حرقة الغياب
[align=justify]
أعترف بأنك أخذت مني الكثير وغبت.. أعترف أنني أدمنت حبك دون وعي وما شعرت بذلك إلا حين أدرت ظهرك وآثرت الغياب.. كم كنت غريباً في هذا الحب، وكم كنت تتحملين ولا تقدمين إلا الجميل العذب الرائع.. هل يحق لي أن أعترف بعد أن بعدت السفن واحترقت المساءات وغاب صوتك عن مسمعي؟؟!!.. أعرف أن هناك دروباً قد احترقت فيها الخطى، وأن هناك مفارق قد وقع فيها زجاج الروح وانكسر، وأن العودة في بعض الأحيان قد تكون من المستحيلات.. فاليد التي لوحت ذات مساء بالوداع، والصوت الذي انكسر على ضفة الانتظار، والكلمات التي بعثرتها الريح فضاعت في الزحام، أشياء ما عاد لها أن تعود إلى سابق عهدها.. فما انكسر صار شظايا توزعتها الطرق وأدمنت بعثرتها الريح.. لكن من حقك أن تعرفي أنني شربت كأس حبك حتى الثمالة، وأنني أدمنت عشقك حتى الأعماق.. لكنني يا سيدتي كنت أخشى أن تدخل كفاك ذات مساء سدة الخراب، فتضيع السكك وتتوهين في درب ما كنت أستطيع القبول بأن تذوقي ناره..
حاولت قدر استطاعتي أن أسيج صرختي بالصمت.. حاولت أن أكابر كي تبتعدي، وحين ابتعدت شعرت بالحرقة مرتين، لكنني ما استطعت إلا أن أتحمل القبض على الجمر وإن كانت كفي تحترق، فهذا خير ألف مرة من احتراق الشجر الذي أحب..
سكة الفلسطيني يا سيدتي مسكونة برائحة الفقد الدائم، ومسكونة بالقدرة الفذة على ابتلاع الألم حتى لا يصيب من نحب.. حين يفكر الواحد منا بالوطن يشعر كم عليه أن يكون ملتصقاً بأخلاق الشجر الفلسطيني الذي يفضل الموت وقوفاً ألف مرة على أن يجرح الأحبة وإن لمرة.. جربنا الشوق والحرقة والألم وبحة الناي سنوات وسنوات، فصار من عادتنا أن نحمي الآخرين بصدورنا وأرواحنا، وأن نبعد عنهم حرقة الألم.. ألف مرة سألتني عن الحب وكانت صرختك جارحة «هل تحبني، وكنت أؤثر الصمت.. فهل تسمحين لي يا سيدتي بأن أقول لك بعد أن ضاعت الطرق وتاهت وما عاد للدروب أن تلتقي «آه كم أحببتك يا سيدتي»!!..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|