بنية النص
[align=justify]
كل نص أدبي محكوم بالكثير من الأشياء التي تعبر عنه وعن صاحبه في حالة وصوله إلى الناس وإعجابهم به أو إحجامهم عنه . ولست أقصد بالبنية هنا ، ما عرف نقديا بالشكل الخارجي أو الوعاء الحامل للنص ، بل أقصد النص في كليته دون فواصل أو اجتزاء أو تحديد ضيق ..
وأول ما يمكن الحديث عنه ، ومما له علاقة بهذه البنية يتصل بالمؤلف تحديدا ، حيث من المتعارف عليه أن المؤلف هو النبع الذي يعطي النص صفة الديمومة أو الزوال ، وهذا يرجع إلى كمِّ الإبداع عنده والثقافة والحس البيئي الذي يتناساه كثيرون مع أنه من أهم مكونات ذائقة المؤلف وحافظته وذاكرته .. ولا شك أنّ الإبداع مسألة لا يد للكاتب بها إلا من حيث الرفد والانتباه لها وتنميتها بكل السبل الممكنة .. فالأصل في الإبداع موجود مع وجود المبدع بهذا القدر أو ذاك ويختلف الأمر لاحقا عند مبدع يبني إبداعه وينميه فيصل به إلى القمم ، ومبدع يتركه على حاله فيبقى إبداعه اقل أهمية مما يجب .. وإذا قارنا بين مبدعين يملك احدهما كما إبداعيا أقل من الأول لكنه منتبه حريص على تنمية إبداعه ، بينما الأول منصرف عن ذلك ، لرأينا تميزا عند الثاني وإن كان كم الإبداع عنده اقل ، لأنه رفد إبداعه ولم يتركه للصدفة تفعل فيه فعلها .. وطبيعي أن يتفوق الأول حين يعطي الاثنان الشيء نفسه من الاهتمام والرعاية لهذا الإبداع ..
الشيء الثاني الداخل في البنية النصية يعود للتعمق بالموضوع وعلاقة الكاتب به .. فالتصنع لا يوجد أدبا كبيرا شامخا عاليا .. بينما التجربة والمعايشة والاحتراق بنار الموضوع تخلق الكثير من التميز .. وهناك أيضا المخزون اللغوي والبصري والخيالي والتصوري .. وهذا ما جعلني أركز على البيئة وأهميتها كونها توجد وترفد الكثير من هذه الخصائص .. فهناك بيئة فقيرة بعطائها للمبدع ، وهناك بيئة غنية بهذا العطاء .. وأضيف هنا علاقة النص وصاحبه بالمجتمع والناس والواقع .. إذ يخلق هذا حدة أو برودة المشاعر والأحاسيس وهما يعطيان الكثير للنص كونهما العصب الذي يحرك المؤلف والمتلقي معا .. فنص لا تعلو فيه الأحاسيس وترتفع يكون أشبه ما يكون بالجثة المحنطة التي لا تريك فوران الحياة ودورانها واشتعالها وعلو الروعة فيها ..
قد يقول البعض إن ثنائية المشاعر والأحاسيس تولد مع البشر ولا تكتسب اكتسابا كما نقرر هنا .. وهذا طبيعي ، لكن تنمية هذه المشاعر والأحاسيس تحتاج إلى الاقتراب من نار التجربة في كل زمان ومكان.. فالتجربة هي التي تعطي المشاعر والأحاسيس علوا أو انخفاضا حسب تعامل المبدع معها .. ومن كتب عن الحب والهوى يعرف أن الاصطناع غير الاكتواء والتجربة .. فالشيء المصنوع يبقى كلاما عاديا يذكرنا ببعض مطالع القصائد العربية القديمة التي كانت تقف على الأطلال لمجرد الوقوف ولأن القصيدة تتطلب أن تبدأ بذلك .. بينما تختلف حتى تلك المطالع حين يكون صاحبها مجربا داخلا في التجربة ، لا مصطنعا موجودا على هامش التجربة ..
قد يطول الحديث عن بنية النص كما أراه وأتصوره لكن هي وقفة سريعة تعبر عن بعض النقاط القليلة من هذه الموضوعة الواسعة ..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|