استحباب تأخير العشاء ما لم يشق على المأمومين فإن شقت على المأمومين فتُعجل .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل حتى نام أهل المسجد ، ثم خرج فصلى فقال : إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي " أخرجه مسلم 638.
وعن جابر رضي الله عنهما لما ذكر مواقيت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والعشاء أحياناً يؤخرها ، وأحياناً يعجل ، إذا رآهم اجتمعوا عجل ، وإذا رآهم أبطأوا أخر " أخرجه البخاري 1/141 ومسلم 646 . أنظر معرفة أوقات العبادات للدكتور خالد المشيقح 1/291
وقد اعتاد الناس في بعض البلاد تأخير صلاة العشاء في رمضان نصف ساعة أو نحواً من هذا عن أول وقتها ، حتى يفطر الناس على مهل ويستعدوا لصلاة العشاء والتراويح .
وهذا العمل لا بأس به ، بشرط ألا يؤخر الإمام الصلاة إلى حد يشق على المأمومين كما سبق .
والأولى في هذا الرجوع إلى أهل المسجد ، والاتفاق معهم على وقت الصلاة ، فهم أعلم بما يناسبهم .
والله أعلم .
السؤال 262 : هل الأفضل إخراج الزكاة في رمضان؟
أولاً : الزكاة إذا حال عليها الحول وجب إخراجها إلا أن تكون زكاة زروع فيجب إخراجها يوم الحصاد لقوله تعالى : { وآتوا حقه يوم حصاده } سورة الأنعام/ 141
ويجب إخراجها أول ما يحول الحول لقوله تعالى : ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) الحديد/21
قال ابن بطال : إن الخير ينبغي أن يبادر به فإن الآفات تعرض ، والموانع تمنع ، والموت لا يؤمن ، والتسويف غير محمود .
ثانياً : لا يجوز تأخير الزكاة بعد حلول موعدها إلا لعذر .
ثالثاً : يجوز إخراج الزكاة قبل انتهاء الحول بطريق التعجيل .
وتعجّل الزكاة : أداؤها قبل موعدها بحولين فأقل .
عن علي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم : تعجَّل من العباس صدقة سنتين .
وفي رواية : عن علي أن العباس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك . رواه الترمذي ( 673 ) وأبو داود ( 1624 ) وابن ماجه ( 1795 ) .
وصححه الشيخ أحمد شاكر في " تحقيق المسند " ( 822 ) .
رابعاً : الصدقة والإحسان إلى الناس بالمال في رمضان أفضل من غيره من الشهور .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ . رواه البخاري (6) ومسلم (2308) .
قال النووي : وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَوَائِد مِنْهَا : اِسْتِحْبَاب إِكْثَار الْجُود فِي رَمَضَان اهـ .
فمن كانت زكاته في رمضان ، أو بعد رمضان ولكنه أخرجها في رمضان متعجلاً ليدرك فضيلة الزكاة في رمضان فإن هذا لا بأس به . أما إن كانت زكاته تجب قبل رمضان ( كشهر رجب مثلاً ) فأخرها حتى يخرجها في رمضان فإن هذا لا يجوز . لأنه لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها إلا لعذر .
خامساً : قد يعرض من الأسباب ما يجعل إخراج الزكاة في غير رمضان أفضل من إخراجها في رمضان . كما لو حدثت كارثة عامة أو مجاعة في بعض بلاد المسلمين كان إخراج الزكاة في هذا الوقت أفضل من كونها في رمضان . وكما لو كان كثير من الناس يخرجون زكاتهم في رمضان فتسد حاجات الفقراء ، ثم لا يجد الفقراء من يعطيهم في غير رمضان فهنا إخراجها في غير رمضان أفضل ولو أدى ذلك إلى تأخير الزكاة عن وقتها ، مراعاةً لمصلحة الفقراء .
سادساً : قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
يجوز تأخير الزكاة لمصلحة الفقراء لا للضرر بهم ، فمثلاً عندنا في رمضان يكثر إخراج الزكاة ويغتني الفقراء أو أكثرهم ، لكن في أيام الشتاء التي لا توافق رمضان يكونون أشدّ حاجةً ، ويقل من يخرج الزكاة ، فهنا : يجوز تأخيرها لأن في ذلك مصلحة لمستحقها . " الشرح الممتع " ( 6 / 189 ) .
والله أعلم .
السؤال 263 : ما حكم تارك الزكاة ؟
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن الزكاة : " وهي فرض بإجماع المسلمين ، فمن أنكر وجوبها فقد كفر ، إلا أن يكون حديث عهد بإسلام ، أو ناشئا في بادية بعيدة عن العلم وأهله فيعذر ، ولكنه يُعَلَّم ، وإن أصر بعد علمه فقد كفر مرتدا ، وأما من منعها بخلا وتهاونا ففيه خلاف بين أهل العلم ، فمنهم من قال : إنه يكفر ، وهو إحدى روايتين عن الإمام أحمد ، ومنهم من قال : إنه لا يكفر ، وهذا هو الصحيح ، ولكنه قد أتى كبيرة عظيمة ، والدليل على أنه لا يكفر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عقوبة مانع زكاة الذهب والفضة ، ثم قال : ( حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله : إما إلى الجنة وإما إلى النار ) . وإذا كان يمكن أن يرى له سبيلا إلى الجنة فإنه ليس بكافر ؛ لأن الكافر لا يمكن أن يرى سبيلا له إلى الجنة ، ولكن على مانعها بخلا وتهاونا من الإثم العظيم ما ذكره الله تعالى في قوله : ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) آل عمران/180 ، وفي قوله : ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ) التوبة/34،35 " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/14).
وينبغي نصح هذا المتهاون بالزكاة ، وتذكيره بعظم شأنها ، والنصوص الواردة في وعيد من بخل بها .
والله أعلم.
السؤال 264 : ما هي زكاة الفطر ؟
زكاة الفطر : هي زكاة عن البدنلا عن المال , وهيليست ركنا من أركان الإسلام ، و لكنها واجبة على كل مسلم تلزمه مؤنة نفسه إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته صاع من غالب قوت البلد. والصاع النبويّ مقدار أربع حفنات بالكفين المعتدلتين .
وزكاة الفطر قد ورد ذكرها في أحاديث كثيرة ، منها :
روى البخاري (1503) ومسلم (984) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ .
وروى أبو داود (1609) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ . حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
السؤال 265 : ما هي أنواع الأطعمة التي تخرج منها زكاة الفطر ؟
زكاة الفطر ، تخرج من أي طعام يقتاته الناس ، كالقمح والذرة والأرز واللوبيا والعدس والحمص والفول والمكرونة واللحم ونحو ذلك ، وقد فرضها الرسول صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ، وكان الصحابة رضي الله عنهم يخرجونها من الطعام الذي يقتاتونه .
روى البخاري (1510) ومسلم (985) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ . وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ ) .
وفي رواية قال : (كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ) .
"وقد فسر جمع من أهل العلم الطعام في هذا الحديث بأنه البر (أي : القمح) ، وفسره آخرون بأن المقصود بالطعام ما يقتاته أهل البلاد أيا كان ، سواء كان برا أو ذرة أو غير ذلك . وهذا هو الصواب ؛ لأن الزكاة مواساة من الأغنياء للفقراء ، ولا يجب على المسلم أن يواسي من غير قوت بلده . ولا شك أن الأرز قوت في بلاد الحرمين وطعام طيب ونفيس ، وهو أفضل من الشعير الذي جاء النص بإجزائه. وبذلك يعلم أنه لا حرج في إخراج الأرز في زكاة الفطر" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (14/200) .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (25/ 68) : " أَمَّا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ يَقْتَاتُونَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ جَازَ الْإِخْرَاجُ مِنْ قُوتِهِمْ بِلَا رَيْبٍ . وَهَلْ لَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا مَا يَقْتَاتُونَ مِنْ غَيْرِهَا ؟ مِثْلُ أَنْ يَكُونُوا يَقْتَاتُونَ الْأُرْزَ وَالذرة فَهَلْ عَلَيْهِمْ أَنْ يُخْرِجُوا حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ يُجْزِئُهُمْ الْأُرْزُ وَالذُّرَةُ ؟ فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ ، وأصح الأقوال : أنه يُخْرِجُ مَا يَقْتَاتُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ : كَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الصَّدَقَاتِ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى وَجْهِ الْمُواساة لِلْفُقَرَاءِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ ؛ لِأَنَّ هَذَا كَانَ قُوتَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَلَوْ كَانَ هَذَا لَيْسَ قُوتَهُمْ بَلْ يَقْتَاتُونَ غَيْرَهُ لَمْ يُكَلِّفْهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا مِمَّا لَا يَقْتَاتُونَهُ ، كَمَا لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي الْكَفَّارَاتِ " انتهى بتصرف .
وقال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (3/12) : " وهذه كانت غالب أقواتهم بالمدينة فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم كمن قوتهم الذرة أو الأرز أو التين أو غير ذلك من الحبوب ، فإن كان قوتهم من غير الحبوب ، كاللبن واللحم والسمك أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائنا ما كان ، هذا قول جمهور العلماء ، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره ، إذ المقصود سد حاجة المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم ، وعلى هذا فيجزئ إخراج الدقيق وإن لم يصح فيه الحديث " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/183) : " والصحيح أن كل ما كان قوتاً من حب وثمر ولحم ونحوها فهو مجزئ ".
والله أعلم